تمہید لتاریخ الفلسفہ الاسلامیہ
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
اصناف
وفي دائرة المعارف البريطانية عند الكلام على كلمة «عرب»:
إنه ليس من صواب الرأي ما فعله رنان ولسن بإضافتهما صفات خاصة إلى الجنس السامي؛ هي في الواقع ناشئة عن عوامل خارجية، فهي نتيجة البيئة التي عاشوا فيها والأحوال التي اكتنفتهم، ولو أنهم عاشوا في بيئة أخرى وفي أحوال مغايرة لكانت لهم صفات جديدة.
أما الأستاذ برهيه، أستاذ تاريخ الفلسفة في السربون؛ فهو من حزب السامية والآرية، وإن لم يغرق في ذلك إغراق مواطنه جوتييه، يقول الأستاذ في كتابه في «تاريخ الفلسفة»: «كان فلاسفة العرب ممن اعتنقوا الإسلام، وكانوا يكتبون آثارهم بالعربية، لكن جمهرتهم لم تكن من أصل سامي بل من أصل آري؛ لذلك التمسوا موضوعات تفكيرهم في الكتب اليونانية، التي أخذ في ترجمتها إلى السريانية والعربية منذ القرن السادس المسيحيون النسطوريون، والتمسوها أيضا في الآثار المزدكية الباقية في فارس المختلطة أشد الاختلاط بالآراء الهندية.»
53
والأستاذ في كلامه هذا يصرح بأصل من أصول الفلسفة الإسلامية أو عنصر من عناصرها الأجنبية، لم يكن واضحا للباحثين في القرن التاسع عشر، مصرحا به تصريحا، وهو الأثر الهندي الفارسي.
أما الفريق الثاني من العلماء المعاصرين الغربيين الذين تصدوا لدرس تاريخ الفلسفة الإسلامية من غير ذكر للآرية والسامية في حكمهم على هذه الفلسفة، فمن ممثليهم الأستاذ هورتن، الذي يقول في الفصل الذي كتبه في «دائرة المعارف الإسلامية» بعنوان «فلسفة»: «يراد بهذه الكلمة النزعة اليونانية في الحكمة الإسلامية، ويجب أن يعتبر أيضا إلى جانب ذلك ما بذله المفكرون من جهود عقلية مبنية على ما كان معروفا في عصورهم من معاني البحث العلمي عن أحوال الوجود على ما هو عليه، أو على الأقل البحث عن مسائل متصلة بإدراك شامل للعالم، فهي بهذا الاعتبار ينبغي أن تعد من الفلسفة، ذلك ينطبق أولا على علم الكلام النظري الذي يرمي إلى رفع مستوى العقائد الإسلامية المحتوية على تصور للوجود بالغ من السذاجة حد الطفولة، حتى تلتئم مع مطالب العلم في ذلك الزمان.»
وبعد أن بين الأستاذ ما في مذاهب المتكلمين من آثار يونانية وفارسية وهندية، بل ومسيحية ويهودية، وبعد أن ألم بأدوار علم الكلام، عاد إلى الفلسفة يبين ما لها من شأن: «ولتقدير ما للفلسفة الإسلامية من الشأن يجب البدء ببيان ما في مذهب أرسطو من النقص، ولا نظير لأرسطو في ضبط المعاني الجزئية، لكنه لم يفلح في تقدير نسق شامل للعالم كله معتبرا في ثنايا صورة ذهنية واحدة؛ فهو لم يرد جملة العالم إلى مبدأ واحد، إنما هي اثنينية تتقابل فيها الهيولى القديمة والله.
وفي هذا المذهب الأرسططاليسي عناصر علمية نظرية ممحصة، لكن النزوع القوي إلى الاعتماد على ما في الوجود الخارجي وحده يشوبها ويعطلها، أنى جاءت الصور إذا كان الله عقلا صرفا ليس له إرادة، وهو يحيي العالم باعتباره معشوقا لا أنه العلة الفاعلة، ثم هو يجهل الجزئيات، ذلك مذهب في الألوهية ليس بفلسفي، ثم جاءت الفلسفة الإسلامية مستمدة من المذهب الأفلاطوني الجديد، فجاءت معها فكرة قوية هي فكرة الإمكان التي تحيط بجملة الموجودات وتجمعها في وحدة، فكانت هذه الفكرة نورا أضاء مسائل الموجودات الجزئية وأظهرها في أسمى مظاهرها.
كل شيء في هذا العالم يحتوي على ذات ووجود، وهما أمران ممتازان في جوهرهما، وليس هذان الأمران بمتلازمين تلازما ضروريا، فالذي يهب الوجود للأشياء ابتداء ويحفظه عليها في البقاء لا بد أن يكون موجودا واجب الوجود، فالعالم سيل من الوجود يفيض من معين لا ينضب، ويغمر كل ما عدا الله.
هذا الرأي يتخلل تاريخ الفلسفة الإسلامية إلى عهدنا الحاضر، ولا يزال يتجدد شرحه وإبرازه في الصور الواضحة، وابن رشد وحده هو الذي لم يفهمه حق الفهم.
نامعلوم صفحہ