تمہید لتاریخ الفلسفہ الاسلامیہ
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
اصناف
8
أن يحملوه على وجه يوافق ما في الملة فعلوه، فإن تضاد المشهورات والمحسوسات في الشهادة مثل أن تكون المحسوسات أو اللوازم عنها توجب شيئا، والمشهورات أو اللوازم عنها توجب ضد ذلك، نظروا إلى أقواهما شهادة لما في الملة فأخذوه واطرحوا الآخر وزيفوه.
فإن لم يمكن أن تحمل لفظة الملة على ما يوافق أحد هذه، ولا أن يحمل شيء من هذه على ما يوافق الملة، ولم يمكن أن يطرح ولا أن يزيف شيء من المحسوسات ولا من المشهورات ولا من المعقولات التي تضاد شيئا منها، رأوا حينئذ أن ينصروا ذلك الشيء بأن يقال إنه حق لأنه أخبر به من لا يجوز أن يكون قد كذب ولا غلط، ويقول هؤلاء في هذا الجزء من الملة بما قاله أولئك الأولون في جميعها.
فبهذا الوجه رأى هؤلاء أن ينصروا الملل.
وقوم من هؤلاء رأوا أن ينصروا أمثال هذه الأشياء، يعني التي يخيل فيها أنها شنعة، بأن يتتبعوا سائر الملل؛ فيلتقطوا الأشياء الشنعة التي فيها، فإذا أراد الواحد من أهل تلك الملل تقبيح شيء مما في ملة هؤلاء، تلقاه هؤلاء بما في ملة أولئك من الأشياء الشنعة فدفعوه بذلك عن ملتهم.
وآخرون منهم لما رأوا أن الأقاويل التي يأتون بها في نصرة أمثال هذه الأشياء ليست فيها كفاية في أن تصح بها تلك الأشياء صحة تامة، حتى يكون سكوت خصمهم لصحتها عنده لا لعجزه عن مقاومتهم فيها بالقول، اضطروا عند ذلك إلى أن يستعملوا معه الأشياء التي تلجئه إلى أن يسكت عن مقولتهم إما خجلا وحصرا أو خوفا من مكروه يناله.
وآخرون لما كانت ملتهم عند أنفسهم صحيحة لا يشكون في صحتها، رأوا أن ينصروها عند غيرهم، ويحسنوها ويزيلوا الشبهة منها، ويدفعوا خصومهم عنها بأي شيء اتفق، ولم يبالوا بأن يستعملوا الكذب والمغالطة والبهت والمكابرة؛ لأنهم رأوا أن من يخالف ملتهم أحد رجلين:
إما عدو، والكذب والمغالطة جائز أن يستعمل في دفعه وفي غلبته، كما يكون ذلك في الجهاد والحرب.
وإما ليس بعدو، ولكن جهل حظ نفسه من هذه الملة لضعف عقله وتمييزه، وجائز أن يحمل الإنسان على حظ نفسه بالكذب والمغالطة، كما يفعل ذلك بالنساء والصبيان.
9
نامعلوم صفحہ