============================================================
النسهيد شح معالمر العدل والتوحيل وأما أن ما لا دليل عليه وجب نفيه فيثبتونه بوجهين: أما أولا فتجويز ذلك يؤدي إلى القدح في العلوم الضرورية؛ لجواز أن يكون بين أيدينا جبال شامخة وأصوات هائلة ونحن لا ندركها، لجواز أن يكون الله تعالى قد خلق في أعيننا مانعا عن إدراكها.
ال وأما ثانيا فتجويز ذلك يؤدي إلى فساد العلوم النظرية؛ لأنا إذا جوزنا دليلا علميا فلعل في بعض مقدماته خللا ولم نقف عليه نحن ولا غيرنا، ودفع هذا الاحتمال يكون بدليل آخر، والكلام فيه كالكلام في الأول، إلى غير غاية وهو محال.
وهذه الطريقة ضعيفة؛ لأن قولهم في الشيء الفلاني أنه لا دليل عليه إما أن يعنوا أنهم لم يعلموا دليل ثبوته أو أنه لا دليل عليه في نفس الأمر.
فإن عنيتم الأول كان حاصل كلامكم الشيء الفلاني لا نعلم دليل ثبوته، وكل ما لا نعرف دليل ثبوته وجب نفيه. فعلى هذا التقدير تكون المقدمة الأولى حق لكن المقدمة الثانية تكون ظاهرة الفساد؛ لأنه لو كان عدم علم الإنسان بدليل ثبوت شيء دليلا على عدم ذلك الشيء للزم من هذا أن يكون العوام كلهم جازمين بنفي الأمور التي لا يعلمون دليلا على ثبوتها، ويلزم أن يكون المنكرون للصانع والتوحيد والنبوة قائلين بنفيها لانتفاء علمهم بأدلة هذه الأمور، بل يلزم أن يكون الإنسان كلما كان أقل علما بالدلائل أن يكون أكثر علما، وفساد هذا ظاهر ال وإن عنيتم الثاني كان حاصل كلامكم: الشيء الفلاني لا دليل على ثبوته في نفس الأمر، وكل ما كان كذلك وجب نفيه. لكن المقدمة الأولى لم تتضمن بطلان أدلة المثبت، ثم لو سلمنا أنها تتضمن بطلانها فلا يلزم من بطلان أدلة المثبت ألا يكون ذلك الشيء ثابتا؛ لجواز
صفحہ 35