============================================================
السهيد شح معالم العدل والنوحيل وعدم القرب القريب والبعد البعيد وارتفاع الحجب، وإما أن يكون شرطا آخر وراء هذه الشروط. والأول باطل؛ لأن تلك الشرائط لا يعقل ثبوتها إلا في حق الأجسام، والله تعالى ليس بجسم، فيستحيل تحققها في حقه. وما استحال ثبوته استحال كونه شرطا في ثبوت غيره؛ لأن ثبوت كون الشيء شرطا في غيره مسبوق بصحة إمكانه، فإذا كان مستحيلا بطل كونه شرطا. والثاني باطل أيضا؛ لأنا لو وقفنا صحة حصول الادراك على شرط آخر سوى هذه الشروط المعقولة لزمنا الجهالات العظيمة، إذ من الجائز أن يقال الحي السليم بعد استجماع هذه الشرائط لا يحصل له الإدراك لعدم حصول ذلك الشرط، وذلك يوقعنا في كل جهالة على ما مر تقريره في مسألة الإدراك. فثبت أن المقتضي لكون البارئ تعالى مدركا حاصل والشرائط التي يمكن كونها شرائط في حقه تعالى فهي بأسرها حاصلة، فوجب القطع بكونه تعالى مدركا.
هذا مدخص كلامه في المعتمد بعد حذف أكثر فضلاته.
الطريقة الثالثة سمعية، وهي أنا نستدل بالآيات الدالة على كونه تعالى سامعا رائيا مدركا، كقوله تعالى: (إنني معكما أشمع وأرى)(1) وقوله تعالى: (لا تذركه الأبصار وهو يذرك الأبصار)(2) وقوله تعالى: (قذ سمع الله قؤل التي تجادلك في زوجها)(3) وقوله تعالى: (والله يسمع تحاوركما). فنقول: هذه الألفاظ موضوعة لهذه الإدراكات المخصوصة، وحقيقة السمع والبصر والإدراك موضوع في اللغة على هذا الأمر الزائد الذي قررناه، فإذا كانت حقيقة هذه الألفاظ موضوعة على هذا الأمر الزائد ولم يكن مستحيلا على الله تعالى اال وجب حمل هذه الآيات على ظاهرها، ولم يجز صرفها عن ظاهرها لغير أمر يقتضي ذلك، ا- سورة طه: آية 41.
2- سورة الأنعام: آية 103.
3- سورة المجادلة: آية 1.
صفحہ 197