قال في الذخيرة وقف على قوم معينين فأجرهم القيم الوقف جاز؛ لأنهم لا حق لهم في الرقبة وإنما حقهم في الغلة فصاروا في حق الرقبة كالأجانب إلا أنه يسقط حصة المستأجر من الأجرة؛ لأنه لو أخذ منه يسترد له وفي القنية لو أجر القيم نفسه للعمل في الوقف فعمل يستحق الأجرة وبه يفتى، ولو عمل من غير عقد يستحق الأجرة وعليه العمل والكلام في الإجارة في مواضع: الأول في معناها لغة قيل هي بيع المنافع قال العيني وفيه نظر قال قاضي زاده، قولهم الإجارة في اللغة بيع المنافع قال الشارح العيني فيه نظر؛ لأن الإجارة اسم للأجرة وهي ما أعطيت من كراء الأجير كما صرحوا به قال قاضي زاده والنظر المذكور وارد؛ لأن المذكور في كتب اللغة إنما هو الإجارة التي هي اسم الأجرة والذي هو بيع المنافع الإيجار لا الأجرة، قال العيني وتجوز أن تكون الإجارة مصدرا قال قاضي زاده ولم يسمع في اللغة أن الإجارة مصدر وفي المضمرات يقال: أجره إذا أعطاه أجرته والأجرة ما يستحق على عمل الخير ولهذا يدعى به يقال آجرك الله وعظم الله أجرك، وفي كتاب العيني أجره مملوكي وآجره إيجارا فهو مؤجر وفي الأساس أجرني داره فاستأجرتها وهو مؤجر ولا يقل مؤاجر فإنه خطأ وقبيح قال وليس آجر هذا فاعل، بل هو أفعل. اه. .
وأما دليلها من الكتاب فهو قوله تعالى حكاية عن شعيب: {على أن تأجرني ثماني حجج} [القصص: 27] . وشريعة من قبلنا شريعة لنا إذا قصها الله علينا من غير إنكار ومن السنة قوله - عليه الصلاة والسلام -: «أعطوا الأجير أجرته قبل أن يجف عرقه» ، ومن الإجماع فإن الأمة أجمعت على جوازها، وسبب المشروعية الحاجة؛ لأن كل إنسان لا يجد ما يشتري به العين فجوزت للضرورة، وأما ركنها فهو الإيجاب والقبول والارتباط بينهما، وأما شرط جوازها فثلاثة أشياء: أجر معلوم، وعين معلوم، وبدل معلوم، ومحاسنها دفع الحاجة بقليل المنفعة، وأما حكمها فوقوع الملك في البدلين ساعة فساعة، وأما ألفاظها فتنعقد بلفظين ماضيين أو يعبر بأحدهما عن الماضي والآخر عن المستقبل كقوله أجرتك وأعرتك منفعة داري سنة بكذا وتنعقد بالتعاطي كما في البيع وفي التتارخانية وتنعقد الإجارة بغير لفظ كما لو استأجر دارا سنة، فلما انقضت المدة قال ربها للمستأجر فرغها لي اليوم وإلا فعليك كل شهر بألف درهم فتجعل في قدر ما ينقل متاعه بأجرة المثل فإن سكن شهرا فهي بما قال المالك إلى آخر ما ذكر.
وصفتها أنها عقد لازم وفي العناية ويثبت في الإجارة خيار الشرط والرؤية والعيب كما في البيع اه.
وأفاد المؤلف أن عقد الإجارة ينعقد بإقامة العين مقام المنفعة ولهذا لو أضاف العقد إلى المنافع فلا تجوز بأن قال أجرتك منافع داري بكذا شهر وإنما يصح إضافته إلى العين، والمراد من المنفعة أن تكون مقصودة من العين فلو استأجر ثيابا ليبسطها ولا يجلس عليها ولا ينام أو دابة ليربطها في داره ويظن الناس أنها له أو ليجعلها جنيبة بين يديه أو آنية يضعها في بيته يتجمل بها ولا يستعملها فالإجارة في جميع ذلك فاسدة ولا أجرة له؛ لأن هذه المنفعة غير مقصودة. كذا في الخلاصة في الجنس الثالث من الدواب كما في البيع اه.
قال - رحمه الله - (وما صح ثمنا صح أجرة) لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن المبيع، ثم إن كانت الأجرة عينا جاز أن يكون كل عين بدلا عن المبيع ولا ينعكس حتى صح أجرة ما لا يصح ثمنا كالمنفعة فإنها لا تصح ثمنا وتصح أجرة إذا كانا مختلفي الجنس كما سيأتي وفي الجوهرة ولو كان عبد بين اثنين فأجر أحدهما نصيبه من شريكه على أن يخيط معه شهرا على أن يخدم الآخر في الشهر الثاني لم يجز من جهة أن النصيبين في العبد الواحد متفقان في الصفقة، ولو كان في العبدين جاز اه.
وإن كانت الأجرة دراهم أو دنانير لا بد من بيان القدر والصفة وأنه جيد أو رديء وإن كانت النقود مختلفة انصرفت إلى غالب نقد البلد وإن كانت الأجرة مكيلا أو موزونا يحتاج إلى بيان القدر والصفة ومكان الإيفاء هذا إذا كان له حمل ومؤنة عند الإمام وإلا فلا يحتاج إلى بيان مكان الإيفاء وإن كانت ثيابا أو عروضا فالشرط بيان القدر والأجل والصفة؛ لأنه لا يثبت في الذمة إلا بهذا، هذا إذا لم يكن مشارا إليه وفي الهداية وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان التي ليست من ذوات الأمثال كالحيوان والثياب مثلا فإنها إذا كانت معينة تصلح أجرة ولا تصلح ثمنا كما إذا استأجر دارا بثوب معين فإنه لا يصلح ثمنا لما تقرر في كتاب البيوع، إذ الأموال ثلاثة ثمن محض كالدراهم والدنانير، ومبيع محض كالأعيان
صفحہ 3