تجرید
شرح التجريد في فقه الزيدية
اصناف
واستدل على ذلك أصحابنا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر من قهقة في الصلاة بإعادة الوضوء، والصلاة، فقالوا: إنما أمر بذلك من حيث كان الضحك معصية؛ لأن الضحك ليس بحدث؛ إذ لو كان حدثا لكان لا فصل بين كونه في الصلاة، وخارجا من الصلاة، كسائر الأحداث، فإذا ثبت ذلك ثبت أن المعاصي تنقض الطهارة، قياسا على القهقة في الصلاة الواقعة على سبيل العمد.
فإن قيل: قولكم هذا يقتضي أن الفاسق لا صلاة له، فإنه يلزمه إعادتها؛ لأنه أبدا في حكم المحدث حتى يتوب، وهذا خلاف الإجماع.
قيل له: ليس الأمر كما(1) ذكرت؛ لأنه لا يصير في حكم المحدث إلا إذ استحدث فعل الكبيرة، فإذا استحدث فعل الكبيرة، بين الوضوء والصلاة فعليه تجديد الطهارة، وإن لم يستحدث كان على الطهارة، وليس يجب أن يكون حصوله غير تائب بمنزلة الحدث، بل الذي بمنزلة الحدث إنما هو فعل المعصية.
فإن قيل: فقد(2) روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال: (( لا وضوء إلا من صوت، أو ريح ))؟
قيل له: الأدلة كلها كالدليل الواحد، فكأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، أو كبيرة؛ للأدلة التي قدمناها، وهذا الجنس من التأويل لا بد لجميع الأمة منه؛ إذ لا أحد منهم إلا وهو(3) يقول: إن الطهارة تنتقض من غير صوت أوريح، والأقرب أن هذا الخبر ورد في من شك هل أحدث ريحا، أم لا، ويؤيد هذا الذي ذكرناه ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (( إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين إليتيه، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا )).
فإن قيل: إن الخبر لا يجب قصره على السبب الذي خرج عليه عندكم، بل يجب حمله على ما يقتضيه اللفظ.
صفحہ 117