116

وروى أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، قال: نبئت أن شيخا من الأنصار كان يمر بمجلس لهم فيقول: أعيدوا الوضوء، فإن بعض ما تقولون شر من الحدث.

وروى ابن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، عن هشام، عن محمد، قال: قلت لعبيدة: فيم يعاد الوضوء؟ قال: من الحدث، وأذى المسلم.

والذي يدل على ذلك قوله تعالى: {ولا تجهروا له بالقول..} الآية[الحجرات:2] وقوله سبحانه: {لئن أشركت ليحبطن عملك}، فثبت أن المعاصي تحبط الأعمال، وإحباط الأعمال إنما هو إحباط أحكامها وثوابها؛ لأن أعيانها قد عدمت، وإذا كان الأمر على ما ذكرنا، ثبت بطلان طهارة العاصي، فوجب إعادتها.

فإن قيل: الإحباط يتناول ثواب الأعمال، دون سائر أحكامها، ألا ترى أن أحكام الشهادة ثابتة للفاسق؟ ولا يجب عليه أيضا إعادة سائر الطاعات.

قيل له: الآية تقتضي بطلان جميع أحكامها إلا ما خصه الدليل، فسائر ما ذكرت لولا أن الدليل قد خصه، لقلنا: إن جميعه قد بطل، وإذا ثبت هذا، ثبت وجوب بطلان جميع(1) أحكام الوضوء، إذ لا دليل على أن بعضها ثابت.

فإن قيل: إذا ثبت أن الثواب مراد بالإحباط، لم يجز أن يراد به سائر الأحكام؟

قيل له: عندنا أن اللفظة الواحدة يجوز أن يراد بها المعنيان المختلفان، فلا معنى لهذا السؤال عندنا.

ويدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عبد الملك الشامي، حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا بذل بن المحبر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: (( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا بالوضوء من الحدث، ومن أذى المسلم )).

وإذا ثبت أن أذى المسلم ما لم يكن كبيرة لم تنتقض الطهارة به بالإجماع، ثبت أن الناقض منه ما كان كبيرة، فيجب أن يقاس عليه سائر الكبائر/57/.

صفحہ 116