تحقیق وصول
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
اصناف
20
[aphorism]
قال أبقراط: «الأشياء» المولدة للأمراض «التي ينبغي أن تستفرغ» من البدن «ينبغي» أن يراعى فيها أمور. قال القرشي والأشياء التي يجب مراعاتها في كل استفراغ عشرة: أحدها الامتلاء فالخلاء مانع، وثانيها القوة فالضعف مانع، وثالثها المزاج فإفراط الحرارة واليبس أو البرد مانع وقلة الدم مانع، ورابعها السحنة فإفراط القضافة * والتخلخل (154) PageVW0P022B * مانع (155) وإفراط السمن مانع، وخامسها الأعراض اللازمة كالاستعداد للذرب وقروح الأمعاء مانع، وسادسها السن فالهرم والطفولية * كل منهما (156) مانع، * وسابعها الوقت فالقائظ وشديد البرد مانع (157) ، وثامنها البلد فالحار والبارد المفرطان مانعان، وتاسعها الصناعة فالشديدة التحليل * كالقميم (158) بالحمام * مانع (159) ، وعاشرها العادة فمن لم يعتد الاستفراغ لا يهجم على استفراغه بدواء قوي. هذا وينبغي أن يقصد في كل استفراغ خمسة أمور أيضا وهي التي PageVW1P025A تعرض لها المصنف هنا الأول «أن يستفرغ من المواضع التي * هي (160) إليها أميل» لأنه أسهل وأقل كلفة على القوى كاستفراغ مادة الغثيان بالقيء ومادة الحصا بالإدرار ومادة المغص بالإسهال. ويعتبر في هذا الأمر شروط: الأول أن لا يلزم ذلك تضرر عضو رئيس * لعبور (161) المادة عليه عند استفراغ المادة منه إذا توجهت إليه كالدماغ مثلا، الثاني أن لا يلزم ذلك تضرر عضو شريف بالاستفراغ منه عند توجه المادة إليه كالرئة، الثالث أن لا يلزم ذلك تضرر عضو ذكي الحس باستفراغ المادة منه عند توجهها إليه كالعين، وربما كان العضو الذي مالت المادة إليه أخس من المنقول عنه المادة لكنه أقل صبرا على ما يرد عليه من PageVW0P023A المواد عند الاستفراغ منه كما إذا مالت * مادة (162) عضو رئيس إلى الأمعاء عند سحجها فلا تستفرغ منه، وربما كان استفراغ المادة من الجهة التي مالت إليها يوجب عبورها على عضو رئيس ولكن في الغالب لا يضر ذلك فيقدم عليه، كاستفراغ مادة الحمى بالإسهال، وإن لزم ذلك عبور المادة على الكبد، «و» الأمر الثاني من الأمور الخمسة أن يكون الاستفراغ PageVW1P025B «من الأعضاء التي تصلح * لاستفراغها (163) » وتتم هذه الصلاحية بأمور أحدها أن يكون العضو المستفرغ منه مشاركا للعضو المستفرغ * عنه (164) مشاركة قريبة، الثاني * أن يكون العضو المجتمع منه (165) محاذيا للمأوف، الثالث أن يكون العضو المخرج منه أخس من العضو المنقول عنه المادة وأصبر على مرور المادة * وخاليا (166) عن مرض يخشي زيادته، الرابع أن لا يكون خروج المادة من هناك منافيا للأمر الطبيعي. هذا والأمر الثالث من الأمور الخمسة يتضمنه للفصل الذي نذكر الآن.
21
[aphorism]
قال أبقراط:« * إنما (167) ينبغي لك أن تستعمل الدواء» المسهل لأن الدواء إذا أطلق فالمراد منه المسهل، والمسهل يكون بالتليين كالترنجبين ويكون * بالإزلاق (168) كالسبستان ويكون بالعصر كالهليلجات ويكون بالجلاء كالبورق ويكون بقوة كالمحمودة وهذا هو PageVW0P023B المسهل الحقيقي «أو التحريك» وهو نقل المادة وميلها من موضع إلى موضع آخر إلا «بعد أن ينضج المرض» أي مادته والنضج هو إحالة الحرارة للجسم ذي الرطوبات إلى موافقة الغاية المقصودة. * «فأما (169) ما دام» الموجب PageVW1P026A للمرض «نيا * وفي (170) أول المرض فلا ينبغي لك أن تستعمل ذلك» أي الدواء المسهل والتحريك «إلا أن يكون المرض مهياجا» وهو الذي تكون مواده شديدة التحريك * من (171) عضو إلى آخر «وليس يكاد * في أكثر الأمر أن يكون المرض (172) مهياجا» وذلك لأنه علم بالتجربة أن * سيلان (173) الكيموسات من عضو إلى عضو قل ما يكون. وأما في أكثر الأمر فتكون الكيموسات ساكنة ثابتة في عضو واحد. تتمة: قال القرشي: المستفرغ قد يقصد به تنقيص المادة فلا يجب فيه انتظار إلا أن تكون المواد شديدة الغلظ واللزوجة وقد يقصد به استئصالها، فإن كان المرض مزمنا وجب انتظار النضج * وإن كان حادا فالأكثون على أن انتظار النضج (174) أولى خصوصا إذا كانت المادة في تجاويف المفاصل أو مداخلة للأعضاء أو بعيدة كما إذا كانت بقرب الجلد، اللهم إلا أن يكون المرض مهياجا فتكون المبادرة إلى الاستفراغ أولى. وقال بعضهم إن المبادرة إلى الاستفراغ في PageVW0P024A جميع الأمراض الحادة أولى وقد رد هذا والأمر الرابع من الأمور الخمسة يرشد إليه هذا الفصل. PageVW1P026B
22
[aphorism]
قال أبقراط: «ليس ينبغي أن يستدل على المقدار الذي يجب أن يستفرغ من البدن من كثرته» فإن ذلك لا يدل عليه دلالة * بينة (175) فإن الامتلاء قد يكون مفرطا فلا يدل الخارج مع كثرته على النقاء «لكنه ينبغي أن يستغنم الاستفراغ ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الذي يستفرغ والمريض محتمل له بسهولة وخفة» أي الذي يدل على النقاء أمران الأول أن الاستفراغ إذا انتهى إلى خروج عن النوع المقصود استفراغه فقد بلغ وحصل نقاء البدن منه، الثاني إذا انتهى حال المريض بالإسهال إلى عدم احتماله له وذلك يكون إذا انتهى المسهل إلى إخراج الصالح * المنتفع (176) به ويدل أيضا على النقاء كثرة العطش والنوم بعد الإسهال وحيث ينبغي الاستفراغ وذلك بأن يكون من النوع الذي ينبغي أن يستفرغ وقوة المريض محتملة له «فليكن الاستفراغ» حينئذ «حتى يعرض الغشي» الكائن عن كثرة الاستفراغ. أما الكائن PageVW0P024B عن خوف المريض أو عن خلط حاد ينصب إلى * فم (177) المعدة فلا يدل على مبالغة الاستفراغ «وإنما ينبغي PageVW1P027A أن يفعل ذلك» بأن تبالغ في الاستفراغ إلى حد الغشي «متى كان المريض * محتملا (178) له» أي للغشي. أما من لم يحتمل الغشي كالجبان أو من قلبه ضعيف فينبغي أن لا يفعل * ذلك معه (179) . مهمة: عبارة جالينوس صريحة في أن حصول الغشي حد لنهاية الاستفراغ وهذه عبارته وقد جربنا هذا الاستفراغ مرارا كثيرة لا تحصى فوجدناه ينفع منفعة قوية وذلك أن استفراغ الدم بالفصد إلى أن يحصل الغشي في الحمى المفرطة الحرارة تحدث للبدن كله على المكان برد ويطفئ الحمى وفي أكثر من يفعل به ذلك تستطلق بطنه ويجري منه عرق كثير وبعضهم ينتفع به منفعة عظيمة وتنكسر به عادية المرض وشدته ولا أعلم في الأوجاع الشديدة المفرطة علاجا أقوى وأبلغ من الاستفراغ إلى أن يعرض الغشي. تنبيه: قال ابن القف معنى قول أبقراط إنه إذا حصل الأمراض فلتستغنم الاستفراغ وتبالغ فيه حتى يعرض الغشي أنه على طريق المبالغة والتأكيد PageVW0P025A وليس معناه أن يجعل الغشي حدا للاستفراغ لأنه يشكل بأمر وهو أنه قد ينقي PageVW1P027B البدن من الشيء الذي يجب أن يستفرغ والغشي لم يحصل، فإن استمر الاستفراغ بعد الفراغ مما يجب استفراغه إلى أن يحصل الغشي تلف البدن، وإن لم يستمر فقد حصل النقاء وإن لم يحصل الغشي، أقول وهذا الإشكال مردود فإن الإمام أمر بالاستفراغ إلى حد الغشي ما دام المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن يستفرغ وحال المريض محتمل له فإذا انتفى كون المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن يستفرغ * فلا يستمر في الاستفراغ (180) إلى حد الغشي بل يجب القطع حينئذ * وهو مفهوم من عبارة الفصل (181) ومناسبة الفصل الذي سيذكر له من حيث اشتمال كل منهما على ذكر الاستفراغ.
23
نامعلوم صفحہ