تحقیق وصول
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
اصناف
* بسم الله الرحمن الرحيم وبه التوفيق.
قال شيخنا الشيخ الإمام العالم العلامة الحبر الفهامة، مفحم المناظرين، قطب دائرة المتطببين، أوحد المجتهدين، أبو الهمم نور الدين، علي المناوي، متعنا الله بطول بقاءه، وزاد في عليائه، وأعاد علينا من بركاته وبركات علومه الزاخرة، وجمع لنا وله بين خيري الدنيا والآخرة بمحمد وآله * آمين. (1)
* بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد. (2)
الحمد لله مفيض الحكمة وفصل الخطاب بالإفضال، الذي خلق الإنسان وصوره على أحسن الصور والأشكال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل مرسل أزيل به الإشكال، محمد الهادي لطريق الحق الماحي لطريق الضلال، وعلى آله وصحابته الأنجم الزواهر ما اخضر نجم في الغبراء وطلع في السماء نجم باهر.
وبعد فإن علم * الطب (3) قرين لعلم الأديان، وموضوعه أشرف مواليد الأركان، وغايته حفظ الصحة موجودة وردها * لبدن الإنسان مفقودة (4) فيالها من أمور قد شرف بها وتوفرت الدواعي عليه بسببها. * وقد اشتمل (5) الكتاب الموسوم بالفصول للإمام الأوحد أبقراط الموصل * للأصول (6) PageVW1P002A على جمل منه وأحكام محكمات مستندة للقياس والأمور المجربات، فشرعت في شرح له ممزوج بالأصل، مستوفيا للفائدة في كل فصل فصل، وقررت في الغالب على وجه يدفع اعتراضات أوردت عليه، وقد أصرح بالاعتراض وأضم جوابه إليه مقتبسا من شرحه للإمام العالم العلامة الشيخ علاء الدين بن * النفيس (7) ومن شرحه للشيخ الإمام ابن أبي صادق PageVW0P002A ومن شرحه لفيلسوف الزمان الآتي بالعجائب في هذا الشان جالينوس ومن شرحه للفيلسوف * الأستاذ (8) ابن القف مضيفا لذلك ما تيسر لي من الأبحاث من فضل الله تعالى منيل الخيرات. وسميته بتحقيق الوصول إلى شرح الفصول * ونسأل (9) الله العظيم أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ويعصمني من الزيغ والزلل ويوفقني لصالح القول والعمل، وإن ينفع به كما نفع بأصله وهو حسبنا PageVW1P002B ونعم الوكيل. هذا وينبغي أن نقدم أمام الكلام على المقالات التي رتب عليها الكتاب مقدمة، فنقول: الطب علم يقصد منه معرفة كيفية حفظ الصحة * حاصلة (10) وردها لبدن الإنسان مفقودة، وموضوعه بدن الإنسان من حيثية حفظ الصحة وإزالة المرض، وغايته أن يبلغ كل إنسان أجله المقدر له في الأزل، وذلك بأن يحمي رطوبته عن التعفين البتة وعن التحليل الزائد على المجرى الطبيعي، وبهذا يندفع ما قيل إذا كان الموت حقا فلا حاجة إلى علم الطب. فإن قيل إذا اقتضى علمه تعالى وقدرته وإرادته أن زيدا لا يمرض أو يمرض ويبرأ أو يمرض ولا يبرأ فإن كان الأول استغني عن الطب وإن كان الثالث لم يفد استعماله PageVW0P002B شيئا. وأجاب القرشي وابن القف بأنه يقال لهذا المعترض اترك الأكل والشرب لأن هذا المذكورات إن اقتضت حياته فلا يضره ترك الأكل والشرب، وإن لم تقتض هذه الأمور حياته لم يفده الأكل والشرب شيئا. فما أجاب به فهو جواب له ويظهر لي جواب آخر، وهو أن يقال PageVW1P003A أن هذه الأمور اقتضت صحة زيد مثلا * بمراعاته لأسباب تحفظ صحته عليه أو أنه يبرأ (11) بمراعاته لأسباب تزيل مرضه أو أنه لا يبرأ لعدم مراعاته لما يزيل مرضه من الأسباب. هذا والأقدمون كانوا يقدمون أمورا قبل الكلام على المقصود يسمونها الرؤوس الثمانية. الأول: الغرض لئلا يكون طلبه عبثا. الثاني: المنفعة ليحصل الاشتياق والنشاط للطالب ويتحمل المشاق. الثالث: السمة وهي عنوان العلم ليكون عنده اجمال ما يفصله. الرابع: من أي علم هو، ليطلب فيه ما يليق به. الخامس: من أي مرتبة هو، ليقدم على ما يجب وليؤخر عن ما لا يجب. السادس: القسمة أي التبويب، ليطلب في كل باب ما يليق به. السابع: الأنحاء والطرق التعليمية كطريق التركيب والعكس مثلا. مثال الثاني هو أن تنظر إلى الشيء الذي تريد علمه فتضعه في وهمك من أوله إلى أخره، ثم PageVW0P003A تبتدي من آخره راجعا بالعكس فتنظر في شيء شيء منه فيما لا يقوم ذلك الشيء إلا به إلى أن تنتهي إلى أوله. مثال ذلك الإنسان فإنك تقيم جملته PageVW1P003B في وهمك ثم تقول بدن الإنسان يتحلل إلى الأعضاء الآلية والأعضاء الآلية تتحلل إلى الأعضاء المتشابهة الأجزاء والأعضاء المتشابهة الأجزاء تتحلل إلى الأخلاط والأخلاط تتحلل إلى النبات الذي هو الغذاء، والنبات إلى * الاسطقسات (12) التي منها تركيب الأغذية وطريق التركيب مضادة لهذا المسلك، أعني * أنك (13) تبتدي من الشيء الذي انتهيت إليه بطريق التحليل، وتركب تلك الأشياء * التي (14) كنت حللتها بعضها إلى بعض حتى ينتهي التركيب إلى آخره. مثال ذلك أن تقول الاسطقسات يتركب منها النبات والنبات يتركب منه الأخلاط والأخلاط يتركب منها الأعضاء * المتشابهة الأجزاء والأعضاء المتشابهة الأجزاء يتركب منها الأعضاء (15) الآلية ومن الآلية يتركب جميع البدن. الثامن وهو تمام الرؤوس الثمانية المؤلف ليسكن قلب المتعلم. ولنذكر نبذة من أحوال أبقراط، فنقول هو إمام هذه الصناعة وهو أول من دون صناعة الطب وأظهرها. وكانت مدة حياته خمسة وسبعين سنة منها صبي متعلم ستة عشر سنة وعالم * معلم (16) PageVW0P003B تسعة * وخمسون (17) سنة، وله مصنفات كثيرة، PageVW1P004A ومن جملتها كتاب الفصول هذا، وهو يشتمل على تعريف جمل الطب ليكون قوانين في نفس الطب يقف بها على ما يتلقاه من أعمال الطب وهو يحتوي على جمل ما أودعه في سائر كتبه، وهذا ظاهر لمن تأمل فصوله. ثم اعلم أن هذا الكتاب قد غيرت ألفاظه من لغته الأصلية إلى لغة غيرها، فلذلك ربما يقع تعقيد في حصول المعنى، فإذا علم المراد في مثل هذه المواضع بالقرائن فيؤخذ. واعلم أيضا أن الله تعالى خلق قوة مدبرة للبدن وهي سبب لدرء المفاسد عنه وجلب المصالح إليه، وهي التي تسميها الأطباء الطبيعية. واعلم أيضا أن أحكام الطب في الأكثر أكثرية.
هذا والآن نشرع في المقصود بعون ذي القوة والجود، فنقول:
أما المقالة الأولى من المقالات السبع التي رتب عليها هذا الكتاب،
فهي تشتمل على فصول.
قال جالينوس أن معظم من فسر هذا الكتاب قالوا أن الفصل الأول منها صدر له سواء كان فصلا واحدا أو فصلين، لكن اختلفوا في المراد منه على أوجه كثيرة. قال القرشي والحسن منها أنه PageVW0P004A يجوز أن PageVW1P004B يكون مراده بذلك إقامة عذره في تصنيف الكتب لأن عمر الإنسان لا يفي بابتداع الصناعة الطويلة. ويجوز أن يكون مراده إقامة عذره في تصنيف هذا الكتاب على هذا الطريقة ليكون أسهل ضبطا، ويجوز أن يكون مراده بذلك إقامة عذر الطبيب إذا أخطأ، ويجوز أن يكون مراده حث المتعلم على * تحصيل (18) هذه الصناعة، ويجوز أن يكون مراده امتحان همة الطالب. ويظهر لك ما ذكر إذا تأملت فيما يقال لك الآن.
1
نامعلوم صفحہ
[aphorism]
قال أبقراط: العمر، وهو مدة بقاء النفس الناطقة مع الجسم،
[commentary]
قصير: إذ غالب الأعمار ما بين الستين والسبعين، وأطولها مدة مائة وعشرون سنة، وهذا هو العمر الطبيعي. والعمر لا يجاوز هذه المدة إلا نادرا. والله أعلم. تنبيه: اعلم أن هذا الحكم من الإمام إنما هو بحسب زمانه، وحينئذ فلا يرد الاعتراض بالأعمار الطويلة المنقولة في التواريخ المؤيدة بالكتب الإلهية كعمر السيد نوح عليه الصلاة والسلام، وأعمار غيره ممن وجد في سالف الدهور، وذلك لأن هذه الأعمار كانت موجودة قبل زمانه انتهى.
والصناعة: ملكة نفسانية تقتدر بها على استعمال موضوعات PageVW0P004B ما نحو غرض من الأغراض على سبيل الإرادة صادرة عن بصيرة بحسب الممكن فيها. وقال بعض العلماء هي ملكة حاصلة من * التمرن (19) على العمل، والمراد بها هنا الطب.
طويلة: وذلك لأن الطب مسائله تتغير بتغير تغيرات أبداننا، وهي متجددة على اللحظات. تنبيه: اعلم أن جالينوس قال إن العمر قصير بالنسبة إلى الصناعة والصناعة طويلة في نفسها. والذي ارتضاه القرشي أن العمر قصير في نفسه * والصناعة طويلة في نفسها وقيل المراد أن العمر قصير بالنسبة إلى الصناعة (20) والصناعة طويلة بالنسبة إلى العمر، فعلى هذا يكون قوله: والصناعة طويلة مستغنى عنه. ولا يلزم هذا على ما ذهب إليه جالينوس، إذا الصناعة عنده طويلة في نفسها ولا على ما اختاره القرشي وهو ظاهر، لكن يلزم قول القرشي أن تكون الصناعة طويلة بالنسبة إلى العمر والعمر * قصيرا (21) بالنسبة إليها.
والوقت ضيق: والمراد به الزمان الذي يتمكن الإنسان من صرفه إلى الاشتغال بالصناعة، وهو المراد بقول بعضهم * أنه (22) وقت التعليم. وقال جالينوس: المراد به وقت استعمال التدابير الجزئية ولا يخفى ضيقه بكل واحد من هذين المعنيين. أما على المعنى الثاني، فواضح، وأما PageVW1P005B على المعنى * الأول (23) PageVW0P005A فلكثرة الموانع من * الاشتغال (24) .
والتجربة : هي امتحان فعل ما يورد على البدن إما * لتحقق (25) دلالة القياس أو * لغيره (26) .
خطر: لشدة قبول أبداننا للفساد مع * شرفها (27) . وقال جالينوس أصحاب القياس فهموا من قوله: «القضاء» القياس، وهذا يكون من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم. وقيل المراد الحكم على المريض بما يؤول إليه حاله من صحة أو عطب. وقيل المراد الحكم بموجب التجربة وبالجملة فذلك عسر شاق، وعسر القضاء وخطر التجربة يدلان على صعوبة إدراك هذه الصناعة لأن اكتسابها إنما يتم بهما. هذا آخر الفصل الأول عند القائلين به.
وقد ينبغي لك: أيها القارئ لكتابنا المتعلم منه. ابتدأ الفصل الثاني أن لا تقتصر: إذا كنت معالجا على توخي: أي تحري، وهو الاجتهاد في طلب فعل ما ينبغي: أن تفعله من التدبير الصواب دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره: من الخدام والعواد كذلك: وذلك بأن يكونوا مطيعين لما تشير إليه، وكذلك الأشياء التي من خارج: وذلك كالأخبار PageVW1P006A السارة ولقاء الأحبة ونحو ذلك. واعلم أن الفصل الثاني وإن كان ظاهرة المشورة فمقصود الإمام به الإخبار وحينئذ يكون PageVW0P005B مناسبا للفصل الأول، وذلك لأنه لما أخبر أولا بقصر العمر وطول الصناعة كأنه أخبر ثانيا بأن استعمالها عسر، ولما كانت هذه المقالة مشتملة على قوانين التغذية، وهي إنما تكون بعد نقص الفضول من الأمعاء وغيرها، فذكره لفصل يدل على ذلك مناسب.
نامعلوم صفحہ
2
[aphorism]
قال أبقراط: إن «كل ما يستفرغ من البدن» من الخلط الفاسد في كيفيته فقط على ما فهمه جالينوس واستدل على أن مراد أبقراط ذلك بتكريره لفظ النوع في هذا الفصل مرتين، وذلك لأن المراد من لفظ النوع في اللغة اليونانية المؤذي بكيفيته إذ لو كان مراده استفراغ المؤذي * بالكمية (28) لأتى بلفظ المقدار بدل لفظ النوع واستدل أيضا على ذلك باستعمال الإمام * لفظ (29) ينقى بدل * لفظ (30) يستفرغ الذي هو أعم إذ النقاء في اللغة اليونانية لا يكون إلا من الشيء المؤذي بكيفيته وذهب القرشي PageVW1P006B إلى أن مراده استفراغ المؤذي مطلقا واستدل على ذلك بقول أبقراط بعد ذلك، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد فإن معناه إن لم يكن المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن ضر ذلك، ولو كان الخلط الزائد في كميته مع صلاح الكيفية ليس من هذا النوع لكان PageVW0P006A استفراغه ضارا والواقع بخلافه فإنه نافع. فائدة: الامتلاء على ثلاثة أقسام. امتلاء بحسب القوة فقط وهو الزيادة في الكيفية فقط، وامتلاء بحسب الأوعية فقط وهو الزيادة في الكمية فقط، وامتلاء بحسبهما * معا (31) وهو الزيادة فيهما والاستفراغ حينئذ نافع.
[commentary]
«عند استطلاق البطن والقيء اللذين يكونان طوعا» وذلك بأن يكون سبب هذا الاستفراغ * الطبيعية (32) فقط ولهذا يسمى الاستفراغ الطوعي وإنما اقتصر فيه على استطلاق البطن والقيء لأنهما إذا كان المستفرغ منهما «من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن» وذلك بأن يكون ضارا «نفع ذلك» وكان الاستفراغ من المؤذي كثيرا «و» لهذا «سهل احتماله» على الطبيعة لأنها تكون مساعدة PageVW1P007A على خروجه غير * متشبثة (33) به تشبثها بالنافع وربما تأخر نفعه لأمر يتبعه كثوران حرارة وسحج في الأمعاء بواسطة خروجه وقد يكون خروجه ضارا وذلك إذا خرج دفعة فإنه يوجب أحوالا رديئة لكثرة ما يخرج من الأرواح حينئذ كخروج مادة الاستسقاء مثلا دفعة هذا «وإن لم يكن» المستفرغ «كذلك» بأن يكون من النوع الذي ينفع البدن «كان الأمر على الضد من ذلك» وذلك لأن PageVW0P006B خروج النافع * ضار (34) لا محالة والطبيعة تكون * متشبثة به (35) وإنما يخرج إذا عجزت عن إمساكه لانقهارها فلذلك يكون خروجه * غير (36) محتمل، وقوله «وكذلك خلاء العروق» من المؤذي بكيفيته فقط على ما فهمه جالينوس ومن المؤذي بما هو أعم من ذلك على ما فهمه القرشي إشارة إلى الاستفراغ الصناعي وإنما خص ذلك بخلاء العروق لأن غالب هذا الاستفراغ يكون بالفصد * وبالدواء المسهل (37) وكل * منهما (38) يلزمه خلاء العروق. والمعنى أن حكم الاستفراغ الصناعي حكم الطوعي فيما ذكر فإنها «إن خلت من النوع الذي ينبغي أن تخلو منه نفع PageVW1P007B ذلك وسهل احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد» تعليل هذا * يعلم (39) مما تقدم. تنبيه: اعلم أن النفع والسهولة إنما يدلان على نوع المادة بعد * خروجها (40) ، وإن أردت ما يدل على ذلك قيل « * فينبغي أن تنظر (41) أيضا في طبع الوقت الحاضر من أوقات السنة» وهي الفصول الأربعة «وفي» طبع «البلد» الذي حدث فيه المرض «وفي» طبع «السن» وهي أربعة وسيأتي بيانها عند الكلام على قوله «أحمل الناس للصوم المشايخ» «وفي التدبير» السالف للمرض وذلك بأن تنظر هل كان يستعمل PageVW0P007A الأدوية الحارة أم الباردة «وفي العادة» للمريض من الاستفراغ «وفي نوع المرض» أحار هو أم بارد وينظر أيضا في صنعته وما تقتضيه كالحداد والملاح مثلا «هل توجب» هذه الأشياء المذكورة «استفراغ ما هممت باستفراغه أم لا» توجب ذلك وهذا الاستفراغ وإن كان نافعا فشرطه عدم الإفراط فإن كل إفراط مذموم.
3
[aphorism]
قال أبقراط: «خصب PageVW1P008A البدن» أي زيادته في اللحم «المفرط» صفة للخصب «خطر لأصحاب الرياضة» أعني الذين اتخذوها حرفة * لأنهم (42) لا يتناهون في زيادة أبدانهم بكثرة التغذية بخلاف الرياضة المتخذة للمعيشة. والرياضة حركة إرادية يضطر صاحبها إلى النفس العظيم وعلة الخطر الرياضة، وخصوصا رياضة هؤلاء فإنها شديدة التسخين فتوجب * التحليل (43) في الرطوبات، فيلزمه زيادتها. والأعضاء في أبدان هؤلاء غيرة قابلة * للتمديد (44) ، فبقي أما انشقاق عرق أو انصباب الدم إلى بعض الأفضية أو خنق الحرارة الغريزية. وكل من هذه الأمور خطر. وهذا الوجه ارتضاه القرشي، وقال أنه الحق ويؤخذ منه عدم توجيه ما ذهب إليه ابن أبي صادق من أن أبقراط إنما خصص الخطر بأصحاب PageVW0P007B الرياضة ليفيد أنه في غيرهم أخطر. قال جالينوس، قد وصف أبقراط العلة التي لأجلها ينبغي أن ينقص هذا الخصب بقول «إذا كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى» وذلك بأن * تصير (45) أعضائهم غير قابلة للتمديد، «وذلك أنهم لا يمكن أن يثبتوا على حالهم PageVW1P008B تلك ولا يستقروا، ولما لم يمكن أن * يزدادوا (46) صلاحا» وذلك لأنه لما كانت الطبيعة التي في البدن تنضج الغذاء دائما وتنفذه إلى مواضعه وتقلبه دما. ثم توزعه في الأعضاء وتصلبه وتشبهه بها وجب لهذا أن يكون البدن إذا صار إلى حال لا يمكن معه أن تقبل أعضاءه الأصلية شيئا من الزيادة ولم يبق في العروق موضع لقبول ما ينفذ إليها من الغذاء.
[commentary]
"فبقي أن يميلوا إلى حالة هي أردى» من الحالة التي هم عليها وذلك بأن تنشق بعض عروقهم أو تنصب المادة إلى بعض الأفضية أو يختنق الحار الغريزي ويحصل الفساد كما تقدمت الإشارة إليه. واعلم أنه لو حصل لهؤلاء رعاف متوسط لانتفعوا به وانتقلوا عن حالتهم إلى ما هو أصلح منها. تنبيه: اعلم أن حصول هذا * الصلاح (47) إنما يكون بعد حركة الرطوبات وانبساطها ولا شك أنها حالة رديئة PageVW0P008A وإن أعقبها الصلاح المذكور. وحينئذ فلا ينافي حصول هذا الصلاح قول الإمام «فبقي أن يميلوا إلى حالة هي أردى» «فلذلك ينبغي أن ينقص خصب البدن» المفرط «بلا تأخير كما يعود البدن» إلى حالة PageVW1P009A هي أصلح من التي هم عليها، «فيبتدي في قبول الغذاء» بأن يتلقاه بالقبول والمحبة فلا يفسد. وأما كونه قابلا للغذاء فذلك أمر ثابت له دائما ويلزم هذا أيضا الأمن من الخطر * أيضا (48) . هذا: «ولا يبلغ من استفراغه» أي البدن عند تنقيصك له «الغاية القصوى فإن ذلك خطر» لإسقاطه القوة «لكن يكون» التنقيص «بمقدار احتمال طبيعة البدن الذي يقصد إلى استفراغه» لأن الأبدان منها * متخلخل (49) لا يحتمل من الاستفراغ إلا القليل، ومنها * متلززة (50) تحتمل ما هو أزيد من ذلك. ولما ذكر خطر المبالغة في التغذية والمبالغة في الاستفراغ في مثال جرى، أراد التعميم في ذلك. فقال «وكذلك أيضا كل استفراغ يبلغ فيه الغاية القصوى فهو خطر» لما تقدم «وكل تغذية أيضا تبلغ فيها الغاية القصوى» سواء كانت في القلة أو في الكثرة «فهي خطر» أما الكثرة فلأنه يلزمها عسر الهضم وفساده، وأما القلة فلأنه يخف PageVW0P008B معها البدن ويهزل. تنبيه: اعلم أن جالينوس قال: المراد من هذا الفصل الاستفراغ بحسب الكمية ومن PageVW1P009B الذي قبله الاستفراغ بحسب الكيفية كما تقدمت الإشارة إليه وحينئذ يندفع عنه ما ألزمه له بعض الشراح من أن الفصل الثاني يكون تكرارا. وهو مشتمل أيضا على بعض أحكام التغذية، وحينئذ فذكر هذا الفصل بعده مناسب.
نامعلوم صفحہ
4
[aphorism]
قال أبقراط: «التدبير» هو في اللغة مطلق التصرف وفي الاصطلاح التصرف في الأسباب الستة الضرورية ومراد أبقراط بالتدبير هنا التصرف في الغذاء من جهة ما يقل ويكثر ويغلظ ويلطف. والغذاء يقال، بحسب الصناعة، على الجسم الذي استحال حتى * فنيت (51) صورته وحدثت له صورة شيء من الأعضاء الإنسانية، وعلى الجسم الكائن في بدن الإنسان المعد لأن يكون غذاء * بالفعل (52) كالأخلاط، وعلى الجسم الذي من شأنه إذا ورد على البدن الإنساني أن يستحيل غذاء بالفعل كالخبز واللحم. وهذا الأخير هو المراد هنا وهو ينقسم إلى غليظ وإلى متوسط ولطيف. فالغليظ هو أن يكون المقدار القليل منه يغذو غذاء كثيرا. والمتوسط هو الذي يغذو قليله قليلا وكثيره كثيرا. واللطيف هو أن يكون المقدار PageVW0P009A الكثير PageVW1P010A منه يغذو غذاء يسيرا. قال القرشي والتدبير اللطيف له أربع مراتب: لطيف مطلقا، ولطيف جدا، ولطيف في الغاية، ولطيف في الغاية القصوى. ومثل للأخير بتناول ماء الشعير الرقيق. وقال بعضهم أنها ثلاثة: لطيف مطلقا، ولطيف في الغاية، ولطيف في الغاية القصوى. ومثل للأخير بترك الغذاء أصلا وحينئذ فقال «أما البالغ في اللطافة» من التدبير «فهو عسر مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة» وذلك لأن هذه الأمراض غليظة المواد عسرة الانفعال محوجة إلى مجاهدة الطبيعة ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت قوية جدا وهذا محال مع هذا التدبير. تنبيهان: الأول المرض المزمن ما يجاوز أربعين يوما. الثاني أن هذا الحكم * مطلق (53) بخلاف الحكم في الأمراض الحادة وإلى ذلك أشار بقوله «والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية * القصوى (54) من اللطافة في الأمراض الحادة» وهي القصيرة المدة * العظيمة (55) الخطر وبهذا يخرج عنه ما لا يكون فيه خطر كحمى يوم فلا يقال لها مرض مزمن ولا مرض حاد «إذا لم تحتمله قوة المريض» PageVW1P010B وذلك بأن لا يظن بقاءها إلى منتهاه «عسر مذموم». قال القرشي المرض PageVW0P009B الحاد بالقول المطلق هو ما من شأنه الانفصال في أربعة عشر يوما والقليل الحدة ما ينقضي فيما بعد ذلك إلى أحد وعشرين يوما * والحاد (56) جدا ما ينقضي فيما بين السابع والحادي * عشر (57) والحاد في الغاية القصوى ما ينقضي في الرابع فما دونه والذي ينقضي من أحد وعشرين * يوما (58) إلى الأربعين سماه بحاد المزمنات وسماه أيضا بالأمراض المتوسطة بين الحاد والمزمن. وقال ابن القف إن المتوسط هو ما ينقضي بعد المرض الحاد بالقول المطلق إلى الأربعين وسماه * بالمنتقل (59) أيضا، وذلك لأنه قسم المرض إلى ثلاثة أقسام: حاد في الغاية القصوى وهو الذي ينقضي في الرابع فما دونه وحاد في الغاية وهو الذي لا يتجاوز السابع وحاد غير بالغ في الحدة وهو الذي يمتد إلى أربعة عشر يوما والذي ينقضي فيما بين الرابع عشر إلى الأربعين هو المتوسط بين الحاد والمزمن. * والمنقول يؤيد الأول (60) . تنبيه: علم مما ذكرنا أنه المرض الحاد ينقسم إلى أربعة أقسام عند القرشي وإلى ثلاثة أقسام عند ابن القف * وأن (61) التدبير اللطيف مراتبه أربعة عند الأول وثلاثة عند الثاني كما تقدمت الإشارة إليه قريبا انتهى. وما يذكر الآن يؤيد قوله والتدبير PageVW0P010A الذي يبلغ فيه الغاية القصوى إلى آخره وذلك لأن خطره * حينئذ يكون (62) من باب أولى.
5
[aphorism]
قال أبقراط:«في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم» إذا * ألزموا (63) لهذا التدبير وكانت شهوتهم لا تحتمل فإنها حينئذ تحملهم على إقدامهم على تناول أغذية رديئة فيشتد لذلك ضررهم «وذلك أن جميع ما يكون منه من الخطأ أعظم ضررا مما يكون منه في الغذاء الذي له غلظ يسير» والمعنى أنهم لو وسع لهم عند غلبة شهوتهم عليهم تناول غذاء له غلظ يسير لسكنت بذلك ولم تحملهم على تناول أغذية رديئة. قال القرشي وأشار بقوله بهذا في قوله «ومن قبل هذا صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطر لأن احتمالهم لما يعرض من خطأ بهم أقل» إلى ما ذكره في الفصل المتقدم كأنه قال ومن قبل أن تلطيف التدبير في الأمراض المزمنة رديء وفي الأمراض الحادة أيضا PageVW1P012 إذا لم تحتمله القوة مع أن المرض ينبغي فيه التلطيف فالتدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء لا شك أنه خطر لأن احتمال الأصحاء لما يعرض من الخطأ بتلطيف التدبير أقل، وذلك لأن PageVW0P010B المرضى قواهم مشغولة بالمرض عن التصرف في الغذاء ولهذا قد يبقى واحد منهم مدة بغير غذاء لا يمكن بقاء الصحيح فيها ومن هذا يعلم جواب قوله بن القف من أن حكم الإمام بأن الأصحاء أقل احتمالا لخطأهم من المرضى خطأ والصواب العكس. تنبيه: اعلم أن ضرر الخطأ المذكور في صدر الفصل هو زيادة رداءة الأخلاط بسبب تناول الأغذية الرديئة وضرر الخطأ الثاني هو سقوط القوة بسبب ملازمة التدبير اللطيف «ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا» وذلك لأن أكثر الأبدان صحيحة وبعض الأمراض مزمنة وبعضها حاد لا تحتمل القوة فيه * المبالغة (64) في التلطيف ومناسبة الفصل الذي يذكر الآن لما قبله ظاهرة.
6
[aphorism]
قال أبقراط: «أجود التدبير» أي أفضل التدبير الذي يستعمل في «الأمراض التي PageVW1P012A في الغاية القصوى» من الحدة وهي التي يأتي بحرانها في الرابع فما دونه «التدبير * الذي (65) في الغاية القصوى» لأن الظاهر بقاء القوة إلى هذه المدة. تنبيه: يوخذ من قوله * أجود التدبير (66) جواز استعمال ما له غلظ يسير في تدبير PageVW0P011A هذا المرض لكن لا في وقت المنتهى كما يرشد إليه ما ينقله من الكلام على الفصل الذي نذكره الآن مع أنه ابتدأ لمعرفة قانونين يعرف منهما التدبير في الأمراض الأول منهما معرفة مرتبة المرض.
7
نامعلوم صفحہ
[aphorism]
قال أبقراط: «إذا كان المرض حادا جدا» قال ابن أبي صادق مراده به الحاد الذي في الغاية القصوى «فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى» أعني أعراض المنتهى «تأتي فيه بديا». قال القرشي المراد منه الأيام الثلاثة الأول وقال جالينوس ينبغي أن يفهم منه الأيام الأربعة الأول، قال ابن القف وفي هذه العبارة إيهام شيء فاسد وهو أن المنتهى يأتي في الأيام الأول وهو إنما يأتي في الأيام الأخيرة ثم دفع * هذا (67) الإيهام بأن المرض إذا انقضى في هذه الأيام تكون مشتملة على الأوقات الأربعة PageVW1P012B أعني وقت الابتداء والتزيد والانتهاء والانحطاط، «و »حينئذ«يجب ضرورة أن تستعمل فيه التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة» وذلك لئلا تشتغل الطبيعة عن الاستيلاء عن المرض «وإذا لم يكن» المرض «كذلك» وذلك إذا كان ألين من الحاد في الغاية القصوى كالحاد بقول مطلق وإلى ذلك أشار PageVW0P011B بقوله «ولكن كان يحتمل من التدبير» في الأيام الأول ما هو أغلظ من ذلك التدبير الذي هو في الغاية القصوى «فينبغي أن يكون الانحطاط» عن هذا التدبير المذكور «على حسب لين المرض ونقصانه» عن المرض الحاد في الغاية القصوى المراد بقوله في صدر هذا الفصل وإذا كان المرض حادا جدا وإلى ذلك أشار بقوله «عن الغاية القصوى» وبهذا يندفع أشكال أورد على المصنف وهو أن قوله ونقصانه عن الغاية القصوى لا يستقيم إذ المتقدم قوله المرض الحاد جدا لا الذي في الغاية القصوى. قال جالينوس PageVW1P013A يجوز أن يجعل قوله «وإذا * بلغ (68) المرض منتهاه» ابتداء فصل آخر ويكتب على حدة * ويجوز (69) أن يوصل بالفصل الذي قبله ويجعلا فصلا واحدا. واختار القرشي الثاني «فعند ذلك يجب أن تستعمل التدبير الذي في الغاية القصوى» من اللطافة لئلا تشتغل الطبيعة وقت استيلائها على المرض * بهم (70) فإن قيل إن هذا مخالف لما عليه الأطباء الآن لأنهم يستعملون في الابتداء تلطيف الغذاء كماء الشعير أو الجلاب وعند الانتهاء أمراق الفراريج وشيئا من لحومها فالجواب أن حكم الإمام بحسب طبيعة PageVW0P012A المرض واستعمال الأطباء لهذا التدبير إما لنفرة المريض عن الغذاء في وقت الابتداء أو لتقدم تخم وامتلاء أو لعطف الطبيعة على إنضاج المادة أو لأن المرض دموي أو بلغمي يرجون بترك الغذاء الاغتذاء من * ما (71) يصلح من مادتهما للتغذية أو لغير ذلك انتهى القانون الأول وما يذكر الآن يشتمل على معرفة القانون الثاني أعني معرفة قوة * المريض (72) .
8
[aphorism]
قال أبقراط: «وينبغي * أن تزن قوة المريض أيضا (73) » أي مع اعتبارك القانون الأول والمراد بالوزن PageVW1P013B هنا اعتبار حال القوة في القوة والضعف ويعرف ذلك بالنبض وصحة الذهن وشهوة الطعام وهضمه. تنبيه: لا يكفى معرفة مرتبة المرض عن وزن القوة، وذلك لأنها إذا ضعفت وخيف سقوطها في أي مرض كان، تصرف العناية إليها بالتقوية، والمعتمد عليه في ذلك هو المقايسة بين المرض والقوة «فيعلم إن كانت * تلبث (74) إلى وقت منتهى المرض وينظر أي الأمرين كائن، * أقوة (75) المريض تخور». قال في الصحاح: وخار الحر والرجل يخور خؤورة: ضعف وانكسر. «قبل غاية المرض ولا يبقى على ذلك الغذاء» المستعمل PageVW0P012B لزيادته في التلطيف وحينئذ يزيد في * تغليظه (76) «أم المريض يخور» قبل ضعف قوة المريض «وتسكن عاديته» فيقتصر على الغذاء المقدر بحسب قرب المنتهى ولا يزيد في تغليظه. قال جالينوس يجوز أن يجعل هذا الفصل والذي قبله والذي نذكره الآن فصلا واحدا.
9
[aphorism]
قال أبقراط: * «والذين (77) يأتي منتهى مرضهم بديا فينبغي أن يدبروا بالتلطيف بديا والذين يتأخر منتهى مرضهم فينبغي أن يجعل PageVW1P013B تدبيرهم في ابتداء مرضهم أغلظ ثم ينقص من غلظه قليلا قليلا * وكلما (78) قرب منتهى المرض وفي وقت منتهاه بمقدار ما تبقى قوة المريض عليه، وينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت منتهى المرض فإن الزيادة فيه مضره» لأنها كالنجدة للعدو وأضر ما يكون في هذا الوقت. قال بن أبي صادق إن هذا الفصل يتضمن ما مضى له في الفصل المتقدم الدال على مرتبة المرض فالكلام على ذلك الفصل يغني عن الكلام على هذا والمناسبة بين ما سيذكر والفصل الذي تقدم اشتمال كل منهما على المنع من الغذاء.
10
[aphorism]
نامعلوم صفحہ
قال أبقراط: «وإذا كان للحمى» وهي حرارة غريبة * تنبعث (79) من أوعية الروح إلى جميع البدن وتضر بالأفعال PageVW0P013A وهذه منها ما يكون له «أدوار» والمراد بالدور هنا مجموع زمان الأخذ والراحة «فامنع من الغذاء أيضا» * تنبيه: يؤخذ من هذا أنه يجوز أن يحمل المنع من الغذاء في الفصل المتقدم على منع الغذاء أصلا في وقت الانتهاء وحينئذ يرجع الضمير في قوله «فإن الزيادة فيه» إلى المرض انتهى. وأما الحمى التي ليس لها أدوار فلا يمنع من الغذاء (80) «في * أوقات (81) PageVW1P014B نوائبها». النوبة عبارة عن الزمان الذي بين الأخذ والترك. وأول النوبة أولى بالمنع من الآخر. وعلة المنع ازدياد الحمى بحرارة الطبخ وإطالة النوبة باشتغال الطبيعة * عن (82) الإنضاج بالغذاء. تنبيه: الحمى المركبة * المعاقبة (83) للنوب لا يمنع الغذاء فيها وقت النوبة لكن الأولى أن يستعمل في وقت الأخف منها فإن تساوت ففي أبرد أوقات النهار هذا كله إذا لم يعرض ما يوجب الغذاء كضعف القوة فإن عرض وجب الغذاء ولو في البحران فحاصل هذا الفصل تقدير الغذاء بحسب الأوقات الجزئية وقد تقدم قبله ذكر قانونين لذلك الأول معرفة قوة المريض والأطباء متفقون على أنها تحصل بالحدس الصناعي والثاني معرفة مرتبة المرض وأكثر الأطباء على المنع من * معرفته ومن (84) معرفة الأوقات الجزئية قبل وجودها والإمام يرى بخلافه.
11
[aphorism]
قال أبقراط: «إنه يدل على نوائب المرض» الجزئية * أعني القانون الثالث (85) «وعلى نظامه» فسره جالينوس PageVW0P013B بكون المرض حارا جدا أو مطلقا أو قليل الحدة أو مزمنا وفسره القرشي PageVW1P015A بكون أدوار المرض وبحارينه في الأوقات التي يقتضيها طبع ذلك المرض في العادة. ثم قال وإنما لم يذكر أبقراط التقدير في الغذاء بحسبه فيما تقدم لظهور معرفته لمن عرف تقدير الغذاء بحسب القوة المذكورة فإن القوة إذا كانت قوية على المرض وأثرها ظاهر فيه كان ذلك المرض منتظما * بهذا (86) . وعلى التفسير الأول يكون قوله «ومرتبته» عطف تفسير * وهو القانون الثاني (87) . والأمور التي تدل على ذلك أربعة * أمور (88) الأول «الأمراض أنفسها». أما * دلالتها (89) على النوائب فلأن المرض إذا كان حمى صفراوية دل على أنها تنوب يوما ويوما لا. وأما على مرتبة المرض فإنه إذا كان المرض الصفراوي خالصا دل على أن مدته قصيرة. وأما على نظامه بالمعنى الذي قاله القرشي فهو أن المرض إذا كان حادثا عن مادة واحدة كانت نوائبه على نمط واحد «و» الأمر الثاني * من الأمور الدالة (90) «أوقات السنة» أعني الفصول الأربعة وفي حكمها السن والبلد والعادة مثلا إذا كان الوقت الذي حدث فيه المرض صيفا لازما لمزاجه PageVW1P015B الطبيعي دل على أنه يكون في الأكثر PageVW0P014A غبا وعلى أن مدته قصيرة وقس على ذلك «و» الأمر الثالث * من الأمور الدالة (91) «تزيد الأدوار بعضها على بعض» ومراده بالدور هنا النوبة. وتزيد النوبة يعرف من ثلاثة * أقسام (92) تقدم وقتها وطولها وشدتها وهذه الثلاثة إنما تعرف بالقياس إلى نوبة أخرى تقدمت في وقت معلوم فمتى * تقدم (93) وقت النوبة الثانية عن الأولى ولبثت زمانا أطول وكانت في ذاتها أشد فهي متزايدة نائبة كانت في كل يوم كما في الحمى النائبة «أو يوم تنوب ويوم لا» كما في حمى الغب «أو» تنوب «في أكثر من ذلك الزمان» كحمى الربع والخمس والسدس * وغير ذلك (94) ، فإن كانت النوبة متزايدة دلت على قصر المرض، وإن لم تكن متزايدة فإنها تدل على طول المرض. وأمأ دلالة التزيد على النوائب فمحال لتقدم العلم بها قبل العلم به. فلو توقفت عليه لزم الدور «و» الأمر الرابع * وهو تمام الأمور الأربعة الدالة (95) «الأشياء التي تظهر بعد» كعلامات النضج وذلك لأن حدوثها في أول المرض محال لأن النضج يتبع استيلاء الطبيعة على المادة * ولو (96) كانت الطبيعة مستولية في أول المرض لم يحدث وهذه الأشياء منها PageVW1P016A ما يدل على نضج مادة PageVW0P014B خاصة بعضو «مثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب» من النفث * وهو (97) ورم حار يكون إما في الحجاب الحاجز أو الغشاء المستبطن للصدر وهما خالصان، وإما في الغشاء المجلل للأضلاع والعضل الخارجين وهما غير خالصين «فإنه إن ظهر النفث فيهم بديا» وقد تقدم الكلام عليه عند قوله وإذا كان المرض حادا جدا فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بديا « * منه أول المرض كان المرض قصيرا وإن تأخر ظهوره كان المرض طويلا (98) ». مهمة: إن ظهر النفث في اليوم الأول من المرض توقع النضج في الرابع والبحران في السابع وإن ابتدأ في الثالث أو الرابع ولم ينضج في الرابع نضج في السابع والبحران في الحادي عشر أو الرابع عشر بحسب قوة النفث والنضج، وإن تأخر عن ذلك فربما تأخر البحران في السابع عشر بل إلى العشرين والرابع والعشرين وقد يتأخر إلى الرابع والثلاثين إذا تأخر النفث عن السابع، وإنما اقتصر أبقراط فيه على الدلالة على مرتبة المرض لأن دلالته عليها دائمة ظاهرة «و» من الأشياء الدالة «البول والبراز والعرق» إذا ظهرت فيها علامات النضج «بعد» PageVW1P016B فإنها تدل على مرتبة المرض PageVW0P015A لكن هذه الدلالة غير دائمة ولذا قال «فقد تدلنا على جودة بحران المرض ورداءته وطول المرض وقصره». قال القرشي وذكره لجودة البحران ورداءته دخيل لأنه ليس من الأمور المستدل عليها هنا. ثم قال أيضا إن هذه الأمور لا تدل على النوبة. هذا وما يذكر الآن يشتمل على ما يختلف به تقدير الغذاء في الأصحاء والمرضى فيكون مناسبا لما تقدم لاختلاف الغذاء بسببه.
12
[aphorism]
قال أبقراط: « * المشايخ أحمل الناس للصوم (99) » لقلة ما يتحلل من أبدانهم ولعدم النمو فيهم. قال القرشي الصوم مصدر معناه الإمساك عن الأكل مدة مديدة * وهذا (100) مخالف لما في الصحاح، قال فيه الصوم الإمساك عن الطعم ويطلق، ويراد به الاكتفاء بالغذاء اليسير فعلى الإطلاق الثاني يصح قوله والمشايخ أحمل الناس للصوم. وأما الأول فلا يصح إلا أن يراد بالمشايخ الذين في أول سن الشيخوخة فإن المتناهين في الشيخوخة لا يحتملون تأخير الغذاء البتة. فائدة: اعلم أن * الأسنان (101) أربعة وذلك لأن البدن إما أن يكون متزايدا وهو سن النمو أو متناقصا مع ظهور ضعف القوة وهو سن * الشيخوخة أو مع عدم ظهور ضعف القوة وهو سن (102) الكهولة أو لا يكون زائدا أو لا ناقصا وهو PageVW1P017A سن الشباب PageVW0P015B وسن النمو ينقسم إلى خمسة أسنان وذلك لأن الأعضاء فيه إذا لم تكن مستعدة للحركة فهو سن الطفولية، وإن استعدت ولم يكمل نبات الأسنان بعد سقوطها فهو سن الصبى، وإن كمل ذلك ولم يبلغ الحلم فهو سن الترعرع، وإن بلغ ذلك ولم يتبقل الوجه فهو سن الرهاق، وإن بقل فهو سن الحداثة. فظهر من هذا * معنى (103) سن المشايخ ومن بعدهم في الاحتمال الكهول لإشتراكهم في العلة لكنها هنا أخف «والفتيان» وهم الذين سنهم من حين تبقل الوجه إلى آخر سن النمو «أقل احتمالا» * من الكهولة (104) «له» أي للصوم لأن التحلل من أبدانهم والنمو فيها ليسا في الغاية «وأقل الناس احتمالا للصوم الصبيان» وهو الذين سنهم دون سن الفتيان لكثرة التحليل في أبدانهم وزيادة النمو. فائدة: الصبى يطلق ويراد به من هو في سن النمو ويطلق ويراد به من تعدى الطفولية ويطلق ويراد به من * بلغ (105) إلى سن الترعرع ويطلق ويراد به غير البالغ «وما كان من الصبيان أقوى شهوة فهو أقل احتمالا له» لأن قوة الشهوة تدل على قوة الهضم الدال PageVW1P017B على توفر الحار الغريزي. قال القرشي موافقا لجالينوس ولو زيد في آخر هذا الفصل PageVW0P016A لفظة «لأن» ووصل به الفصل الذي بعده بحيث يصير فصلا واحدا لكان حسنا لأن الثاني كالتتمة له.
13
[aphorism]
قال أبقراط: «ما كان من الأبدان في النشوء» أي سن النمو «فإن الحار الغريزي» أطلق الحار وأراد به الجوهر القائم به الحرارة وهي الرطوبة الغريزية وذلك لأن الحار الغريزي يطلق * ويراد به نفس الكيفية أعني الحرارة الغريزية ويطلق (106) ويراد به ما ذكر أولا وهو «فيهم على غاية ما يكون من الكثرة» بخلاف الشباب فإن الجوهر القائم به الكيفية فيهم أقل وبهذا يندفع تناقض أورده بعض الأقدمين على هذا الفصل وهو أن الحرارة الغريزية في الشبان أقوى وأشد وذلك لأنه لا امتناع في أن يكون الجسم القائم به الحرارة الغريزية في الأحداث أكثر وتكون الحرارة الغريزية في أبدان الشبان أشد وأقوى. تنبيه: اعلم أن الحرارة الغريزية عند أرسطوا حرارة فلكية تفاض على البدن الحيواني عند فيضان نفسه وتفارقه عند مفارقتها له، وبه قال PageVW1P018A الشيخ. * وقال (107) جالينوس * إنها الحرارة العنصرية المستفادة من المزاج (108) وهي متساوية في الصبى والشباب لكن حرارة الشاب أقوى وأحد وحرارة الصبى ألين «و» لذلك «يحتاجون PageVW0P016B من الوقود» أي الغذاء «إلى أكثر ما يحتاجون إليه سائر الأبدان» لسهولة تحلل أبدانهم لرطوبتها ولاحتياجهم إلى زيادة النمو. هذا واعلم أن ابن القف أوجب أن المراد بالحار الغريزي * هو (109) الحرارة نفسها معللا ذلك بأنه لا يلزم من زيادة * هذا (110) الجوهر القائم به الحرارة زيادة الحاجة إلى الوقود لاحتمال أن تكون الحرارة الغريزية معه ضعيفة ويشكل عليه ما ذكره في البحث العاشر في الكلام على هذا الفصل وذلك لأنه علل قلة الحرارة الغريزية في المشايخ بما ننقله الآن وهي أنه إنما كان كذلك لأن الجوهر الحامل للكيفية فيهم قليل ويلزم من قلته ضعف الحرارة القائمة * به مع أنه صرح بالتعليل الذي ذكرناه في البحث الثاني لهذا البحث، انتهى. «فإن لم يتناول» المحتاج «ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص» لكثرة التحليل وعدم ما يخلف بدله. «فأما (111) الشيوخ فإن الحار الغريزي» سواء PageVW1P018B أريد به الجوهر القائم به الحرارة أو الحرارة نفسها «فيهم قليل» لأن الوارد من الغذاء في أبدان هؤلاء أنقص من المتحلل «ومن قبل ذلك ليس يحتاجون من الوقود إلا إلى اليسير لأن حرارتهم تطفأ من الكثير» من الغذاء وسمي الغذاء وقودا لأنه يمد الرطوبة الغريزية القائم بها PageVW0P017A الحرارة الغريزية ومن قبل هذا أيضا ليست تكون الحمى في المشايخ حادة كما يكون في الذين في النشوء لأن أبدانهم باردة لتحلل الجوهر الهوائي منهم وغلبة الأجزاء الأرضية عليهم وكثرة ما يتولد؟ فيهم من البلغم وللرطوبات الغريبة وبهذا تكون بعيدة عن الاستعداد لقبول الحرارة الغريزية بخلاف الأبدان التي في النشوء وبهذا يندفع أشكال أورد هنا وهو أنه ينبغي أن يكون استيلاء الحرارة * الغريبة (112) على أبدان المشايخ أولى لضعف الحرارة الغريزية هذا وما يذكر الآن يشتمل على اختلاف تناول الغذاء بحسب اختلاف * الحرارة (113) الغريزية بحسب الفصول.
نامعلوم صفحہ
14
[aphorism]
قال أبقراط: «الأجواف» الجوف يطلق في اللغة على كل تجويف وفي اصطلاح الأطباء يقال لشيئين أحدهما المحيط بالرئة والقلب وهو الصدر PageVW1P019A ويسمى الجوف الأعلى والثاني المحيط بالمعدة والأمعاء والكبد وغيرهم ويسمى الجوف الأسفل. وبالجملة يكون في الشتاء والربيع «أسخن ما يكون بالطبع» وذلك بأن يكون الإسخان من الحرارة الغريزية نفسها فإنها تقوى في الباطن في هذين الفصلين والفصول أربعة PageVW0P017B شتاء وربيع وصيف وخريف ومراد الأطباء بها غير مراد * أرباب (114) الحساب النجومي فإن الربيع عند الأطباء من ابتداء نشوء الأشجار وظهور الأزهار إلى اشتداد الحر سواء تقدم على الربيع الحسابي أو تأخر. والخريف هو من ابتداء تغير الورق إلى الاصفرار وابتداء سقوطه إلى اشتداد البرد وما سواهما إن كان شديد الحر فهو الصيف وإن كان شديد البرد فهو الشتاء والربيع معتدل في الفاعلين أعني الحرارة والبرودة * لكنه زائد (115) في الرطوبة إذا لم يحدث فيه ما * يزيل الرطوبة الشتوية وكذلك الخريف إلا أنه خارج عن الاعتدال في اليبوسة (116) والصيف حار يابس، والشتاء بالضد. فائدة: الجسم إذا سخن باطنه برد ظاهره وبالعكس. وهو المراد عندهم بالتعاقب واختلف في سببه. فقال أرسطو PageVW1P019B إن الحرارة تهرب من خارج إلى داخل للبرد الخارجي فتنمو هناك ورد بأن الحرارة الغريزية انتقلت إلى داخل بانتقال الجوهر القائمة هي به * وهو (117) الرطوبة الغريزية. وقال آخرون سببه أن الهواء الخارجي يكثف الجلد فيمتنع تحلل البخار الدخاني فيحتبس ويقوي لذلك الحرارة PageVW0P018A ورد هذا أيضا بأن هذه فضلة وهي إذا احتبست ضرت. وقال الرازي إن هذا غلظ في الحس وذلك لأن ظاهر الجسم يكون باردا في الشتاء لبرد الهواء الخارجي فيحس بحرارة في الباطن ورد بأنا نرى شهوة الطعام والهضم في زمان الشتاء أقوى. قال القرشي والحق في ذلك أن كل جسم له قوة مسخنة أو مبردة لجميعه فإنه * إذا (118) أصاب ذلك الجسم كيفية مضادة لتلك الكيفية منع تأثيرها في الظاهر وحينئذ يبقى تأثيرها في الأجزاء الباطنة فقط فيقوى تأثيرها لأن القوة الواحدة إذا فعلت في موضع صغير وموضع كبير كان تأثيرها في الصغير * أقوى (119) وهذا هو PageVW1P020A الذي اختاره الشيخ وأورد عليه ابن القف أنه أيضا يلزم عليه انتقال الأعراض وأجاب عنه بأن الحرارة إنما انتقلت إلى الباطن بانتقال محلها وحينئذ يسخن الباطن فيهما «والنوم فيهما أطول ما يكون» لكثرة الرطوبة الهوائية والبدنية وكثرة الدم في الربيع. وقال جالينوس سببه طول الليل * وواقفه (120) ابن القف فيه مع ضمه لأسباب أخر، وأبطله القرشي * معللا ذلك (121) بأن ليل الخريف أطول من الربيع PageVW0P018B «فينبغي في هذين الوقتين» أعني الشتاء والربيع «أن يكون ما يتناول من الأغذية * أكثر (122) وذلك أن الحار الغريزي» أي الحرارة الغريزية «في الأبدان في هذين الوقتين كثير ولذلك يحتاج إلى غذاء كثير» دليل على وجوب تكثير الغذاء في هذين الوقتين فيندفع بهذا دعوى التكرار «والدليل على ذلك» أي كون الحرارة الغريزية حينئذ تقتضي تكثير الغذاء في هذين الوقتين «أمر الأسنان» كما في الأحداث «والصريعين» أي المكثرين * للصراع (123) وذلك لأن الحرارة في أبدان هؤلاء متزايدة وضعف هذا الدليل بأن المقتضى في هذا * السن (124) ليس هو الحرارة نفسها بل يضاف إليها كثرة التحليل PageVW1P020B والاحتياج إلى زيادة النمو وفي المصارعين هو الحركة * القوية (125) الموجبة لزيادة التحليل. تنبيه: يؤخذ من استعماله الأجواف بدون لفظة كل أن بعض الأجواف لا يكون كذلك في زمن الشتاء وهو كذلك فإن من الحيوانات ما تكون حرارتها ضعيفة * وهذه (126) منها ما لا يحتاج إلى الغذاء أصلا في هذا الزمان لضعف حرارتها ولتوفر الرطوبات في أبدانها بكثرة تناولها للثمار واللحوم قبل الشتاء كالدب فإنه يقيم PageVW0P019A مدة الشتاء لا يأكل شيئا. ومنها ما يستولي البرد على ظاهرها * وباطنها (127) في هذه المدة فيموت أو يبقى ملقى كالميت كالحية، ولذلك صارت هذه الحيوانات تطلب الأماكن الدفيئة من الأرض حينئذ. هذا والغذاء كما ينظر في كميته عند الاحتياج إلى تناوله كما تقدم كذلك ننظر في * كيفيته (128) أيضا.
15
[aphorism]
قال أبقرتط: «الأغذية الرطبة» قال بعضهم المراد بالغذاء الرطب الغذاء الرقيق في القوام كماء الشعير وماء العسل والأول ينفع الحارة والثاني ينفع الباردة . والقرشي * جوز (129) أن يكون المراد به هو الذي إذا ورد على البدن وانفعل * عن (130) الحرارة PageVW1P021A الغريزية أثر فيه رطوبة أزيد مما كان عليه واعترض على هذا التفسير بالحمى البلغمية وبمحموم * مستسق (131) فإنه بهذا التفسير غير موافق لهما ورجح أن المراد به ما يكون سريع الاستحالة إلى الخلط الذي يرطب البدن بالتغذية وهو الغذاء التفه المائي كمرقة اللحم وأمراق الفواريح وماء الشعير * والأغذية (132) بهذا التفسير موافق لجميع المحمومين * هذا ولو ملت الأغذية الرطبة في هذا الفصل على ما هو الظاهر منه لم يمتنع ذلك وذلك لأن الحمى من حيث هي حمى حرارة غريبة وتميل إلى اليبوسة في الصفراوية وإلى الليونة في البلغمية، وهذا لا يخلو من تجفيف. فلو استعمل من الأغذية المذكورة بالمعنى المذكور في الحميات اللينة مقدار بحيث يكون مقاوما ومعدلا للتجفيف الحادث لنفع خصوصا عند الاشتداد ولذلك (133) « * توافق جميع المحمومين» وتوافق أيضا من هو رطب المزاج في حال صحته سواء كان (134) بالطبع كالصبيان أو بالعادة كمن اعتاد PageVW1P021B تناول الأغذية PageVW0P019B الرطبة لأن الصحة تحفظ بالمثل وإلى ذلك أشار بقوله «لا سيما الصبيان وغيرهم ممن قد اعتاد أن يغتذي بالأغذية الرطبة» وذلك لأن الأغذية الرطبة توافقهم من جهة المشاكلة. هذا والأغذية تختلف في تناولها للمريض بحسب المرات.
16
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن نقدم قبل الشروع في الكلام على هذا الفصل قانونا تنبني عليه أحكامه وهو معرفة القوة الهاضمة في قوتها وضعفها وتوسطها * ومعرفة حال البدن في امتلائه من المادة وخلوه منها وتوسطه. أما القوة (135) فإن كانت قوية فتقلل المرات وتكثر الكمية لأنها حينئذ تستوفي الواجب * بذلك (136) ، وإن كانت ضعيفة فبالضد، وإن كانت متوسطة فمتوسط في ذلك. وأما حال البدن في مواده فإنه إن كان ممتلئا فتقلل المرات والغذاء أيضا لعدم الاحتياج إليه حينئذ، وإن كان خاليا فبالضد للاحتياج إليه، وإن كان متوسطا فيتوسط في ذلك. هذا بالنظر إلى كل واحدة على حدة. وأما إذا اجتمعا فيراعى كل واحد منهما. مثلا إذا كان PageVW1P022A البدن ممتلئا قوي الهضم * يكثر (137) كمية الغذاء و يقلل العدد والتغذية. إما الأولان فلأن القوة إذا كانت قوية تستوفي الواجب PageVW0P020A * منه (138) في مرة واحدة وتسكن الشهوة * بكثرة (139) كمية الغذاء. وأما تقليل تغذيته فلعدم احتياج البدن إليه ويقاس على ذلك.
[commentary]
نامعلوم صفحہ
«وينبغي أن يعطى بعض المرضى غذاءهم» في اليوم * والليلة (140) «في مرة واحدة وبعضهم في مرتين ويجعل ما يعطونه منه» أي من الغذاء في المرة الواحدة أو المرتين أكثر أو أقل في كميته أو تغذيته أو هما معا. وبهذا يعلم عدم توجه ما ذهب إليه ابن القف حيث جوز رجوع الضمير في «منه» إلى المرات أنفسها أو كل مرة ويعطى «بعضهم» الغذاء في مرضهم «قليلا قليلا» وذلك بحسب ما يقتضيه القانون المتقدم «وينبغي أن يعطى الوقت» أي الفصل «الحاضر من أوقات السنة» وحكم البلد حكم الفصل «حظه من هذا» الحكم المتقدم وذلك بأن يراعى فيه. فالصيف مثلا ينبغي أن يقلل فيه مقدار أغذية المرضى لضعف القوة الهاضمة فيه ويزاد في تغذيته وعدد المرات لقلة المادة فيه لكثرة التحليل PageVW1P022B وقس على هذا وكذلك العادة فإن من اعتاد الوجبة الواحدة في حال صحته لا ينبغي أن يثني في مرضه * ومن اعتاد الثلاثة لا ينبغي أن يوجب ذلك في مرضه (141) «و» كذلك «السن» فإن الشبان مثلا قوتهم الهاضمة قوية PageVW0P020B والمادة التي في أبدانهم قليلة لكثرة التحليل ولاحتياجهم إلى زيادة النمو فلذلك * يغذون (142) في مرضهم بما هو كثرة التغذية والمقدار والعدد وعلى هذا فقس. تنبيه: إنما خص الإمام هذا الحكم بالمرضى وإن كان هو أيضا معتبرا في الأصحاء لأن الأصحاء في غالب الأمر لا يحتاجون إلى تقدير الأطباء للغذاء لأن شهوتهم تفي بالواجب منه هذا وما يذكر الآن تفصيل لقوله وينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة حظه من هذا.
17
[aphorism]
قال أبقراط: «أصعب ما يكون احتمال الطعام على» قوى «الأبدان في» فصل «الصيف و» فصل «الخريف» لضعف الحرارة الغريزية حينئذ في الباطن * ولكن (143) الخريف دونه في الضعف * فلذلك (144) كان دونه في هذا الحكم «وأسهل ما يكون احتماله» أي الطعام «عليها» أي قوى الأبدان «في» فصل «الشتاء» لقوة الحرارة الغريزية حينئذ PageVW1P023A في الباطن «ثم بعده» أي فصل الشتاء في سهولة الاحتمال «الربيع» لأن قوة الحرارة الغريزية في الباطن فيه دون الشتاء. تنبيه: ليس في هذا تكرار للفصل الذي أوله «الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما يكون» لأن ذلك الفصل كان لبيان تقدير الغذاء بحسب PageVW0P021A الفصول وهذا لبيان كيفية استعماله هل هو في مرة أو مرتين. واعلم أن المصنف من عادته إذا أراد أن ينتقل من حكم إلى حكم غيره * ذكر (145) فصلا مشتملا على كل منهما كما فعل في هذا الفصل الذي نذكره الآن فإنه يشتمل على شيء من حكم التغذية وشيء من حكم الاستفراغ.
18
[aphorism]
قال أبقراط: «إذا كانت نوائب الحمى» ذات الأدوار على ما ذهب إليه القرشي. وقال ابن القف إن فهم من الدور الشدة والخفة يكون بها الدائرة والدائمة، وإن فهم منه وقت الأخذ والترك كانت خاصة بالدائرة. واحترز بقوله نوائب الحمى عن الحمى غير ذات النوائب كالمطبقة فإن تناول الغذاء فيها لا يختلف بحسبها بل يجعله وقت الأبرد من النهار والوقت الذي جرت به عادة الأصحاء باستعمال الغذاء فيه واحترز PageVW1P023B بقوله «لازمة لأدوارها» عن غير اللازمة فإنها لا يمكن فيها أن يعرف الوقت الذي ينبغي أن يطعم المريض فيه بخلاف اللازمة فلا ينبغي في أوقاتها أن يعطى المريض شيئا وخصوصا في أول * النوب (146) سواء كان غذاءأو دواء مسهلا * وكذلك الفصد إلا أنه ليس يكون فيه من التحريك العنيف ما يكون في الأدوية المسهلة (147) وبهذا علم اشتمال هذا الفصل على شيء من قوانين الأغذية وشيء من قوانين الاستفراغ PageVW0P021B وعلم أيضا أن أول هذا الفصل ليس فيه تكرار لقول المصنف «وإذا كان للحمى أدوار فامنع من الغذاء في وقت نوبتها» لأن النهي هناك خاص بالغذاء وفي هذا الفصل عام للغذاء والدواء. قال ابن أبي صادق إن لفظ أو في اللغة اليونانية بمعنى إلا أن يضطر الحال إلى تناول شيء من ذلك «لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات» أي الأخلاط الزائدة على المجرى الطبيعي «من قبل أوقات الانفصال» أي البحران. قال القرشي البحران في اللغة اليونانية هو الفصل للخطاب ثم نقله الأطباء إلى الانفصال الذي يقع بين الطبيعة والمرض وينبغي أن يراد بالبحران هنا البحران PageVW1P024A الناقص فإنه متى كان كذلك استولت الطبيعة على المرض ودفعته دفعا تاما عند الانفصال ويؤيد هذا ما نذكره الآن.
19
[aphorism]
قال أبقراط: «الأبدان التي يأتيها» بحران بأن يكون متوقعا «أو قد أتاها بحران على * الكمال (148) » بأن ينقضي به المرض. ويعرف كماله بوجوه: الأول القوة المدبرة للبدن فإنها إن كانت قوية مستولية على المادة * الموجبة للمرض (149) كان البحران كاملا، وإن لم يكن كذلك كان البحران ناقصا. الثاني المادة الحادث عنها المرض فإنها إن كانت مطاوعة PageVW0P022A للدفع فالبحران كامل، وإن لم تكن كذلك فالبحران ناقص. الثالث الإنذارات البحرانية فإنها متى كانت جيدة فالبحران الكائن بعدها كامل، وإن لم تكن كذلك فالبحران الواقع بعدها ناقص. الرابع الأيام المتوقع حصوله فيها فإنها متى كانت غير جيدة * فالبحران الواقع فيها ناقص ومتى كانت جيدة (150) فالبحران الكائن فيها كامل وحينئذ «لا ينبغي * لك (151) أن تحرك» فيها مادة المرض * «بشيء (152) » بأن تنقلها من موضع إلى آخر كما يفيده جذب المحاجم «ولا يحدث فيها حادث لا بدواء مسهل ولا بغيره من التهييج» مثل القيء والترعيف PageVW1P024B والإدرار والتغريق لأن مادة المرض تندفع فيه دفعا تاما فينقى * منها (153) البدن ولا يحتاج إلى شيء قبله وبعده لكن يترك لأن فعل الطبيعة أولى من الفعل الصناعي وما نذكر الآن يشتمل على بيان شروط الاستفراغ.
نامعلوم صفحہ
20
[aphorism]
قال أبقراط: «الأشياء» المولدة للأمراض «التي ينبغي أن تستفرغ» من البدن «ينبغي» أن يراعى فيها أمور. قال القرشي والأشياء التي يجب مراعاتها في كل استفراغ عشرة: أحدها الامتلاء فالخلاء مانع، وثانيها القوة فالضعف مانع، وثالثها المزاج فإفراط الحرارة واليبس أو البرد مانع وقلة الدم مانع، ورابعها السحنة فإفراط القضافة * والتخلخل (154) PageVW0P022B * مانع (155) وإفراط السمن مانع، وخامسها الأعراض اللازمة كالاستعداد للذرب وقروح الأمعاء مانع، وسادسها السن فالهرم والطفولية * كل منهما (156) مانع، * وسابعها الوقت فالقائظ وشديد البرد مانع (157) ، وثامنها البلد فالحار والبارد المفرطان مانعان، وتاسعها الصناعة فالشديدة التحليل * كالقميم (158) بالحمام * مانع (159) ، وعاشرها العادة فمن لم يعتد الاستفراغ لا يهجم على استفراغه بدواء قوي. هذا وينبغي أن يقصد في كل استفراغ خمسة أمور أيضا وهي التي PageVW1P025A تعرض لها المصنف هنا الأول «أن يستفرغ من المواضع التي * هي (160) إليها أميل» لأنه أسهل وأقل كلفة على القوى كاستفراغ مادة الغثيان بالقيء ومادة الحصا بالإدرار ومادة المغص بالإسهال. ويعتبر في هذا الأمر شروط: الأول أن لا يلزم ذلك تضرر عضو رئيس * لعبور (161) المادة عليه عند استفراغ المادة منه إذا توجهت إليه كالدماغ مثلا، الثاني أن لا يلزم ذلك تضرر عضو شريف بالاستفراغ منه عند توجه المادة إليه كالرئة، الثالث أن لا يلزم ذلك تضرر عضو ذكي الحس باستفراغ المادة منه عند توجهها إليه كالعين، وربما كان العضو الذي مالت المادة إليه أخس من المنقول عنه المادة لكنه أقل صبرا على ما يرد عليه من PageVW0P023A المواد عند الاستفراغ منه كما إذا مالت * مادة (162) عضو رئيس إلى الأمعاء عند سحجها فلا تستفرغ منه، وربما كان استفراغ المادة من الجهة التي مالت إليها يوجب عبورها على عضو رئيس ولكن في الغالب لا يضر ذلك فيقدم عليه، كاستفراغ مادة الحمى بالإسهال، وإن لزم ذلك عبور المادة على الكبد، «و» الأمر الثاني من الأمور الخمسة أن يكون الاستفراغ PageVW1P025B «من الأعضاء التي تصلح * لاستفراغها (163) » وتتم هذه الصلاحية بأمور أحدها أن يكون العضو المستفرغ منه مشاركا للعضو المستفرغ * عنه (164) مشاركة قريبة، الثاني * أن يكون العضو المجتمع منه (165) محاذيا للمأوف، الثالث أن يكون العضو المخرج منه أخس من العضو المنقول عنه المادة وأصبر على مرور المادة * وخاليا (166) عن مرض يخشي زيادته، الرابع أن لا يكون خروج المادة من هناك منافيا للأمر الطبيعي. هذا والأمر الثالث من الأمور الخمسة يتضمنه للفصل الذي نذكر الآن.
21
[aphorism]
قال أبقراط:« * إنما (167) ينبغي لك أن تستعمل الدواء» المسهل لأن الدواء إذا أطلق فالمراد منه المسهل، والمسهل يكون بالتليين كالترنجبين ويكون * بالإزلاق (168) كالسبستان ويكون بالعصر كالهليلجات ويكون بالجلاء كالبورق ويكون بقوة كالمحمودة وهذا هو PageVW0P023B المسهل الحقيقي «أو التحريك» وهو نقل المادة وميلها من موضع إلى موضع آخر إلا «بعد أن ينضج المرض» أي مادته والنضج هو إحالة الحرارة للجسم ذي الرطوبات إلى موافقة الغاية المقصودة. * «فأما (169) ما دام» الموجب PageVW1P026A للمرض «نيا * وفي (170) أول المرض فلا ينبغي لك أن تستعمل ذلك» أي الدواء المسهل والتحريك «إلا أن يكون المرض مهياجا» وهو الذي تكون مواده شديدة التحريك * من (171) عضو إلى آخر «وليس يكاد * في أكثر الأمر أن يكون المرض (172) مهياجا» وذلك لأنه علم بالتجربة أن * سيلان (173) الكيموسات من عضو إلى عضو قل ما يكون. وأما في أكثر الأمر فتكون الكيموسات ساكنة ثابتة في عضو واحد. تتمة: قال القرشي: المستفرغ قد يقصد به تنقيص المادة فلا يجب فيه انتظار إلا أن تكون المواد شديدة الغلظ واللزوجة وقد يقصد به استئصالها، فإن كان المرض مزمنا وجب انتظار النضج * وإن كان حادا فالأكثون على أن انتظار النضج (174) أولى خصوصا إذا كانت المادة في تجاويف المفاصل أو مداخلة للأعضاء أو بعيدة كما إذا كانت بقرب الجلد، اللهم إلا أن يكون المرض مهياجا فتكون المبادرة إلى الاستفراغ أولى. وقال بعضهم إن المبادرة إلى الاستفراغ في PageVW0P024A جميع الأمراض الحادة أولى وقد رد هذا والأمر الرابع من الأمور الخمسة يرشد إليه هذا الفصل. PageVW1P026B
22
[aphorism]
قال أبقراط: «ليس ينبغي أن يستدل على المقدار الذي يجب أن يستفرغ من البدن من كثرته» فإن ذلك لا يدل عليه دلالة * بينة (175) فإن الامتلاء قد يكون مفرطا فلا يدل الخارج مع كثرته على النقاء «لكنه ينبغي أن يستغنم الاستفراغ ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الذي يستفرغ والمريض محتمل له بسهولة وخفة» أي الذي يدل على النقاء أمران الأول أن الاستفراغ إذا انتهى إلى خروج عن النوع المقصود استفراغه فقد بلغ وحصل نقاء البدن منه، الثاني إذا انتهى حال المريض بالإسهال إلى عدم احتماله له وذلك يكون إذا انتهى المسهل إلى إخراج الصالح * المنتفع (176) به ويدل أيضا على النقاء كثرة العطش والنوم بعد الإسهال وحيث ينبغي الاستفراغ وذلك بأن يكون من النوع الذي ينبغي أن يستفرغ وقوة المريض محتملة له «فليكن الاستفراغ» حينئذ «حتى يعرض الغشي» الكائن عن كثرة الاستفراغ. أما الكائن PageVW0P024B عن خوف المريض أو عن خلط حاد ينصب إلى * فم (177) المعدة فلا يدل على مبالغة الاستفراغ «وإنما ينبغي PageVW1P027A أن يفعل ذلك» بأن تبالغ في الاستفراغ إلى حد الغشي «متى كان المريض * محتملا (178) له» أي للغشي. أما من لم يحتمل الغشي كالجبان أو من قلبه ضعيف فينبغي أن لا يفعل * ذلك معه (179) . مهمة: عبارة جالينوس صريحة في أن حصول الغشي حد لنهاية الاستفراغ وهذه عبارته وقد جربنا هذا الاستفراغ مرارا كثيرة لا تحصى فوجدناه ينفع منفعة قوية وذلك أن استفراغ الدم بالفصد إلى أن يحصل الغشي في الحمى المفرطة الحرارة تحدث للبدن كله على المكان برد ويطفئ الحمى وفي أكثر من يفعل به ذلك تستطلق بطنه ويجري منه عرق كثير وبعضهم ينتفع به منفعة عظيمة وتنكسر به عادية المرض وشدته ولا أعلم في الأوجاع الشديدة المفرطة علاجا أقوى وأبلغ من الاستفراغ إلى أن يعرض الغشي. تنبيه: قال ابن القف معنى قول أبقراط إنه إذا حصل الأمراض فلتستغنم الاستفراغ وتبالغ فيه حتى يعرض الغشي أنه على طريق المبالغة والتأكيد PageVW0P025A وليس معناه أن يجعل الغشي حدا للاستفراغ لأنه يشكل بأمر وهو أنه قد ينقي PageVW1P027B البدن من الشيء الذي يجب أن يستفرغ والغشي لم يحصل، فإن استمر الاستفراغ بعد الفراغ مما يجب استفراغه إلى أن يحصل الغشي تلف البدن، وإن لم يستمر فقد حصل النقاء وإن لم يحصل الغشي، أقول وهذا الإشكال مردود فإن الإمام أمر بالاستفراغ إلى حد الغشي ما دام المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن يستفرغ وحال المريض محتمل له فإذا انتفى كون المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن يستفرغ * فلا يستمر في الاستفراغ (180) إلى حد الغشي بل يجب القطع حينئذ * وهو مفهوم من عبارة الفصل (181) ومناسبة الفصل الذي سيذكر له من حيث اشتمال كل منهما على ذكر الاستفراغ.
23
نامعلوم صفحہ
[aphorism]
قال أبقراط: «قد يحتاج في الأمراض الحادة في الندرة» * قال جالينوس: إنه ليس يكاد أن تكون الأخلاط المولدة للأمراض في أوله مهياجة وإن اتفق أن يكون كذلك فليس يكاد أن يتفق الاستفراغ لما سيذكر من قوله: فينبغي أن يدبر الأمر على ما ينبغي (182) .«إلى أن يستعمل الدواء المسهل في أولها» لوجوه: الأول أن يكون المرض مهياجا، الثاني أن تكون المادة كثيرة PageVW1P028A فيخاف من استيلائها على الطبيعة في مدة الإنضاج، الثالث أن تكون القوة ضعيفة جدا فلا تفي بالصبر على المرض إلى وقت النضج، الرابع أن تكون المادة رديئة جدا فيخاف افسادها PageVW0P025B للمزاج أو بعض الأعضاء لو أبقيت إلى وقت النضج، الخامس أن تكون المادة دائمة الانصباب إلى العضو المأوف، السادس أن يكون ذلك لغرض التنقيص وبهذا علم أن هذا الحكم أعم مما ذكر في الفصل الذي أوله: إنما ينبغي أن يستعمل الدواء والتحريك «وإنما ينبغي أن يفعل ذلك» أي الاستفراغ المذكور «بعد أن يتقدم فيدبر الأمر على ما ينبغي» وذلك بأن يكون بتوق واحتياط في تهيئة الطرق * والاحتياط (183) من مقارنة مانع أو مؤذ لأن هذا الاستفراغ على خلاف الواجب. هذا والأمر الخامس من الأمور المقصودة في كل استفراغ هو كون المستفرغ من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن. وبتمام الفصل الدال عليه تمم المقالة الأولى.
24
[aphorism]
قال أبقراط: «إن استفراغ البدن من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن نفع ذلك» الاستفراغ PageVW1P028B لإخراجه المؤذي «وسهل احتماله» بعدم تضرر الطبيعة بمفارقته «وإن كان الأمر على ضد ذلك» بأن يكون من النوع الذي لا ينبغي أن ينقى منه كان الأمر عسرا لأنه لا تعقبه خفة ولا راحة ولا يحصل به نفع. تنبيه: قال ابن القف نقلا عن جالينوس أن هذا الفصل PageVW0P026A محصور في الفصل الذي أوله أن كل ما يستفرغ من البدن عند استطلاق البطن والقيء الذين يكونان طوعا من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن نفع ذلك وسهل احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد غير أنه لما كان قد تكلم في الإسهال الذي يفعله الأطباء وإنما تجتمع الشروط التي لا بد منها في تحديد ذلك ذكر هذا الفصل على سبيل التذكار ثم قال والحق عندي أن حكم هذا الفصل مغاير لحكم الفصل الأول وذلك لأن الإمام أبقراط اشترط في الأول أن يكون الاستفراغ طوعا وفي هذا الفصل لم يذكر هذا الشرط بل جعله مطلقا فهو أعم منه لأنه شامل للطوعي والصناعي.
المقالة الثانية من المقالات السبع المرتب عليها الكتاب
تشتمل على فصول PageVW1P029A الأول منها في الكلام على النوم واليقظة لأن الغرض من الطب حفظ الصحة وإزالة المرض وذلك موقوف على استعمال الستة الضرورية بحسب الإمكان وهي: الهواء المحيط بأبداننا، وما يؤكل ويشرب، والحركة والسكون، والنوم واليقظة، والاستفراغ والإحتباس، والحركة والسكون النفسانيان وما يتناول. أما PageVW0P026B الاستفراغ والإحتباس فقد تقدم * الكلام (1) عليهما في المقالة الأولى وسيأتي الكلام على بقية الأسباب متفرقا.
1
[aphorism]
قال أبقراط: * النوم وهو عبارة عن رجوع الحرارة الغريزية إلى الباطن طلبا لإنضاج الغذاء ويتبعها الروح النفساني لاضطرار الخلاء واعلم أن النوم (2) ينقسم إلى طبيعي وهو الكائن عن عقيب استعمال الغذاء، وإلى ما ليس بطبيعي وهو الكائن * عقب (3) التعب طلبا للراحة، وإلى خارج عن المجرى الطبيعي وهو السبات. وليس الكلام فيه إن كان في مرض من الأمراض يحدث وجعا أي ضررا فذلك من علامات الموت وذلك وذلك لأن الطبيعة أقوى ما تكون على حال المرض في وقت النوم لاجتماع الحار الغريزي في الباطن PageVW1P029B وإذا كان للمرض من القوة بحيث يغلب الطبيعة في هذه الحالة ويزيد في الضرر فبالحري أن يدل ذلك على غاية المكروه. وجالينوس حمل الوجع على الضرر الخاص وهو الحاصل من النوم في وقت المنتهى والانحطاط وإذا كان النوم ينفع في المرض فليس ذلك من علامات الموت أي أنه لا يدل على الموت وأما دلالته على الصلاح والصحة فإنما * يكونان (4) إذا كان ذلك النفع أكثر من المتوقع منه في العادة ويريد بهذا الحكم ما يذكر الآن.
نامعلوم صفحہ
2
[aphorism]
قال أبقراط: متى سكن النوم اختلاط الذهن PageVW0P027A * الناشئ (5) عن * حرارة (6) أو يبس * أو أبخرة (7) صفراوية فذلك علامة صالحة وهو ظاهر. وفي معنى اختلاط الذهن سكون الوجع ونضج المادة وتحليل الورم هذا والإفراط في النوم مضر.
3
[aphorism]
قال أبقراط: النوم * وقد تقدم معناه في الكلام على صدر المقالة (8) والأرق وهو يقظة مفرطة وخروج عن الأمر الطبيعي فيه * وذلك لأن اليقظة سببها المادي يبوسة معتدلة (9) وهذان إذا جاوز كل منهما المقدار القصد اي المقصود بحسب القوانين الطبية PageVW1P030A وذلك بأن يكون كل منهما مفرطا فتلك علامة رديئة لأن ذلك * يدل (10) على سوء * المزاج المفرط (11) أما النوم فعلى فرط برد مخدر للدماغ أو فرط رطوبة مرخية مانعة من نفود الروح فتغلظ جوهر الدماغ وتكدره وتمنع المواد من التحليل وترخي آلات القوى النفسانية وتحدث أيضا لفرط تحلل الروح وأما الأرق فعلى فرط اشتعال الدماغ أو حدة الأبخرة المتصعدة إليه واشتعال الروح وناريتها لفرط حرارة أو يبس فتجفف جوهر الدماغ وتضعف القوى النفسانية بفرط التحليل. تنبيه: اعلم أن النوم الطويل ليس يتوقف كونه علامة رديئة على كونه ثقيلا كما ظن بعضهم انتهى. ومناسبة ما سيذكر لما قبله ظاهر من حيث أن الأفراط في الشيء ضار. PageVW0P027B
4
[aphorism]
قال أبقراط: لا الشبع أي الامتناع من الطعام ولا الجوع أي الشهوة الكاذبة وأما الصادقة فلا توصف بإفراط. قال القرشي أن الإمام عمم الحكم في جميع الأشياء الطبيعية بقوله ولا غيرهما من جميع الأشياء بجمود إذا كان مجاوزا للمقدار الطبيعي أما الشبع PageVW1P030B فلدلالته على فرط الامتلاء أو فرط حرارة المعدة أو على بطلان حس فم المعدة أو ضعف الكبد أو موت القوة الشهوانية وأما الجوع فلدلالته على شدة برودة المعدة أو فرط احتراقها أو انصباب خلط حامض لذاع إليها وإنما قال ليس بمحمود ولم يقل أن ذلك رديء لأن الشبع والجوع المفرطين قد لا يكونان رديئين كالجوع الذي يكون * في (12) أوائل الحمى لالتفات الطبيعية إلى إنضاج المادة والجوع والذي يكون للناقهين لاشتياق الطبيعة إلى ما يخلف بدل ما تحلل. تنبيه: النافع هو كل ما يجلب خيرا. والضروري هو الذي لا يمكن التخلي عنه سواء كان من أفعال الطبيعة الخاصة بالشيء الذي هو ضروري له أو لا يكون، فيكون أخص من النافع PageVW0P028A والطبيعي هو المنسوب إلى الطبيعة فيكون أخص من الضروري وأعلم أن الإعياء من جملة الأشياء الخارجة عن الاعتدال أيضا.
5
نامعلوم صفحہ
[aphorism]
قال أبقراط: الإعياء وهو كلال يعتري القوة المحركة عند تحريكها للعضو الذي لا يعرف له سبب وذلك * لأن (13) الإعياء إن كان سببه كثرة المواد فهو أردى ويسمى عند الجمهور الإعياء الذي لا سبب له وإن كان له سبب في الحقيقة لأن السبب PageVW1P031A المعروف للإعياء هو الحركة وإن كان سببه الحركة فهو أسلم ويسمى الرياضي والإعياء المذكور في الكتاب ينقسم إلى مفرد ومركب والأول ينقسم إلى أربعة أقسام: الأول القروحي وهو ما يحس منه في البدن بألم كألم القروح. والثاني التمددي وهو ما يحس منه في البدن بتمدد. والثالث الورمي وهو ما يكون معه البدن كالمنتفخ حجما ولونا والرابع القشفي وهو ما يحس صاحبه كأنه أفرط به الجفاف * واليبس (14) والثاني هو المتركب عن هذه بعضها مع بعض. قال القرشي وبالجملة فهو ينذر بمرض وقال ابن القف أن المنذر PageVW0P028B * بالمرض (15) هما القسمان الأولان وذلك لأنه قسم الإعياء إلى قسمين مفرد ومركب ثم قسم المفرد إلى القسمين المذكورين أعني القروحي والتمددي. والمركب سماه بالورمي ثم قال أن الورمي لا ينذر بالمرض لأنه ورم والورم مرض. أقول بعد تسليم أن هذا النوع ورم حقيقة * وإلا فهو ممنوع (16) أن هذه العلة تبطل كون الإعياء مطلقا منذرا بمرض لأنه من حيث هو فهو مرض ولو سلم فيكون * مرضا منذرا (17) بمرض ولا امتناع في ذلك، انتهى. ومناسبة الفصل الذي سيذكر لما قبله من حيث PageVW1P031B أن الأول متعلق بالآفة المتعلقة * بالحركة البدنية والثاني يشتمل على الآفة المتعلقة (18) بالحركة النفسية.
6
[aphorism]
قال أبقراط: من بوجعه شيء من بدنه مراده بالوجع الحالة التي يجب عنها الوجع أعني المرض * كالحمرة مثلا وبهذا (19) يندفع ما قيل أن قوله «يوجعه» * مناف (20) لقوله ولا يحس بوجعه * وهو (21) الإحساس بالمنافي من حيث هو * مناف (22) بغتة في أكثر حالاته فعقله * مختلط (23) وذلك لأنه إذا كان * لاختلاط (24) العقل فإنه قد يحس به في بعض PageVW0P029A الأوقات وهو عندما يصحوا ذهنه. تنبيهان: الأول: يحصل * عدم (25) الإحساس أيضا * بألم (26) أعظم منه، فتشتغل النفس بالأعظم عن الضعيف * ويحصل (27) أيضا بكون العضو المألوم عديم الحس. التنبيه الثاني: قال في الصحاح اختلط فلان أي فسد عقله. ولما ذكر الوجع أعني الإحساس بالمنافي من حيث هو * مناف (28) بغتة فهم منه إن الذي يحدث قليلا قليلا لا يحس به أيد ذلك بما يذكر الأن.
7
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي تهزل قال في الصحاح الهزال ضد السمن في زمان طويل وحينئذ يكون على التدريج فلا يكون للطبيعة شعور به ويكون قد ألفته * لطول (29) زمانه ويكون الخصب كالغريب فينبغي أن PageVW1P032A يكون إعادتها بالتغذية إلى الخصب بتمهل لعسر إعادتها إلى الحالة الأولى لما ذكر. قال في الصحاح: المهل بالتحريك التؤدة وتمهل في أمره اتأد. والأبدان التي ضمرت أي هزلت في الزمان يسير وذلك بأن يكون لسبب قوي عارض دفعة فتكون الطبيعة مدركة له ويكون كالقريب من المزاج الطبيعي وهذا علة PageVW0P029B قوله ففي زمان يسير تخصب لسهولة ردها حينئذ إلى الحالة الطبيعية. هذا ومن جملة المهزولين الناقه.
8
[aphorism]
نامعلوم صفحہ
قال أبقراط: الناقه من المرض قال في الصحاح: «نقه من المرض بالكسر نقها» مثل تعب تعبا «وكذلك نقه نقوها» مثل كلح كلوحا «فهو ناقه إذا صح وهو في عقب علته» إذا كان ينال أي يشتهي ويمتلئ من الغذاء وليس يقوى به وذلك إذا لم تتراجع قوته إلى الحالة التي كانت عليها من الصحة فذلك يدل على أنه يحمل على بدنه منه أي من الغذاء أكثر مما يحتمل قال جالينوس: وقصته أن الطعام الذي يتناوله ليس يغتذي به بل هو ثقل يقع على بدنه وإذا كان كذلك أي لا يقوى بالغذاء وهو لا ينال منه مقدارا كافيا دل على أن بدنه أي الناقه يحتاج إلى PageVW1P032B استفراغ. اعلم أن أبقراط يستعمل الاستفراغ في إخراج الكيموسات المتزايدة مع حفط نسبتها، والإسهال فيما إذا غلب واحد منها وأريد إخراجه. هذا وما يذكر الآن يستعمل على بيان ما يحب قبل الاستفراغ. PageVW0P030A
9
[aphorism]
قال أبقراط: كل بدن تريد تنقيته وذلك لأن استفراغ مثل هذه البقايا تسمى تنقية بحسب العادة فينبغي أن تجعل ما تريد إخراجه من الفضلات الرديئة * منه أي من البدن (30) يجري فيه بسهولة وذلك بتفتيح المجاري وتعديل قوام الفضلة وغير ذلك مما يهيئ الفضلات للإخراج فلا يحوج إلى استعمال أدوية قوية مضعفة فلا يحصل للناقه بالاستفراغ المذكور زيادة ضعف على ما ناله من مقاومة المرض المتقدم * فحينئذ (31) يجب الاستفراغ ويؤيد هذا دليلان * الأول (32) :
10
[aphorism]
قال أبقراط: البدن الذي ليس ينقى كلما غذوته بغذاء ولو كان محمودا فإنما تزيده ضررا على الحاصل له من عدم النقاء وذلك لاستحالة الغذاء فيه إلى الكيموس الرديء. تنبيه: اعلم أن الرازي ناقض هذا الحكم بشخص في معدته خلط رديء، يسير المقدار، يمكن ان يصلح بالغذاء الجيد الذي يرد عليه فلا يزداد PageVW1P033A شرا بل * إصلاحا (33) . وأجاب عنه ابن أبي صادق بأن هذا الشخص لا يطلق PageVW0P030B عليه بأن بدنه غير نقي ثم أيد هذا بأنه لو أطلق عليه لكان أكثر الأصحاء ليسوا بنقيي الأبدان، انتهى. وهذه الأغذية تختلف في إحداث الشر بسبب عدم اللطافة أو اللطافة * كالشراب (34) .
11
[aphorism]
قال أبقراط: لأن يملأ البدن الغير النقي من الشراب أي الخمر أسهل عليه وأقل في أحداث الشر من أن يملأ الطعام وذلك لأن الشراب غذاؤه ألطف وتحلله أسرع. واعلم أن تواتر السكر يوقع في فساد مزاج الدماغ فيبلد، ويحدث السكتة والصرع والفالج والرعشة والتشنج الإمتلائي والكزاز والغشي والخفقان والموت فجأة والإسهال الكبدي. هذا وما يذكر الآن يدل على الدليل الثاني:
نامعلوم صفحہ
12
[aphorism]
قال أبقراط: البقايا التي تبقى من الأمراض بعد البحران من عادتها أن تجلب عودة من المرض لأن البقية التي بقيت من مواد الأمراض إنما هو لعجز الطبيعة عن دفعها وهذه إذا ورد عليها غذاء أفسدته فيكثر وحينئذ فتستولي على الطبيعة وتفسد وتوجب المرض. PageVW0P031A تنبيه: إنما قال بعد البحران ولم يقل في الناقه لكون كلامه فيه، ليوصل به في فصل في أحكام البحران.
13
[aphorism]
قال أبقراط: إن من يأتيه البحران قد يصعب عليه مرضه في الليلة التي قبل نوبة الحمى التي يأتي فيها البحران وذلك لأنه فصل بين المتقابلين أعني الطبيعة والمرض فلا بد من مثال يتقدمه وهو موجب لصعوبة المرض، وأكثر ما يكون ذلك في الليل لأن الأمراض كلها تشتد في الليل لاشتغال الطبيعة بها خصوصا في الليلة التي قبل نوبة الحمى التي يأتي فيها البحران ثم في الليلة التي بعدها أي النوبة يكون المرض أخف على الأمر الأكثر وذلك لأن البحران سواء كان تاما أو ناقصا، محمودا أو مذموما فإنه في الأكثر يعقبه خف. أما التام فظاهر، وأما الناقص قد استولت فيه على المرض نوعا من الاستيلاء، وأما المذموم فلأن الطبيعة قد يئست فيه عن المقاومة للمرض فتركت المجاهدة وحينئذ يحصل الخف لعدم العلق والكرب. وأكثر ما يكون ذلك في الليلة التي PageVW0P031B بعد البحران هكذا علله القرشي ثم سأل سؤالا مرتبا على التعليل المذكور وهو أنه يلزم أن تكون الخفة حاصلة عقيب كل بحران وأجاب بأنه لا يلزم ذلك لأن من البحارين ما يعقبه الموت فلا يظهر بعده خف فيكون حاصل كلامه أن قول الإمام على الأكثر راجع إلى حصول الصعوبة في الليلة التي قبل البحران والخف في الليلة التي بعده. وجالينوس علل ذلك بتعليل آخر وهو أن أكثر البحارين تأول إلى السلامة إلا في الوباء فيكون حاصله أن قول الإمام على الأكثر راجع إلى البحارين المحمودة وتبعه ابن أبي صادق وابن القف بل قال إنه الحق معللا ذلك بأن ما يحط عقيب البحارين غير المحمودة لا يسمي خفة في الإصطلاح بل فترة وبأن الطبيعة مقهورة للمرض. وأقول الحق يرجع إلى ما يراد بالخفة فإن كان المراد بها الحالة التي تحصل عند ترك المجاهدة فيكون ما ذهب إليه القرشي متوجها وكفاك شاهدا على هذا ما يشاهد في مدة المرض من صعوبته عند المجاهدة وخفته عند ترك المجاهدة حتى أن كثيرا من المرضى PageVW0P032A تحصل لهم حالة كالراحة وكالقوة حتى ربما تحرك بعضهم حركة قوية بعد العجز عما هو دونها وربما صحي ذهن بعضهم بعد الاختلاط وإن كان المراد بها الحالة التي تحصل عقيب قهر الطبيعة للمرض وذلك في البحارين المحمودة فيكون ما ذهب إليه جالينوس متوجها مع أن هذا المعلل اعترف بما يحصل عقيب استلاء المادة المرضية على الطبيعة خفة، وذلك في البحث الثاني من الكلام على قول الإمام لا ينبغي أن تغتر بخفة يجدها المريض في المقالة الثانية. هذا ومن جملة البحارين المحمودة التي يعقبها الخف استطلاق البطن.
14
[aphorism]
قال أبقراط: استطلاق البطن سواء كان صناعيا أو طوعيا قد ينتفع باختلاف ألوان البراز وذلك بأن يكون مختلطا بالأخلاط الغير الطبيعية الغالبة على البدن وهذا يكون لاستفراغها وحينئذ لا يخفى نفعه بخلاف الكائن لسبب اختلاطه بالأخلاط الطبيعية فإنه لا ينتفع به لأنه من النوع الذي لا ينبغي إخراجه ولذا قال قد ينتفع به بإختلاف ألوان البراز إذا لم يكن تغيره أي البراز إلى أنواع منه رديئة مثل PageVW0P032B الصديدي والعسالي والروياني فإن خروج هذه لا ينتفع بها وإن كانت تدل على أن فساد المواد فيها أكثر لأنها لا يعقبها صلاح. هذا ومناسبة ما سيذكر لما قبله ظاهرة، من حيث أن ما يبرز من البدن يدل على الخلط الغالب.
15
نامعلوم صفحہ
[aphorism]
قال أبقراط: متى اشتكى الحلق أو خرج في البدن بثور أو خراجات سواء كان ذلك ببحران أو بغير بحران، وبالجملة يكون لمادة فاسدة دفعتها الطبيعة إلى هناك فينبغي حينئذ أن تنظر وتتفقد ما يبرز من البدن من العرق والبول والبراز فإن كان الغالب عليه المواد والأخلاط الفاسدة كان البدن مع ذلك * عليلا (35) بدلالة الخارج على عدم النقاء وأن المادة لم تندفع بكليتها إلى الحلق أو إلى الجلد وحينئذ يحتاج إلى الاستفراغ وإن كان ما يبرز من البدن مثل ما يبرز من البدن الصحيح فكن على ثقة من التقدم على أن تغذو البدن. لدلالة ما يبرز على النقاء. هذا وما يذكر الآن مناسب من حيث اشتمال كل منهما على حلم من أحكام الغذاء.
16
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان بإنسان جوع وهو على قسمين: عام لجميع الأعضاء PageVW0P033A خال عن الشعور وهو عبارة عن احتياج الأعضاء إلى الغذاء، أو خاص بالمعدة ويكون معه الشعور وهو عبارة عن الإحساس عند استعمال الغذاء. وهو على نوعين: صادق وهو الذي يكون الإحساس به كذلك، وكاذب وهو الذي يكون الإحساس به كذلك. ومراد أبقراط بالجوع هذا الصادق لأن الكاذب ينبغي أن تستعمل فيه الحركة للتحليل وتخفيف المادة الفاسدة من البدن وأما من كان به الصادق فلا ينبغي أن يتعب حتى يغتذي لأن التعب محلل ومن به هذا الجوع تكون أعضاؤه خالية من الرطوبات فيخف بدنه لذلك. تنبيه: ترك غير التعب أولى كالاستفراغ والفصد لكونه أكثر إخراجا. مهمة: من الناس من ينبغي له أن يتعب على الجوع وهو المفرط في الخصب. تتمة: الجوع منه إرادي كالصوم والحمية، ومنه غير إرادي كالحادث عند الجدب. هذا و ما يذكر الآن يتعلق بالغذاء أيضا.
17
[aphorism]
قال أبقراط: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة خروجا كثيرا في الكم الكيف قال جالينوس: وهذا PageVW0P033B هو مراد الإمام هنا. قال ابن القف: وهذا وإن كان حق فإنه يرد عليه أن الغذاء إذا أطلق فالمراد به الغذاء الصرف ثم قال والذي صح عندي أن مراده بالغذاء الغذاء الصرف فإن ذلك أي ورود الغذاء الخارج عن الطبيعة في الكم والكيف يحدث مرضا بواسطة الامتلاء بحسب الأوعية وبحسب القوة وبهذا يندفع ما قيل أن ذلك ليس يحدث للمرض بل يحدث الامتلاء ويدل على ذلك برؤه قال القرشي: والمعنى أنه يدل على نوع ذلك المرض برؤه ووجه الدلالة إن برء الأمراض بالضد فالمرض الذي يبرأ بالأشياء الحارة يعلم أنه بارد والذي يبرأ بالأشياء الباردة يعلم أنه حار وعلى هذا مشى ابن أبي صادق وقال ابن القف: المعنى أن الغذاء الخارج عن الطبيعة في الكم، وهو الذي صح عنده، يضر بالبدن بواسطة الامتلاء يدل عليه برؤه بما يقابله أعني الاستفراغ بالفصد مثلا. تنبيهان: الأول قال جالينوس لو قال ومما يدل عليه برؤه لكان أجود لأن البرء بعض ما يدل وبين ذلك بقوله بأنه من أكثر الغذاء أو استعمل من الرياضة التي كان PageVW0P034A يستعملها ثم وجد حمرة في عينيه * وثقلا (36) في بدنه * وانتفاخا (37) في عروقه توهم أن مرضه من كثرة تناول هذا الغذاء فإذا استقر غناه انتفع فصح عندنا أنه من كثرة الغذاء بالعلامات المذكورة والبرء. فيكون البرء * بعضا (38) من الدلالة قال ولعله مراد الإمام لكنه حذفه من لم يفهمه. التنبيه * الأول (39) : اعلم أن ضرر هذا الغذاء بالجيعان شديد لأن الامتلاء عقيب الجوع الشديد المستمر أياما فقال وهذا هو سبب حصول كثرة الوباء بعد سنين الغلاء. التنبيه الثاني: قال جالينوس ويحتمل هذا الفصل * نوعا (40) آخر من التفسير وهو أن معنى قوله خارج عن الطبيعة هو الخروج في الكيفية غير أن مثل هذا الغذاء إذا كان يسيرا لم يحدث مرضا كحال الأدوية المفسدة للبدن مثل البيروج والأفيون والأفربيون فإنها متى تناول منها المقدار اليسير لم تضر البدن فلذلك قال كثير ويشكل عليه أن الغذاء حيث ما أطلق فالمراد به الصرف. انتهى والفصل الذي يذكر الآن يشتمل على بعض أحكام الغذاء أيضا.
18
[aphorism]
نامعلوم صفحہ
قال أبقراط: ما كان من الأشياء اللطيفة غذاء صرفا PageVW0P034B أو دواء يغذوا سريعا بطبعه وذلك بأن يستحيل ويتشبه بالعضو بسرعة وبهذا يندفع ما قيل أن الغذاء اللطيف يختلف بسرعته بحسب طباع الأشخاص دفعة أي في زمان قصير فخروجه أيضا يكون سريعا قال ابن القف نقلا عن جالينوس أن قوما فهموا من الخروج أن يكون سريع التحلل من البدن. قال جالينوس: «وهذا حق» غير أن الخروج في اللغة اليونانية في الغالب لا يطلق إلا على خروجه من البطن بالبراز وهو الذي اختاره ابن أبي صادق اختار الأول. قال ابن القف أن هذين التفسيرين ليس بينهما منافاة وذلك لأن الغذاء اللطيف ينقسم إلى ما هو كثير التغدية قليل الفضلة وفي مثل هذا يجب أن يكون المراد بخروج التحلل من البدن لعدم اهتمام الطبيعة بخروجه بالبراز لقلة الفضلة، وإلى ما هو قليل التغدية كثير الفضلة وفي مثل هذا يجب أن يكون المراد بالخروج خروجه بالبراز لكثرتها. والذي يظهر، وجوزه جالينوس، وعليه مشي القرشي، أن المراد بالخروج الأمران أي يكون خروجه من البطن سريعا وكذلك تحلله PageVW0P035A من البدن. تنبيه: اعلم أنه يدل على أن الغذاء يغذوا سريعا قوة النبض وعظمة وقوة الحركات الإرادية. تتمة: قال جالينوس في شرح هذا الفصل قولا وحاصله أن المعدة تحظى أولا من الطعام المسمى بالكيلوس فيحدث منه الأوفق وتوزعه بين طبقاتها. فإذا استغنت عنه دفعته عنها. وأورد عليه الرازي شكا * وهو (41) أنه إذا كانت تغتذي على هذا الوجه بمجيء الأوردة إليها لا فائدة فيها. وأجاب ابن القف بأن المعدة لها طبقة داخلة تغتذي من الكيلوس وخارجة تغتذي مما يجيء لها في الأوردة. واعلم أنه قد تقدم علامات تدل على الصلاح وعلامات تدل على الفساد كالنوم مثلا ومع هذا فلا يكون بذلك في غاية الثقة في الأمراض الحادة.
19
[aphorism]
قال أبقراط: إن التقدم بالقضية بأن يحكم على المريض بما يؤول إليه أمره في الأمراض الحادة بالموت كانت أو بالبرء ليست تكون على غاية الثقة لسرعة حركة المواد الكثيرة الفاسدة فيها إلى القلب وعنه إلى الأطراف بخلاف الأمراض المزمنة فإن الحكم فيها بما تقتضيه العلامة يكون PageVW0P035B الثقة به أكثر لبطء حركة موادها مع قلتها. تنبيه: اعلم أن جالينوس مثل للمرض الحاد الخالي عن الحمى بالفالج وهو مشكل. وأجاب عنه ابن القف بأن الفالج له اعتباران أحدهما بالنسبة إلى حدوثه والثاني بالنسبة إلى زواله وبرءه فإن نظرنا إليه بالاعتبار الأول كان مرضا حادا لأن حصوله قصير وهو شديد الخطر ولذلك لا يجوز الإقدام عليه في الابتداء إلا بالعلاج المعتدل الخفيف. مهمة: قال الرازي هذا الكلام من الإمام فيه نظر وذلك لأن لكل مادة علامة تخصها ولكل عضو علامات تخصه فإذا حلت المادة في عضو من الأعضاء ضبطنا علامات كل منهما وحكمنا بالبرء أو بالموت حكما صحيحا. قال ابن القف: «وهذا وإن كان حقا غير أن زمان حلول المادة في العضو في الأمراض الحادة لقصره لا يمكننا أن نضبط جميع علامات كل منهما حتى نحكم بالموت أو بالبرء» ولهذا قال ليس في غاية الثقة وإلا فقد يحكم في الأمراض الحادة بأحكام دالة على الموت أو على البرء. تنبيه: الحكم الذي تقتضيه العلامة في الصحة أقوى وأوثق يؤيد هذا ما نذكر الآن.
20
[aphorism]
قال أبقراط: من PageVW0P036A كانت بطنه في الشباب لينة وذلك يكون لكثرة الصفراء في هذا السن لحرارته فيندفع قسط وافر من الصفراء إلى الأمعاء فيلذعها ويغسلها ولضد ذلك فإنه إذا شاخ يبس بطنه وأشار إلى ما يقابل هذا الحكم بقوله ومن كان في شبابه يابس البطن لإفراط حرارة معدته فتضعف الشهوة للطعام ويقوي الهضم فيكون المتناول من الغذاء قليلا فيقل الفضل المندفقة من بطنه فإنه إذا شاخ لان بطنه لنقص الحرارة حينئذ فتنهض الشهوة للغذاء ويضعف الهضم فيكون الوارد من الغذاء كثيرا فتكثر الفضل المندفعة من البطن. تنبيه: محل هذا الحكم ما إذا كان اليبس واللين المذكورين بسبب السن نفسه انتهى. وما يذكر الآن يؤيد أن برد المعدة يقوي الشهوة وحرها يرخي الشهوة.
21
[aphorism]
قال أبقراط: شرب الشراب يشفي من الجوع الكلبي. قال بذلك جالينوس وتبعه القرشي وأبطل قول من قال أن مراد الإمام به بيليموس بأن هذا المرض سقوط الشهوة لا الجوع وأما الجوع بإنما يكون في ابتدائه، وقال ابن أبي صادق إلى أنه يجوز أن يراد به الجوع الكلبي وبيليموس ويكون PageVW0P036B تبع الشراب لبيليموس تبعه للجوع الذي في ابتدائه واختاره ابن القف أيضا لكن قال أن تبع الشراب في بيليموس هو سرعة نفوذه وسرعة استحالته وتقويته للروح والقلب. تنبيه: مراده بالجوع الكلبي ما كان عن جوع المعدة هذا وما يذكر الآن كالتتمة لما قبله.
نامعلوم صفحہ
22
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأمراض يحدث من الامتلاء فشفاه يكون بالاستفراغ أي خلاء البدن من المدة الفاسدة سواء كان بالإسهال أو بالفصد أو بالإسهال أو بالإدرار أو غير ذلك وما كان منها أي من الأمراض يحدث من الاستفراغ فشفاه يكون بالامتلاء قال ابن أبي صادق أن جالينوس يرى أن مراد أبقراط بقوله بالامتلاء والاستفراغ ما لم يحدثا مرضا بقرينة استعمال الإمام لفظة المضادة عند قوله وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة فإن هذا هو العلاج البسيط المستعمل في إزالة السبب. ويكون تقدير الكلام ما كان من الأمراض التي من شأنها أن يستفرغ البدن في الأول وفي الثاني وهذا التدبير يسمى التقدم بالحق وأما إذا حدث عن الامتلاء والاستفراغ PageVW0P037A المرض فالعلاج يكون حينئذ مركبا من هذا العلاج ومن تدبير المرض لمن جوز أن يراد بذلك الأمراض أنفسها وحينئذ تكون المعالجة بالضد في الحقيقة مركبة. واعلم أن للأطباء * قاعدتين (42) في العلاج الأولى أشار إليها بقوله وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة. والقاعدة الثانية هي حفظ الصحة بالمثل وقد أورد على كل منهما شكوك ومن جملتها أن علاج الأمراض إذا كان بالضد يجب أن تبرأ الأمراض كلها في ساعة واحدة وجوابه بأن الأمراض بالطبع تستحق أن تبقى زمانا يأتي بحارينها فيها وإليه يشير الفصل الذي يذكر الآن.
23
[aphorism]
قال أبقراط: إن البحران يأتي في الأمراض الحادة بقول مطلق في أربعة عشر يوما وإنما كانت الأمراض الحادة مضبوطة البحارين لأن الأمراض المزمنة قد تطول حتى يفنى العمر قال ابن أبي صادق مراده بالمرض الحاد ما يكون متصلا، ونقصه ابن القف بالغب الخالصة فإنها تنقضي في المدة المذكورة مع حسن التدبير ومع ذلك فليست متصلة ثم ذكر كلاما حاصله أن الحق أن يراد بالمرض ما ذكر أولا. فائدة: إنما نص PageVW0P037B على هذه الأمراض لأنها أقوى البحارين وأشرفها وأسلمها. هذا و ما يذكر الآن يشتمل على بيان أيام البحران.
24
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن نقدم أمام الكلام على هذا مقدمتين. الأولى: في تحقيق القول في الأرابيع والأسابيع المنسوبة إلى تأثير نور القمر بحسب المنازل التي ستذكر وذلك بحسب جري العادة من الله تعالى. فنقول: اعلم أن مدة دور العمر من الاجتماع الأول إلى الاجتماع الثاني تسعة وعشرون يوما وخمس يوم وسدس يوم والسدس والخمس ثلث يوم تقريبا فينقص من هذه المدة مدة الاجتماع وهي التي يكون القمر فيها * خاليا (43) من النور وهي يومان ونصف وثلث. فتبقى مدة الدورة وهي الباقي بعد الإسقاط ستة وعشرون يوما ونصف فيقع البحران في السابع * والعشرين (44) ونصف هذه الدورة ثلاثة عشر يوما وربع، فيقع البحران في الرابع عشر ونصف، نصفها ستة أيام ونصف وثمن، فيقع في السابع ونصف ذلك ثلاثة أيام ونصف وربع ونصف ثمن، فيقع في الرابع وهو أيضا يوم إنذار والدليل على أن لنور القمر * تأثيرا (45) في الرطوبات زيادة البحار والأعين PageVW0P038A وزيادة أدمغة الحيوانات وأخلاط البدن وسرعة إدراك الثمار وزهوها حتى أن المباشرين لها يسمعون لذلك صوتا قويا عند زيادته ونقصانا عند نقصانه. المقدمة الثانية: الأرابيع والأسابيع على نوعين: متصلة ومنفصلة أما الأرابيع فاعلم أن الأول والثاني منها متصلان وذلك لأن الرابع ثلاثة أيام وربع يوم وثمن يوم وهو أقل من نصف يوم فجعل مشتركا بين الأول والثاني للقاعدة. وهي أن الحساب إذا استغرق أكثر من يوم فضلوا بأن تهمل بقيته لعدم تأثير الطبيعة في مادة المرض فيها لقصرها * وابتدأوا (46) من اليوم الذي بعده. وإن لم يستغرق أكثر من يوم وصلوا. والثاني والثالث منفصلان وذلك لأن الرابوعين ستة أيام ونصف يوم وربع يوم وهو أكثر من نصف يوم فترك وابتدأ بالأسبوع الثاني من اليوم الثامن على ما ذكره الإمام أبقراط هنا والثاني والثالث منفصلان وذلك لأن الأسبوعين ثلاثة عشر يوما ونصف وربع فجعل مشتركا وعلى هذا فقس. فائدة: المرض له ابتداء عند الطبيعة فغير مشعور به وأما الكائن عند المريض PageVW0P038B فهو من وقت أن يطرح نفسه على الفراش وفيه نظر. فإن كثيرا من المرضى يتحملون ألم المرض ولا ينامون وأما الكائن عند الطبيب فهو من حين ظهور العقل وهذا هو الحق. إذا تقرر هذا فيقال اليوم الرابع منذر بالسابع لأن يوم الرابع نصف السابع قال القرشي لكنه يتقدم عن ذلك أو يتأخر خصوصا في مثل الغب لأن البحران والإنذار لا يتفقان في الأكثر إلا في يوم النوبة فيقدم إلى الثالث أو يتأخر إلى الخامس هذا والبحارين الشهرية منسوبة إلى حركة الشمس والسنوية إلى حركة زحل بحسب جري العادة من الله تعالى. فائدة: يوم الإنذار هو الذي تتبين فيه آثار ما دالة على مناهضة الطبيعة للمرض أو عدمه لا للفصل بل للنهي. وأيام الإنذارات قد تكون أيام بحرانات أيضا وأول الأسبوع الثاني من الأسابيع اليوم الثامن لأن هذين الأسبوعين منفصلين كما تقدم والمنذر باليوم الرابع عشر الحادي عشر لأنه الرابع من الأسبوع الثاني واليوم السابع عشر أيضا يوم إنذار العشرين أو الحادي والعشرين على الخلاف لأنه PageVW0P039A الرابع من اليوم الرابع عشر فيكون نصف الأسبوع الثالث وقوله واليوم السابع من الحادي عشر تأكيد بأنه يوم إنذار لأنه إذا كان يوما ما يوم بحران فدلالته على الإنذار أولى. تنبيه: اخصاص حركة الطبيعة للإنذار والبحران في هذه الأيام المذكورة بحلول القمر فيها بحسب دورته وذلك لأن المرض إذا حصل والقمر في نقطة ما من فلكه حسب ابتداء المرض من تلك النقطة فإذا أصار إلى مقابل تلك النقطة وهو الرابع عشر من مرضه بعد إسقاط مدة الاجتماع صارت تلك الحالة إلى ضد ما كانت عليه فإن وافق هذه الحركة قوة القوة وطوع المادة للاندفاع والتدابير الطيبة الجارية على النظام الطبيعي بحرن المرض ببحران جيد وإن كان بالعكس بحرن ببحران ناقص أو رديء. ويطرد هذا في جميع الأمراض التي تحدث في أول الشهر أو في وسطه أو في أخره إلا أن ابتداء المرض متى حصل مع استهلال القمر إلى نهاية زيادة نوره كانت قوته قوية جدا وإن حدث من نهاية زيادته إلى انمحاق نوره كانت بعكس ذلك وقيل أن الاختصاص لغير ما ذكر ولما بين أن PageVW0P039B من الأمراض ما تستحق بطبعها أن تبقى مدة معينة فالفصل الذي يذكر الآن يشتمل على بيان أنها تختلف في هذه المدة بحسب ما يعرض.
25
نامعلوم صفحہ
[aphorism]
قال أبقراط: إن الرابع الصيفية أي المبتدأة بالصيف، والربع حمى تحدث عن عفونة السوداء إما داخل العروق وتسمي الربع اللازمة ووجودها نادر، أو خارجها وتسمى الربع الدائرة. ومن السوداوية أيضا الخمس والسدس والسبع والصيفية منها ومن جميع الأمراض، في أكثر الأمر تكون قصيرة إذ تخصيصه الربع بالذكر إنما هو على سبيل المثال وإنما كانت قصيرة لأن حرارة الهواء إن وجدت الطبيعة مستولية على المرض أعانتها بتحليل المادة فيبرأ المرض سريعا وإن وجدت المريض مستوليا أعانته بتحليل القوة فيعطب المريض سريعا. والشتاء تطول الأمراض فيه لضد ذلك. وفهم من قوله الأكثر أن الربع الصيفية قد تطول وذلك إما لخطأ في التدبير أو الاستفراغ إلى غير ذلك و الربع الخريفية أي المبتدئة بالخريف طويلة لميل هواء الخريف إلى البرد في أطراف النهار وفي ليله وكلما حركت الطبيعية مادتها التحليل في وقت ظهائره عارضها برده المكثف PageVW0P040A في غداوته وليلة لا سيما متى اتصلت بالشتاء لأن هواء الشتاء أبلغ في البرد من هواء الخريف فيكون أبلغ في حقن المادة والربيع يقارب الخريف في تطويله حمى الربع. فائدة: إنما سميت هذه الحمى ربعا لأنها تأخذ اليوم ورابعه. تنبيه: حمى الربع كثيرا ما تشفي من الصرع ومن * النقرس (47) ومن أوجاع المفاصل والجرب والحكة والدوالي والمالنخوليا هذا ومناسبة الذي سيذكر لما قبله من حيث أن اشتمال كل منهما على أن بعض الأمراض يقصر تارة ويطول أخرى.
26
[aphorism]
قال أبقراط: لأن تكون الحمى بعد التشنج وهو علة عصبية تمنع انبساط الأعضاء وهذا يحدث عن يبس منقص لطول العصب وثخنه مثل ما يحدث عقيب الحميات المحرقة والاستفراغات المخففة وقد يكون عن مادة لذاعة مثل ما يكون عند القيء الزنجاري ويحدث في الأكثر عن بلغم غليظ مداخل للعصب فيزيد في ثخنه وينقص من طوله وهذا هو المراد هنا إذ هو المفهوم عند الإطلاق وهو الذي ينتفع بحدوث الحمى بعده لتلطيفها مادته فحصوله على هذا الوجه خير من أن يكون التشنج بعد الحمى لأنه رديء لدلالته حينئذ على PageVW0P040B أن الحمى سيلت المادة وملأت الأعصاب بها. وقال جالينوس: المراد به التشنج الذي يكون عن اليبس الحادث عن الحمى المحرقة المجففة للبدن كله وللعصب فإنه لا يكاد ان تبرأ لأن العصب يحتاج في تدبيره إلى مدة طويلة وقوة المريض وشدته لا تهمل لتحليلها القوة سريعا فيجلب موتا وحيا. قال ابن القف وهذا يحتاج إلى تفصيل فإنه إن كان المراد بالحمى المحرقة فإنه يستحيل أن يعرض التشنج الامتلائي وإن كان المراد غير المحرقة فيحتمل أن يحدث الامتلائي. ولما انتهى به الكلام في أن مادة المرض تارة تقصر وتارة تطول أردف ذلك بفصل يدل على أنه إذا حصل قبل انفضاء تلك المدة سيكون لا يوثق به وكذلك عكسه.
27
[aphorism]
قال أبقراط: لا يبنغي أن تغتر الغرور الخطر بخفة يجدها المريض بخلاف القياس وذلك بأن يدل الدليل على أن حمى الغب مثلا تنقضي في الرابع عشر وأن يكون ذلك باستفراغ طبيعي أو صناعي ففارقت الحمى قبل ذلك من غير استفراغ فلا تغتر بهذه الخفة لأنها قد تكون لإنطفاء الحرارة الغريزية فلا تنتشر الحرارة الغريبة وكثيرا ما يعقب ذلك الموت وقد يكون لبرد مادة PageVW0P041A الحمى لبرد الحرارة الغريزية لكثرة الوارد إليها من المبردات وحينئذ تبطل المقاومة فيحصل الخف وفي الأكثر يعود الاشتعال إلى هذه المادة وتعود الحمى أشد ما كانت لمقارنتها لضعف القوة و كذلك لا * تهلك (48) يقال هاله الشيء يهوله إذا أفزعه أمور صعبة مثل ما يحدث في البحران من ضيق النفس واختلاط الذهن والمغص والتمدد في الشراسيف تحدث على غير قياس وذلك بأن يكون حدوث هذه الأمور مع قيام الدليل على الصلاح مثل ظهور النضج واستيلاء القوة فإن أكثر ما يعرض من ذلك أي الذي ورد على غير قياس ليس بثابت ولا يكاد يلبث ولا تطول مدته فيحدث أمرا رديئا. هذا ثم عاد إلى بيان أن المرض يختلف في طول المدة وقصرها لعارض.
28
[aphorism]
نامعلوم صفحہ
قال أبقراط: من كانت به حمى ليست بالضعيفة جدا أي المتوسطة مثل الحمى الصفراوية الغير الخالصة فإن يبقى بدنه على حاله ولا ينقص شيئا وذلك بأن يكون التحلل منه قليلا وإلا فالبدن يستحيل * بقاؤه (49) على ما كان عليه من حال الصحة أو يذوب بأن يتحلل من البدن بأكثر مما ينبغي أن يتحلل منه بحسب PageVW0P041B الحمى وبطول المرض وبالسن وبالوقت الحاضر وبالبلد وبمزاج الهواء في ذلك الوقت وبالاستفراغ المحسوس وبالهم والسهر وبمقدار المطعوم. قال جالينوس المراد بالذوبان هنا الضمور وإن قوله بالأكثر يكون مشتركا بين قوله يبقى البدن الذي يفهم منه قلة التحليل وبين قوله يذوب فذلك رديء لأن الأول ينذر بطول من المرض والثاني يدل على ضعف من القوة بخلاف القوية جدا فإن سرعة التحليل فيها لا تدل على ضعف القوة، والضعيفة جدا بطول التحلل فيها لا تدل على طول المرض. وحاصله أن القوية جدا كالحمى الصفراوية تكون قصيرة المدة والضعيفة جدا كالبلغمية تكون طويلة المدة ولا يحتاج فيهما إلى ما ينذر بهما لأنهما * لازمان (50) بخلاف المتوسطة فإنها يحتاج فيها إلى الإنذار أما بالطول أو بالقصر لأنهما غير حاصلين لها وإذا كان وقت الحمى يختلف فذكر فصل بعد ذلك يدل على وقت PageVW0P042A الاستفراغ مناسب.
29
[aphorism]
قال أبقراط: ما دام المرض في ابتدائه قال جالينوس المراد به أول المرض فإن رأيت أن تحرك شيئا من المواد الرديئة بالاستفراغ أو بالفصد لهيجان المواد أو لكونها كثيرة أو لغير ذلك فحرك فإذا صار المرض إلى منتهاه فينبغي أن يستقر المريض ويسكن عن التحريك المذكور لأنه وقت القتال فلا تستغل الطبيعة بما يحرك المواد عن المقاومة للمرض ودفع مادته وكذلك لا يجوز في وقت الانحطاط لضعف القوة بسبب مقاومة المرض. وأما وقت التزيد فإنه وقت استعمال التحريك. تنبيهان: الأول قال ابن أبي صادق هذا أقوى دليل على أن أبقراط يرى بالاستفراغ قبل النضج لأمر يوجبه، التنبيه الثاني محل المنع من الاستفراغ في المنتهى إذا كنت تقدمت واستفرغت في أول المرض أما إذا لم يقع استفراغ في الأول وكان المريض يحتاج إليه والقوة قوية فلا يمنع من الاستفراغ حينئذ في هذا الوقت. هذا ويؤيد المنع من الاستفراغ ما يذكر الآن.
30
[aphorism]
قال أبقراط: إن جميع الأشياء أي الأعراض PageVW0P042B اللازمة للمرض وذلك لأن الأعراض منها مقومة للمرض كالأعراض الخمسة لذات الجنب ومنها غير مقومة والمقومة يستحيل وجود المرض بدونها في أول المرض وأخره أضعف. أما الأول فلأن الأعراض لم تكمل وأما الثاني فلأنها أخذت في الاضمحلال لأن ذلك وقت الانحطاط وفي منتهاه أقوى لأنه وقت الاشتداد وفيه يكون البحران فلا يجوز الاستفراغ في هذه الأوقات كلها إلا لأمر يوجبه. هذا وربما يجب الاستفراغ بعد غاية الانحطاط كما يفهمه ما ينقله الآن.
31
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الناقه من المرض يحظى قال جالينوس إن أبقراط وضع مكان قوله يحظى هذا في الفصل الماضي ينال من الطعام ولا يتزيد بدنه شيئا فإنه يدل على نقاء بعض المادة لما تقدم من أن الناقه إذا كان ينال من الغذاء وليس يقوى به فهو ممتلئ من غذاء أو خلط فذلك رديء لأن البدن الغير النقي كلما غذيته فإنما تزيده شرا و حينئذ يجب تنقيته. تنبيه: قال القرشي إن أبقراط لم يقل فذلك يحتاج إلى استفراغ لأن وجوب الاستفراغ قد علم فيما تقدم انتهى. وما يذكر الآن فيه تبيين لما يلزم الناقه المذكور بل جميع من حاله رديء.
نامعلوم صفحہ
32
[aphorism]
قال أبقراط: إن في أكثر الحالات أي الأوقات جميع من حاله المراد بذلك الحالة الوسطى بين المرض والصحة والدليل على ذلك قوله رديء لأن الحالة الصحية حالة جيدة والحالة المرضية إذا كان صاحبها ينال من الطعام فهي جيدة أيضا وإلى ذلك أشار بقوله ويحظى من الطعام في أول الأمر ولا يتزيد بدنه شيئا به لعدم صلاحية المنهضم عنه للتغذية بمخالطته للمواد الفاسدة أو لغير ذلك فإنه بأخره يؤول أمره إلى أن لا يحظى من الطعام وذلك لأنه يجتمع في بدنه على طول الأيام فضل ينتقل بها ويكون سببا لسقوط شهوته. وأشار إلى عكس هذا الحكم فقوله فأما من يمتنع عليه في أول أمره النيل من الطعام امتناعا شديدا لامتلاء بدنه من مادة رديئة فلا يكون له شهوة للغذاء ثم يحظى منه بآخره لأن الطبيعة إذا عدمت الوارد من الغذاء أقبلت على تلك المادة فتصلح منها ما يقبل الصلاح ويغذي البدن به ويقوى على الباقي فتدفعه فحاله يكون أجود لقوة الشهوة PageVW0P043B على الهضم وزيادة البدن بما ينهضم. تنبيه اعلم أنه قد يظن من الإمام على أن الشهوة المذكورة للطعام ممن حاله رديئة مذمومة * لأنها (51) تكون أيضا من المرضى مذمومة فدفع هذا الظن بفصل يدل على ذلك ضمنه أيضا ما يدل على صحة القوة النفسانية.
33
[aphorism]
قال أبقراط: صحة الذهن وهو عند الأطباء مجموع القوى الثلاثة التي يعترفون بها أعني الخيالية والفكرية * والذكرية (52) فصحتها في كل مرض علامة جيدة في حد ذاتها، دل على صحة الدماغ وما ينشأ منه والقوة النفسانية ولا تنافي جودتها كون هناك علامة رديئة تقتضي الموت كما في المسهول والمسلول. وأما الحكم على المريض بالصحة أو بالعطب فإنما يكون بعد النظر في العلامات الجيدة والرديئة وتغليب جانب ما يقتضيه أحدهما لقوته وكثرته وكذلك الهشاشة للطعام وهي أن يقبل المريض عليه من غير نفرة ، علامة جيدة لدلاتها على صحة الكبد وآلاته وقوته. وضد ذلك علامة رديئة لضد ما تقدم. تنبيهان: الأول إنما نص على الدلالة المأخوذة من الأعضاء الشريفة لأنها أوثق وأفضل وهي تتفاوت في الأفضلية فإن صحة PageVW0P044A الذهن في الأمراض الدماغية أفضل منه في الأمراض الكبدية والهشاشة في الكبدية أفضل منها في الأمراض الدماغية. التنبيه الثاني: إنما ترك الدلالة على القوة الحيوانية لاحتمال عدم اعتقاده لها كم هو عند جميع الفلاسفة وقال ابن القف إنما تركها لأن صحة القوتين المذكورتين يلزمها صحة القوة الحيوانية وحينئذ تكون الهشاشة وصحة الذهن مناسبا والمناسب أولى ولو كان خارجا عن المجرى الطبيعي ويؤيد هذا ما نذكر الآن.
34
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان المرض ملائما أي مناسبا لطبيعة المريض المراد بالطبيعة هنا المزاج، وسنه وقد تقدم معنى الأسنان عند الكلام على قول الإمام أحمل الناس للصوم المشايخ و معنى قوله سحنته هيأته ولونه والوقت الحاضر من أوقات السنة وهي الفصول الأربعة والمعنى أنه إذا كان المرض مناسبا للمزاج الأصلي والسن والسحنة والوقت الحاضر من أوقات السنة في الحرارة والبرودة مثلا فخطره الخطر الأشراف على الهلاك أقل من خطر المرض إذا كان ليس بملائم لواحدة من هذه الخصال المذكورة وذلك لأن الأول أعني المناسب PageVW0P044B يكون سببه ضعيفا لأن المستعد للشيء يكفيه أضعف أسبابه والثاني لا يحدث إلا عن سبب قوي لاحتياجه إلى إبطال المزاج الأصلي ونقله إلى الضد. وبهذا قال جالينوس وابن أبي صادق وابن القف وقال بعضهم أن المناسب أشد خطرا من غير المناسب لأن الأشياء المناسبة للأمراض وتهيجها وتقويها والأشياء المضادة تضعفها وتوهنها والقرشي حاول الجمع بين المذهبين وفرض ذلك فقال لو فرضنا مرضين حارين بقدر واحد عرض أحدهما لحار المزاج والأخر لبارده فإنه في الحار أشد خطر أو أشد احتياجا إلى شدة لتطفئه وحمل كلام القائل بأن المناسب أشد خطرا على هذا وأيضا إذا عرض لحار المزاج وبارده مرضان حاران بلغا فيهما في الخروج عن الإعتدال الحقيقي إلى حد واحد فالذي في الحار أخف وأقل خطرا وأقل حاجة إلى التبريد لأن خروجه عن المزاج الطبيعي أقل وسببه أضعف. وحمل كلام جالينوس ومن تابعه على هذا انتهى. ومناسبة الفصل الذي يذكر الآن لما قبله من حيث أن كلامهما يشتمل على حكم مناسب لمرض.
35
نامعلوم صفحہ