تحقیق وصول
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
اصناف
وما يذكر الآن يدل على أن لتأثير أوقات PageVW0P052A السنة تأثير في الأبدان.
4
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان في أي وقت من أوقات السنة في يوم واحد مرة حر ومرة برد شديدين وإنما خصهما بالتمثيل لأنهما فاعلتان فيكون تأثيرهما * قويا (1) والمعنى أنه إذا وجه التغير الحادث في الفصل مثلا كفصل الخريف في يوم واحد وتكرر ذلك لأن تقييده باليوم الواحد إنما هو لاجتماع الحر والبرد فيه لا لكونه يقع في يوم واحد فقط لأن ذلك لا يقوى على إيجاب مرض من الأمراض البتة لقصور زمان التأثير، اللهم إلا أن يكون عظيما واحدا فيوقع حدوث أمراض خريفية لأن اليوم المذكور طبيعية مثل طبيعة الخريف فيحدث عنه مثل ما يحدث عن الخريف وإنما مثل باليوم المتشابه بالخريف لأن تأثير ذلك أقوى.
[commentary]
هذا واعلم أن تأثير الأوقات في الحقيقة إنما هو بواسطة تغير الهواء حينئذ فذكر فصل يدل على حكم الريح مناسب.
5
[aphorism]
قال أبقراط: الجنوب أطلق الجنوب وأراد به الريح الجنوبي وجهته هذه الجهة مطلقة وهي ما مال عن خط الاستواء إلى جهة القطب الذي يقرب منه PageVW0P052B سهيل ومضافه وهي كل بقعة تلي القطب الجنوبي. والريح الجنوبية حارة رطبة وذلك لأنها إما أن تهب علينا من بقعة حارة وهي التي بالقرب من بلادنا أعنى التي عرضها زائد على غاية الميل من ناحية الجنوب وإما من بقعة باردة وهي البعيدة عنا جدا من جهة الجنوب إلا أنها لا تصل إلينا إلا بعد أن تمر على تلك البلاد الحارة فتتسخن لا محالة وتترطب من الأبخرة المتصعدة بواسطة الشمس من البخار التي في تلك الجملة وبالجملة فكلا منهما يحدث ثقلا في السمع وغشاوة في البصر وثقلا في الرأس وكسلا واسترخاء وذلك للحرارة المبخرة والرطوبة المكدرة للحواس المرخية غير أن جهة الجنوب يكون تأثيرها دائما بخلاف الريح الجنوبية فعند قوة هذا الريح وغلبتها يعرض للمرضى هذه الأعراض أعني ثقل السمع وغشاوة البصر وثقل الرأس بالكسل والسترخاء. وهذه إذا أعرضت للأبدان الصحيحة فعروضها للمرضى أولى لضعف قواهم ولهذا سميت أعراضا. وقد تحصل هذه الأعراض عن طبيعة المرضى لكن لا تكون عامة بخلاف الحاصلة عن الريح الجنوبية. فائدة: قال أرسطو إن الريح ما تحرك من الهواء فأما الشمال أطلقه وأراد الريح الشمالي وجهته. PageVW0P054A وهذه الجهة مطلقة وهي ما مال عن خط الاستواء إلى جهة القطب الذي يقرب منه الدب الأكبر والأصغر وفيه الأقاليم السبعة ومضافة وهي كل بقعة تلي القطب الشمالي والريح الشمالية باردة يابسة لأن جهة الشمال التي تهب منها كثيرة الثلوج والجبال ولا يخالطها من الأبخرة ما يرطبها لجمود الماء فيها لقوة البرد هناك وبالجملة فتحدث سعالا لأن الحنجرة وقصبة الرئة باردان يابسان فيؤذيهما البرد واليبس خصوصا ووصولهما إليه بواسطة الهواء يكون سريعا ويحدث حينئذ السعال ووجع الحلق لأن البرد واليبس يحبسان المواد في باطن الدماغ فتنحدر إلى جهة الحلق والبطون اليابسة لتكثيف عضل المقعدة وقوة الحرارة الغريزية في الباطن بسبب البرد واليبس فيمتنع لذلك خروج البراز و يحدث الاستغراق أيضا عسر البول للبرد واليبس و يحدث الاقشعرار لهروب الحرارة الغريزية إلى داخل وحبس الأبخرة اللذاعة في العصب بسبب البرد واليبس و يحدث وجعا في الأضلاع والصدر لكثرة العظام والأغشية والأعصاب هناك وهذه باردة يابسة فتكون أسرع في قبول تأثير البرد واليبس وإنما لم يذكر في أحكام PageVW0P054B الشمال ما يقابل أحكام الحنوب وهو القوة وجودة الأفعال الطبيعية وصفاء السمع لأنه في مقام بيان تأثير هذه الأحوال المرضية وما ذكر من الأحوال الصالحة ولما كانت في جهة الشمال لا يختلف في تأثيرها بل هو دائما بخلاف الريح الشمالية فلهذا قال فعند غلبة هذا الريح وقوتها ينبغي أن يتوقع في الأمراض حدوث هذه الأعراض المذكورة. قال ابن القف: فإن قيل لم قال في الرياح الجنوبية فعند قوة هذه وغلبتها يحدث للمرضى هذه الأعراض وفي الرياح الشمالية فعند قوة هذه الريح وغلبتها ينبغي أن يتوقع في الأمراض حدوث هذه الأعراض فجعل ما يحدث عن الجنوبية كذلك بل جزم بحدوثه فنقول إنما كان كذلك لأن تأثير الجنوبية بالحرارة والشمالية بالبرودة. والحرارة أقوى الفاعلين فكان تأثيرها أسرع وأمكن في الوجود من تأثير البرودة.
[commentary]
نامعلوم صفحہ