تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد
تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد
تحقیق کنندہ
د. إبراهيم محمد السلفيتي
ناشر
دار الكتب الثقافية
پبلشر کا مقام
الكويت
الْوَجْه الثَّانِي من وُجُوه الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة وَهُوَ أَن الْمنْهِي عَنهُ فِي الْعِبَادَات غير الْمَأْمُور بِهِ فَإِذا أَتَى بالمنهي عَنهُ لم يَأْتِ بالمأمور بِهِ وَمن لم يَأْتِ بالمأمور بِهِ بَقِي عُهْدَة التَّكْلِيف
وَهَذَا هُوَ المعني بقولنَا إِن النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد فِي الْعِبَادَات وَأما فِي الْمُعَامَلَات فَلِأَن النَّهْي يعْتَمد وجود الْمفْسدَة الْخَالِصَة أَو الراجحة فِي الْمنْهِي عَنهُ فَلَو ثَبت الْملك وَالْإِذْن فِي التَّصَرُّف لَكَانَ ذَلِك تقريرا لتِلْك الْمفْسدَة والمفسدة لَا يَنْبَغِي أَن تقرر وَإِلَّا لما ورد النَّهْي عَنْهَا والمقدر وُرُود النَّهْي عَنْهَا هَذَا خلف وَقِيَاسًا على الْعِبَادَات
وَهَذَا وَإِن كَانَ قَرِيبا من الْوَجْه الأول لكنه مُغَاير لَهُ فِي الْحَقِيقَة
وَقد اعْترض على الْوَجْه الأول بِأَن غَايَته أَن النَّهْي يُنَاسب نفي الصِّحَّة إِلَّا أَنه لَا يلْزم من ذَلِك نفي الصِّحَّة إِلَّا أَن يتَبَيَّن لَهُ شَاهد بالإعتبار وَإِذا تبين لَهُ شَاهد بالإعتبار يكون الْفساد لَازِما من جِهَة الْقيَاس لَا من لفظ النَّهْي وَلَا من مَعْنَاهُ
وَهَذَا السُّؤَال وَارِد على أَصْحَاب الطَّرِيقَة الأولى
وَأما من اعْتمد فِي ذَلِك الْقيَاس على الْعِبَادَات أَو على المناهي الَّتِي قيل بفسادها فَعَلَيْهِم اعتراضان آخرَانِ أَيْضا
أَحدهمَا أَن الْقيَاس على المناهي الَّتِي حكم فِيهَا بِالْفَسَادِ إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ قَائِل ذَلِك لم يعْتَمد فِي القَوْل بِالْفَسَادِ إِلَّا مُجَرّد النَّهْي فَأَما إِذا كَانَ ذَلِك لدَلِيل خارجي من نَص أَو إِجْمَاع فَلَا يرد عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك لِأَنَّهُ لم يحكم بِالْفَسَادِ لمُجَرّد النَّهْي
1 / 135