كلام نفيس للشيخ ابن القيم
قال الشيخ ابن القيم: والقائل: إن أحدا من السلف لم يفعل ذلك، قائل ما لا علم له به، فإن هذه شهادة على نفي ما لم يعلمه، فما يدريه أن السلف كانوا يفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه؟ بل يكفي اطلاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم لا سيما وأن التلفظ بنية الإهداء لا يشترط كما تقدم، وسر ذلك أن الثواب ملك للعامل فإذا تبرع به وأهداه إلى أخيه المسلم أوصله الله إليه، فما الذي خص من هذا ثواب قراءة القرآن وحجر على العبد أن يوصله إلى أخيه .... قال: وأما السبب الذي لأجله لم يظهر ذلك من السلف فهو أنهم لم يكن لهم أوقاف على من يقرأ ويهدي إلى الموتى، ولا كانوا يعرفون ذلك البتة، ولا كانوا يقصدون القبر للقراءة عنده كما يفعله الناس اليوم، ولم يكن أحدهم يشهد من حضره من الناس على أن ثواب هذه القراءة لفلان الميت بل ولا ثواب هذه الصدقة أو الصوم، ثم يقال لهذا القائل: لو كلفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال: اللهم اجعل ثواب هذا الصوم لفلان لعجزت، فإن القوم كانوا أحرص شيء على كتمان أعمال البر، ولم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها إلى أمواتهم. اه.
صفحہ 28