تحکیم العقول فی تصحیح الاصول
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
اصناف
[الفصل الثاني]
فأما الفصل الثاني: وهو أنه تعالى يريد الطاعات ولا يريد المعاصي.
فيقال: أليس قد تقرر في عقل كل عاقل أن إرادة القبيح قبيحة، ولا فرق بين من يفعل القبيح وبين من يريده في استحقاق الذم.
فإن قالوا: لا، كابروا العقول، وإن قالوا: نعم.
قلنا: فكما لا يجوز أن يفعل تعالى القبيح كذلك لا يجوز أن يريده.
فإن قالوا: يجوز أن يريد ولا يقبح منه.
قلنا: فوجب أن لا تقبح منه سائر القبائح، فيلزمهم جميع ما قدمنا من الظلم والكذب وإظهار المعجز على الكذابين وغير ذلك مما تقدم.
فإن قالوا: الإرادة لا تقبح لنفسها فيجوز أن يختلف الحال، ألا ترى أن إرادة موت النبي - عليه السلام - حسنة من الله تعالى وتقبح من إبليس والكفار.
قلنا: الإرادة تقبح؛ لأنها إرادة القبيح لا لوجه آخر، فهي بمنزلة فعل القبيح، وإرادة الله سبحانه لموت النبي - صلى الله عليه وآله - ولبعض المصالح فلا تقبح، وإرادة إبليس مفسدة ويريد ذلك للمفسدة فقبحت فهما غيران.
ويقال لهم: أليس الله تعالى أمر بالطاعات ونهى عن القبائح؟ فلا بد من: بلى.
قلنا: أليس الأمر لا يصير أمرا إلا بإرادة الآمر المأمور به، والنهي لا يصير نهيا إلا بكراهة الناهي المنهى عنه؛ لأن صيغة الأمر لا توجد ولا تكون أمرا، فوجب أن يريد ما أمر به ويكره ما نهى عنه.
ويقال لهم: أليس في الشاهد لا يجوز من العاقل الحكيم أن يريد خلاف ما يأمر به ويكره ما يأمر به ولا يريد ما ينهى عنه بل يكرهه؟.
فإن قالوا: يجوز، كابروا؛ لأن في الشاهد يعدونه مجنونا غير حكيم، وهذا هو السفه أن يريد ما ينهى عنه ويكره ما يأمر به.
وإن قالوا: لا يجوز ذلك.
صفحہ 121