تحکیم العقول فی تصحیح الاصول
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
اصناف
ويقال لهم: إذا كان مريدا لذاته وجب في كل ما يصح أن يريده مريد أن يصح أن يريده هو، كما أن كل ما يصح أن يعلمه عالم يصح أن يعلمه هو، فكما يجب أن يعلم ما يعلمه كل عالم، كذلك يجب أن يريد كل ما يريد غيره فيصح أن يريد أحدنا تحريك زيد وتسكينه فوجب أن يريد هو تحريكه وتسكينه ويفعله فيكون متحركا ساكنا وهذا محال، أو يقال يتمانعان فلا يحصل شيء منهما وذلك لا يصح، أو يقال: إن إرادته لهما لا يصح وهذا فاسد؛ لأن إرادة الضدين لا تتضاد وليس لهم، أليس كل كائن يريده؟ فلا بد من: بلى، فيقال: لم نهى عن بعضها وزجر؟ ولا يصح في الحكمة أن ينهي عما يريده ويرسل رسولا فيدعوا إلى ما كرهه ولم يرده ويتعد بذلك.
ويقال للكلابية: أليس قد بينا أن إثبات قديم مع الله لا يجوز وفي ذلك إبطال لقولكم.
ويقال لهم: أليس يصح أن يقال يريد مع جواز أن لا يريد، فلا بد من: بلى، فيقال: كل ما كان على هذا الوجه لا بد من إرادة محدثة.
ويقال لهم: أليس يصح أن يقال: أراد بعد أن لم يكن مريدا، فلا بد من: بلى، فيقال: فوجب أن يكون مريدا بإرادة محدثة.
فإن قال: وكيف تكون الإرادة وأن تحل؟.
قلنا: لا تحله؛ لأنه ليس بمحل للأعراض، ولا تحل في حي سواه؛ لأنه يكون أخص بها، ولا في جماد؛ لأنه لا يجوز وجود الإرادة في جماد، فلم يبق إلا أنها توجد لا في محل فيختص.
فإن قال: كيف يتصور عرض لا في محل؟.
قلنا: الأعراض إنما تعلم استدلالا، فكذلك أحكامها، فإذا جاز إثبات قديم لا في محل - وعندهم إثبات علم قديم لا هو ولا غيره ولا بعضه بخلاف الشاهد - جاز لنا أن نثبت إرادة لا في محل إذا دلت الدلالة عليه.
صفحہ 120