98

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

تحقیق کنندہ

سامي بن محمد السلامة

ناشر

دار طيبة للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1420 ہجری

اصناف

تفسیر
تَأْلِيفُ الْقُرْآنِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قال: وأخبرني يوسف ابن مَاهَكَ قَالَ: إِنِّي لَعِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، ﵂، إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ فَقَالَ: أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالَتْ: وَيْحَكَ! وَمَا يَضُرُّكَ، قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرِينِي مُصْحَفَكِ، قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ، قَالَتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ، إِنَّمَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ، نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: وَلَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لَا تَزْنُوا، لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [الْقَمَرِ: ٤٦]، وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ (١) . وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ (٢) وَالْمُرَادُ مِنَ التَّأْلِيفِ هَاهُنَا تَرْتِيبُ سُوَرِهِ. وَهَذَا الْعِرَاقِيُّ سَأَلَ أَوَّلًا عَنْ أَيِّ الْكَفَنِ خَيْرٌ، أَيْ: أَفْضَلُ، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، ﵂، أَنَّ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَلَا الْقَصْدِ لَهُ وَلَا الِاسْتِعْدَادِ، فَإِنَّ فِي هَذَا تَكَلُّفًا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَصِفُونَ أَهْلَ الْعِرَاقِ بِالتَّعَنُّتِ فِي الْأَسْئِلَةِ، كَمَا سَأَلَ بَعْضُهُمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: انْظُرُوا أَهْلَ الْعِرَاقِ، يَسْأَلُونَ عَنْ دَمِ الْبَعُوضَةِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ! (٣) . وَلِهَذَا لَمْ تُبَالِغْ مَعَهُ عَائِشَةُ، ﵂، فِي الْكَلَامِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُهِمٌّ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ " (٤) وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ، ﵂، أَنَّهَا قَالَتْ: كُفِّنَ رسول الله ﷺ في ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ (٥) . وَهَذَا مُحَرَّرٌ فِي بَابِ الْكَفَنِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ.
ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ تَرْتِيبِ الْقُرْآنِ فَانْتَقَلَ إِلَى سُؤَالٍ كَبِيرٍ، وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ، أَيْ: غَيْرَ مُرَتَّبِ السُّوَرِ. وَكَأَنَّ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ، ﵁، إِلَى الْآفَاقِ بِالْمَصَاحِفِ الْأَئِمَّةِ الْمُؤَلَّفَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الْمَشْهُورِ الْيَوْمَ، وَقَبْلَ الْإِلْزَامِ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِهَذَا أَخْبَرَتْهُ: إِنَّكَ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّ سُورَةٍ بَدَأْتَ، وَأَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ،

(١) صحيح البخاري برقم (٣٩٩٣) .
(٢) سنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٨٧) .
(٣) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٧٥٣) .
(٤) حديث ابن عباس في المسند (١/ ٢٣١، ٢٤٧) وسنن أبي داود برقم (٣٨٧٨) وسنن النسائي (٨/ ١٤٩) وسنن الترمذي برقم (٩٩٤) وسنن ابن ماجة برقم (١٤٧٢)، وحديث سمرة في المسند (٥/ ٢٠) وسنن الترمذي برقم (٢٨١١) وسنن النسائي (٨/ ٢٠٥) .
(٥) صحيح البخاري برقم (١٢٦٤) وصحيح مسلم برقم (٩٤١) .

1 / 47