60

Tafsir al-Uthaymeen: An-Nur

تفسير العثيمين: النور

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٦ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

وقال آخرون: لم يَحُدَّهُم النَّبِيُّ ﵊ لأنهم لم يصرحوا، ولكنهم كانوا يجمعون الحديث ويصوغونه بعبارات تعطي هَذَا المَعْنى لكن بدون تصريح. فعبد الله بن أُبي خبيثٌ وخدَّاع لم يكن يصرح، كَانَ يجمع الحَديث ويقول: ماذا تقولون في امرأةٍ خلا بها رجل وجاء يقود راحلتها، وما أشبه ذَلِك، ومن شروط إقامة حَدِّ القَذْف أن يصرح القاذِف بالزِّنَا؛ فلِذَلك لم يَحُدَّهُم النَّبِيُّ ﷺ. ويجوز أن يَكُون الرَّسُول ﵊ ترك حَدَّهُم لهَذَا أو لغيره، فقد يَكُون مثلًا ترك حَدَّ عبد الله بن أُبي؛ لأَنَّه رأس المُنافِقِينَ وكان زعيمًا في قومه، فيخشى أن يَكُون بِذَلِك فتنة كَبيرَة، وحَدُّ القَذْف على القَوْل أنَّه يجوز للآدمي إسقاطه، فإنَّه يسقط إِذَا أسقطه مَنْ هو له، لكن الَّذِي يظهر -والله أعلم- أن السَّبب في ذَلِك أن المنافق كعادته يلوذ ولا يسْتَطيع أن يصرح، فعادته الخداع في كُلِّ شَيْء، فتجدهم لا يُصرِّحونَ ولكن يحومون حول الشَّيء حَتَّى يملئُوا قلوب النَّاس منه، ولهَذَا الصَّحابَة هم الَّذِينَ صرحوا بما ظنوه وإن كَانَ ظنًّا باطلًا، فحَدَّهُم النَّبِيُّ ﷺ حَدَّ القَذْفِ. مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ: الفَائِدةُ الأُولَى: أن الَّذينَ جاءوا بالإِفْك أُناسٌ من المُؤْمِنِينَ؛ لقَوْلهُ: ﴿مِنْكُمْ﴾ والأَصْل أن الإضافة حقيقيةٌ، ولأنهم لم يخرجوا من الإِيمَان بهَذَا الإِفْك. الفَائِدة الثَّانية: أن المُنافِقِينَ مُؤْمِنُونَ باعتبار الظَّاهِر؛ إِذْ إنَّ من الَّذينَ جاءوا بالإِفْك منافقين، ومع ذَلِك قَالَ اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾، وجه ذَلِك أن النَّبِيّ ﷺ كَانَ يعامل المُنافِقِينَ بحسب ظاهر حالهم على أنهم مُسلِمونَ،

1 / 65