125

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

اصناف

نعمة الله على أيوب بعد شفائه قال تعالى: «وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ» أولادًا آخرين. قال تعالى: ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ [الأنبياء:٨٤] فرحمناه وكشفنا ما به وأعطيناه، ورحمنا زوجته فأمرناه ألا يحنث وأن يضربها ضربة واحدة. قال تعالى: ﴿وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ [الأنبياء:٨٤] أي: حتى يتذكر كل إنسان عابد لله سبحانه رحمة رب العالمين الواسعة، وأنه الذي يستجيب لمن يدعوه كما قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ [النمل:٦٢]. لا إله إلا الله، وقال النبي ﷺ في حديثه عن أيوب: (إن أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام بينما كان يغتسل عريانًا خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثوه في ثوبه، فناداه ربه سبحانه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟) يعني: ألم أعطك أندر ذهب وأندر فضة، وحاشا لأيوب أن يكون طماعًا، وهو نبي معصوم، وإنما هو أدب الأنبياء. وقد قال لنا النبي ﷺ: (إنها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) ولو أن إنسانًا ذهب إلى إنسان غني وكبير وأعطاه شيئًا من الصدقة فقال له: لا أريد، لكان ردها قبيحًا، وحينئذ يشعر المعطي بالضيق لرفضه، وكلما ازداد قدره ومقامه كان الرفض أوجع له. ولله ﷿ المثل الأعلى، ولا شيء يناله ﷾ من عبده، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج:٣٧]، فلما أنزل الله على أيوب هذا الجراد من الذهب ابتلاء له، ونظرًا لما يصنع قبل صدقة ربه عليه، فسأله الله ممتحنًا له ومختبرًا: (ألم أكن أغنيتك عن هذا؟ قال: بلى؛ ولكن لا غنى لي عن بركتك). فهنا منه تأدب في الأخذ وتأدب في الجواب صلوات الله وسلامه عليه، فذكره الله ﷿ في هذه الآيات وفي غيرها.

11 / 13