" أتيت ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن، المتلاعنين يفرق بينهما؟ فقال: سبحان الله، إن أول من سأل عن ذلك فلان، فقال يا رسول الله الرجل يرى امرأته على الفاحشة فإن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت عن أمر عظيم. فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه بعد ذلك، فقال يا رسول الله الأمر الذي سألتك عنه ابتليت به قال: فإن الله قال: / { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله.. } حتى قرأ الآيات كلها، فذكره النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال: والذي بعثك بالحق إنه للحق، ثم دعا المرأة فذكرها الله، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: والذي بعثك بالحق ما كان هذا. فقال للرجل: " تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " ثم شهدت المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما ".
378- أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا جرير، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير قال:
سألنا ابن عمر:
" أيفرق بين المتلاعنين، قال: سبحان الله، نعم، أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت أحدنا يرى امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ فسكت عنه فلم يجبه، ثم أتاه فقال: إني قد ابتليت به يا رسول الله، فأنزل الله هذه الآيات من سورة النور، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثني بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ".
[24.11]
قوله تعالى: { إن الذين جآءوا بالإفك عصبة منكم } [11]
380- أنا محمد بن عبد الأعلى، نا محمد بن ثور، عن معمر، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قال: أخبره عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله - وكلهم حدثني بطائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأثبت له اقتصاصا، وقد وعيت من كل واحد منهم الحديث الذي حدثني به، وبعض حديثهم يصدق بعضه بعضا، زعموا
" أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فزع رسول الله صلى الله عليه وسلم من [غزوته تلك وقفل] ودنونا من المدينة، أذن ليلة بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري، فإذا عقد [لي] من جزع أظفار قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي وحملوه على بعيري الذي كنت أركبه، وهم يحسبون أني فيه؛ وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلهن ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقتين من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رفعوه ورحلوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب ، فيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم/ سيفقدوني فيرجعون، فبينا أنا جالسة في منزلي إذ غلبتني عيني فنمت حتى أصبحت، وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش، فأدلج، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائما، فأتاني فعرفني حين رآني. وكان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته فوطىء على يدها فركبتها وانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحو الظهيرة، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولي كبره عبد الله ابن أبي بن سلول، فقدمت المدينة، فاشتكيت شهرا، والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أري حين أشتكي، إنما يدخل علي فيسلم فيقول: " كيف تيكم؟ " فذلك [الذي] يريبني ولا أشعر [بالشر] حتى خرجت بعدما نقهت، فخرجت [معي] أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل. وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب، الأول في التبرز [قبل الغائط] وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا.
فانطلقت أنا وأم مسطح - وهي: بنت أبي رهم بن عبد المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب - فأقبلت أنا وابنة أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح! فقلت لها: بئس ما قلت، تسبين رجلا قد شهد بدرا.
فقالت: يا هنتاه! ألم تسمعي ما قال؟. قلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي، فلما رجعت إلى بيتي، ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " كيف تيكم "./ قلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قال: " نعم " ، وأنا أريد حينئذ أن أتيقن الخبر من عندهما، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت لأبوي فقلت لأمي أي هنتاه ما يتحدث الناس؟ قالت: أي بنية؛ هوني عليك، فوالله لقل ما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها، فقلت: سبحان الله، أوقد تحدث الناس بهذا وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم. فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى ظن أبواي أن البكاء سيفلق كبدي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله. فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي [يعلم] في نفسه من الود. فقال: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيرا. وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله؛ لم يضيق الله عليك النساء والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك - يعني بريرة - فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: " هل رأيت من شيء يريبك من عائشة " قالت بريرة: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتى الداجن فتأكله. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " أما بعد، فمن يعذرني ممن قد بلغني أذاه في أهلي " - يعني عبد الله بن أبي بن سلول - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر أيضا: " يا معشر المسلمين، من يعذرني ممن قد بلغني أذاه في أهلي - يعني عبد الله بن أبي بن سلول - فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ".
نامعلوم صفحہ