404

10

قوله : { ولقد مكناكم في الأرض } . قال الحسن : يعني المشركين بعد الماضين ، فجعلناكم خلائف بعدهم . { وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون } أي : أقلكم الشاكرون ، يعني أقلكم المؤمنون ، أي أقلكم من يؤمن .

قوله : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم } أي الخلق الأول : آدم من طين ، ونسله بعده من نطفة { ثم قلنا للملائكة } أي : بعد خلق آدم ، قبل خلقكم من النطف { اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين } .

قال بعضهم : خلق الله آدم من طين ، ثم صورناكم في بطون أمهاتكم . وقال مجاهد : ثم صورناكم في ظهر آدم .

وقال الكلبي : خلقناكم من نطفة ، ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم لحما ، ثم صورناكم ، أي العينين والأنف والأذنين واليدين والرجلين صورا نحوا من هذا . ثم جعل حسنا وقبيحا ، وجسيما وقصيرا وأشباه ذلك . ثم رجع إلى قصة آدم عليه السلام فقال : ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين . قال بعضهم : كانت الطاعة لله والسجود لآدم .

قوله : { إلا إبليس لم يكن من الساجدين } . وقال في آية أخرى : { فسجدوا إلا إبليس كان من الجن } [ الكهف : 50 ] . ذكروا عن ابن عباس أنه قال : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود . وقال بعضهم : كان من الجن وهم جنس من الملائكة يقال لهم الجن . وقال بعضهم : جن عن طاعة ربه .

وقال الحسن : إن إبليس ليس من الملائكة وإنه من نار السموم ، وإن الملائكة خلقوا من نور الله ، وإن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم وأمر إبليس أيضا بالسجود له ، فجمع المأمورين جميعا .

قوله : { قال : ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين . قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها } يعني في السماء { فاخرج إنك من الصاغرين . قال أنظرني } أي أخرني { إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين } وقال في آية أخرى : { إلى يوم الوقت المعلوم } [ سورة ص : 81 ] أي إلى النفخة الأولى . وأما قوله ها هنا : { إنك من المنظرين } ففيها إضمار : إلى يوم الوقت المعلوم .

{ قال فبما أغويتني } أي : فبما أضللتني . وقال الحسن : فبما لعنتني { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } أي : فأصدهم عنه .

ذكروا عن الحسن قال : ليس من هذا الخلق شيء إلا وقد توجه حيث وجه . ولولا أن ابن آدم قعد له على الطريق ، أي الشيطان ، فيخبل له حتى عدله ، مضى كما مضى سائر الخلق . يعني أن بني آدم ابتلوا بما لم يبتل به غيرهم من الخلق .

صفحہ 404