199

172

قوله : { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح } والقرح الجرح { للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } أي الجنة .

وذلك يوم أحد ، حيث قال رسول الله A : « رحم الله قوما ينتدبون حتى يعلم المشركون أننا لم نستأصل ، وأن فينا بقية » فانتدب قوم ممن أصابتهم الجراح ذلك اليوم .

وقال بعض المفسرين : { للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } . أي الجنة . ذلك يوم أحد ، بعد القتل والجراحات ، وبعد ما انصرف المشركون : أبو سفيان وأصحابه ، فقال نبي الله لأصحابه : « ألا عصابة تنتدب لأمر الله فنطلب عدونا ، فإنه أنكى للعدو وأبعد في السمع » فانطلق عصابة منهم على ما يعلم الله من الجهد بهم ، حتى إذا كانوا بذي الحليفة فجعل الأعراب والناس يأتون عليهم ويقولون : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فأنزل الله :

{ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل } . قال الكلبي : بلغنا أن أبا سفيان وأصحابه مر بهم قوم من السفار من التجار ، وبلغوهم أن القوم يأتونهم ، فقالوا للتجار : قولوا لمحمد وأصحابه : إنا راجعون إليكم فقاتلوكم ، فأنزل الله هذه الآية .

قال الكلبي : وبلغنا أن أبا سفيان يوم أحد أراد أن ينصرف قال : يا محمد ، موعد ما بيننا وبينكم موسم بدر الصغرى أن نقتتل بها إن شئت . فقال له رسول الله A : « ذلك بيننا وبينك » فانصرف أبو سفيان وقدم مكة ، فلقي رجلا من أشجع يقال له : نعيم بن مسعود ، فقال : أني واعدت محمدا وأصحابه أن يخرج نلتقي بموسم بدر ، فبدا لي ألا أخرج إليهم ، وأكره أن يخرج محمد وأصحابه ولا أخرج فيزيدهم ذلك علي جرأة ، فيكون الخلف من قبلهم أحب إلي ، فلك عشرة من الإبل إن أنت حبسته عني فلم يخرج . فقدم الأشجعي المدينة ، وأصحاب محمد A يتجهزون لميعاد أبي سفيان . فقال : أين تريدون؟ . قالوا : واعدنا أبا سفيان أن نلتقي بموسم بدر فنقتتل بها . فقال : بئس الرأي رأيتم؛ أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلا الشديد ، وأنتم تريدون أن تخرجوا إليهم ، وقد جمعوا لكم عند الموسم؛ والله إذا لا يفلت منكم أحد . فكره أصحاب رسول الله A أن يخرجوا . فقال رسول الله A : « والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي منكم أحد » فخرج معه سبعون رجلا حتى وافوا معه بدرا . ولم يخرج أبو سفيان ولم يكن قتال ، فسوقوا في السوق ، ثم انصرفوا . فهو قوله : { الذين قال لهم الناس } ، يعني الأشجعي ، { إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } .

صفحہ 199