{ القارعة ما القارعة } قيل: في الكلام حذف وتقديره ستأتيكم القارعة فاحذروها، وقيل: القارعة والواقعة والحاقة والقيامة أسماء من أسماء القيامة، وقيل: القارعة أهوال القيامة لأنها تقرع القلوب { وما أدراك ما القارعة } يعني أي شيء هي؟ تفخيما لشأنها { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } قيل: كالجراد الذي يتفرش ويركب بعضه بعضا، وقيل: هو الطير الذي يتساقط في النار، والسراح المبثوث المتفرق، يعني إذا خرجوا من قبورهم انتشروا متحيرين لما نالهم من الأهوال، والتشبيه بالجراد قيل: لضعفهم، وقيل: لتفرقهم، وقيل: لكثرتهم { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } كالصوف المصبوغ المندوف لأنها تزول عن أماكنها وتصير كلا شيء { فأما من ثقلت موازينه } في الميزان قولان: قيل: هي على جهة المثل، وقيل: هو العدم، وقيل: له كفتان كموازين الدنيا عن الحسن واكثر العلم، واختلفوا هؤلاء ما الذي يوزن قيل: الصحف، وقيل: يظهر نور وظلمة علامة الخير والشر { فهو في عيشة راضية } أي مرضية في الجنة { وأما من خفت } من الخيرات { موازينه } { فأمه هاوية } قيل: أمه جهنم لأنه يأوي اليها كما يأوي الولد الى أمه، وقيل: يهوى على أم رأسه في النار أي يطرح فيها، وقيل: النار أولى به من أمه { وما أدراك ماهيه } يعني ما الهاوية؟ ثم فسر فقال: { نار حامية } شديدة الحر.
[102 - سورة التكاثر]
[102.1-8]
النزول: وروي ان سورة { الهاكم } نزلت في حيين من قريش بني عبد مناف، وبني سهم، تفاخروا أيهم أكثر عددا، فكثرهم بنو عبد مناف فقالت بنو سهم: ان البغي أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالاحياء والأموات فكثرهم بنو سهم، والمعنى أنكم تكاثرتم بالاحياء حتى اذا استوعبتم عددهم صرتم الى المقابر فتكاثرتم بالأموات، وقيل: كانوا يزورون المقابر فيقولون: هذا قبر فلان وهذا قبر فلان عند تفاخرهم.
والمعنى: { ألهاكم } ذلك وهو مما لا يعنيكم في دنياكم وآخرتكم، أو أراد { ألهاكم التكاثر } بالأموات والأولاد أنى متم وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا والاشتياق اليها والتهالك عليها، أي الى أن أتاكم الموت لا هم لكم غيرها، وقيل: نزلت في فخذ من الانصار، وقيل: نزلت في اليهود، ومعنى ألهاكم: شغلكم التكاثر في الدنيا والحرص على جمعكم عما أمركم ربكم حتى متم وصرتم من أهل المقابر، وقيل: حتى متم على ذلك ولم تتوبوا، وقيل: { حتى زرتم المقابر } فقد زرتم المقابر والأموات { كلا } ردع وزجر، أي تقولوا ذلك، وأراد ازدجروا واشتغلوا بما أمركم الله وقيل: معناه حقا أنكم ستعلمون أن الأمر بخلاف ما ظننتم { سوف تعلمون } وعيد لهم أي عن قريب تعلمون ما وعدتم، وقيل: تعلمون بطلان ما قلتم وما أنتم عليه { ثم كلا سوف تعلمون } قيل: ستعلمون في القبر ثم ستعلمون في الحشر بعد البعث، وعن علي: " ما زلنا نسأل عن عذاب القبر حتى نزلت الهاكم " قيل: { كلا سوف تعلمون } إذا رأيتم منازل الأبرار { ثم كلا سوف تعلمون } إذا رأيتم دار الفجار، وقيل: كرر تأكيدا ووعيدا، وقيل: تعلمون عند الناس ثم تعلمون في المحشر { كلا } ردع وزجر، وقيل: هو تأكيد في الوعيد، والعرب تؤكد بكلا وحقا، وقيل: هو قسم { لو تعلمون علم اليقين } أي علما يقينا { لترون الجحيم } يعني القيامة { ثم لترونها عين اليقين } بالمشاهدة إذا دخلوها وعذبوا بها { ثم لتسألن يومئذ } أي يوم القيامة { عن النعيم } يعني عن النعم التي كنتم فيها في الدنيا، قيل: عن جميع أجناس النعم دينا ودنيا كيف صنعتم فيها؟ وقيل: عن الحواس السليمة والماء البارد، وقيل: عن القرآن وشرائع الاسلام كيف عملتم؟ وقيل: عما أنعم عليكم بمحمد، وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن ذلك فقال:
" بيت يكفيك وخرقة تواري عورتك وكسرة تسد بها حلتك ما سوى ذلك عن النعيم "
وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
" قرأ ألهاكم فقال: تكاثر الأموال جمعها ومنعها عن حقها { حتى زرتم المقابر } دخلتم قبوركم { كلا سوف تعلمون } حين تخرجون الى المحشر { كلا لو تعلمون علم اليقين } عند نشر الصحائف وشقي وسعيد { لترون الجحيم } { ثم لترونها عين اليقين } وذلك حين ينصب الصراط بين جسر جهنم { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } عن خمس: شبع البطون وبارد الشراب ولذة النوم وظلال المساكن واعتدال الخلق "
وقيل: المآكل والمشارب وسائر الملاذ، وقيل: العافية عن علي (عليه السلام)، وقيل: عن الاسلام، وجميع ذلك داخل فيما ذكرنا انه يسأل عن نعم الدنيا والدين، واختلفوا أي سؤال هو فقيل: سؤال توبيخ وتقريع، وقيل: سؤال ليظهروا أعمالهم للخلق، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قرأ ألهاكم التكاثر ثم قال:
" يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ".
نامعلوم صفحہ