287

تفسیر الأعقم

تفسير الأعقم

اصناف

{ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } سماهم ضيفا من غير أن يأكلوا من طعامه لأنهم دخلوا مدخل الأضياف واختلفوا في عدهم قيل: كانوا اثنا عشر ملكا، وقيل: جبريل ومعه سبعة، وقيل: ثلاثة المكرمين من عند الله { إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما } أي سلموا عليه سلاما { قال سلام قوم منكرون } قيل: غرباء لا نعرفهم، وقيل: لأنهم دخلوا من غير إذن { فراغ إلى أهله } أي مال إليهم { فجاء بعجل سمين } { فقربه إليهم } شويا، و { قال ألا تأكلون } تحريصا على الأكل، وقيل: امسكوا فقال: ألا تأكلون { فأوجس منهم خيفة } وفي الكلام حذف فلما لم يأكلوا فدخل في نفسه خيفة منهم وأوجس منهم أنهم لصوص أو كفار يريدون هلاكه، وقيل: ظن أنهم ملائكة وأنهم لا يحضرون إلا له، وقيل: دعوا الله فأحيى الله تعالى ذلك العجل فعلم أنهم ملائكة، ف { قالوا لا تخف } وقوله تعالى: { وبشروه بغلام عليم } أي مبلغ ويعلم، وقيل: نبي وهو إسحاق { فأقبلت امرأته } سمعت البشارة وأقبلت، وقيل: أخبرها إبراهيم { في صرة } قيل: صيحة { فصكت } قيل: ضربت بأطراف أصابعها جبهتها، وقيل: لطمت { وجهها } قال الحسن: أقبلت إلى بيتها وكانت في زواية تنظر إليهم لأنها وجدت حرارة الدم ولطمت وجهها من الحياء { وقالت عجوز عقيم } أي تلد عجوز عاقر كانت بنت تسع وتسعين سنة { قالوا } ذلك { كذلك قال ربك } أي أتعجبين من قدرة الله فإنه حكيم عليم { قال فما خطبكم أيها المرسلون } أي فما شأنكم وما ظنكم ولأي أمر جئتم أيها المرسلون { قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين } يعني قوم لوط أرسلنا لنهلكهم { لنرسل عليهم حجارة من طين } يريد السجيل وهو طين طبخ الآجر حتى صار فيه صلابة الحجار { مسومة } معلمة على كل واحدة منها اسم من يهلك به، وقيل: معلمة بأنها من حجارة العذاب { عند ربك } أي معدة في حكمه { للمسرفين } المجاوزين الحد في العصيان { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين } { فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } دليل على أن الايمان والإسلام واحد وإنهما صفتا مدح، قيل: هم لوط وابنتاه (عليهم السلام)، وقيل: كان لوط وأهل بيته، عن قتادة: لو كان فيها أكثر من ذلك لأنجاهم الله { وتركنا فيها آية } يعتبر بها الخائفون دون القاسية قلوبهم، وقيل: ما اسود منتن { وفي موسى } معطوف على { وفي الأرض آيات } ، أو على قوله: { وتركنا فيها آية } على معنى وجعلنا في موسى { إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين } أي بحجة { فتولى } أي أعرض عن قبول الحق { بركنه } بعزته من جنوده وقومه { وقال } موسى { ساحر أو مجنون } لا عقل له { فأخذناه وجنوده } أي عاقبناهم { فنبذناهم } أي ألقيناهم كما يلقى { في اليم } أي في البحر { وهو مليم } يعني موسى فعل ما تلام عليه { وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم } التي لا تلقح شجرا ولا تنشر سحابا، وقيل: لم يكن فيه إلا خروج، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

" نصرت بالصبا وأهلك عاد بالدبور "

{ ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم } قيل: كالطعام، وقيل: كالنبات إذا يبس، وقيل: كالشيء الهالك، وقيل: كالتبن، وقيل: كالتراب.

[51.43-60]

{ وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا } أي انتفعوا بأعماركم ودنياكم { حتى حين } إلى وقت آجالكم { فعتوا عن أمر ربهم } أي تعظموا واستكبروا ولم يقبلوا أمر الله { فأخذتهم الصاعقة } أي العذاب { وهم ينظرون } إليها نهارا لا يقدرون على دفعها { فما استطاعوا من قيام } أي ما قدروا على قيام العذاب بعد نزوله { وما كانوا منتصرين } قيل: منتقمين منا { وقوم نوح } يعني وأهلكنا قوم نوح { من قبل } أي من قبل عاد وثمود { إنهم كانوا قوما فاسقين } خارجين عن طاعة الله { والسماء بنيناها } ألقيناها على حسن نظامها وعظمها وزينتها { بأيد } بقوم { وإنا لموسعون } الرزق على الخلق، وقيل: لموسعون السماء { والأرض فرشناها } أي بسطناها { فنعم الماهدون } أي فنعم الباسطون { ومن كل شيء خلقنا زوجين } قيل: الليل والنهار والشمس والقمر والسماء والأرض والإنس والجن، وقيل: الزوجين الذكر والأنثى { لعلكم تذكرون } أي تفكرون فيه { ففروا إلى الله } أي اهربوا من عقابه إلى رحمته، وقيل: بإخلاص طاعته انقطعوا إليه، وقيل: فروا من مخافته إلى طاعته ومن أعدائه إلى أوليائه { إني لكم منه نذير مبين } مخوف من عقابه { ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين } { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون } فشبه حال قومه في تكذيبه بحال الأمم { أتواصوا به } يعني أوصى بعضهم بالتكذيب، وقيل: كان الأول أوصى الآخر بالتكذيب { بل هم قوم طاغون } مجاوزون الحد في العصيان { فتول عنهم } أعرض عنهم أمر بالاعراض عنهم استخفافا بهم { فما أنت بملوم } على إقبالهم إنما عليك البلاغ { وذكر } أي ذكرهم بالمواعظ، وقيل: بنعم الله ليشكرونها { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } يعني الغرض في خلقهم تعريضهم للثواب وذلك لا يحصل إلا بأداء العبادات فصار كأنه خلقهم للعبادة { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } لأنه غني لا يجوز عليه الحاجة فبين أنه خلقهم للعبادة ولم يكلهم إلى أنفسهم { إن الله هو الرزاق } لجميع خلقه { ذو القوة المتين } { فإن للذين ظلموا } قيل: كفروا، وقيل: عصوا ربهم وظلموا بذلك أنفسهم، والمعنى فإن للذين ظلموا رسول الله بالتكذيب من أهل مكة لهم نصيب من عذاب الله مثل نصيب أصحابهم ونظائرهم من القرون، وعن قتادة: محلا من عذاب الله مثل محل أصحابهم { فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون } قيل: هو يوم القيامة، وقيل: يوم بدر.

[52 - سورة الطور]

[52.1-16]

{ والطور } الجبل الذي كلم الله عليه موسى (عليه السلام)، قال مجاهد: أقسم الله به لعجيب خلقه وما أودع فيه من عجيب خلقته وأنواع نعمته وهو بالأرض المقدسة واسمه رأس وهو بمدين { وكتاب مسطور } قيل: هو الكتاب الذي فيه الأعمار، والمسطور المكتوب، قال الله تعالى:

ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا

[الإسراء: 13] وقيل: ما كتب الله لموسى وهو يسمع صرير القلم، وقيل: اللوح المحفوظ، وقيل: القرآن { في رق منشور } مبسوط { والبيت المعمور } قيل: بيت في السماء حيال الكعبة يعمر بكثرة صلاة الملائكة، عن أمير المؤمنين وابن عباس قيل: هو في السماء الرابعة، وقيل: في السماء السابعة يعمره الملائكة بالعبادة، وقيل: يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، وقيل: هذا البيت أنزل مع آدم من الجنة، ثم حمل أيام الطوفان إلى السماء، وقيل: هي الكعبة معمورة بالحج والعمرة وهو أول مسجد وضع للعبادة في الأرض { والسقف المرفوع } يعني السماء { والبحر المسجور } المملوء، وقيل: الموقد من قوله:

نامعلوم صفحہ