257

تفسیر الأعقم

تفسير الأعقم

اصناف

" أن الله تعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائر الملائكة "

وقيل: خلق الله العرش من جوهرة خضراء وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام، وقيل: حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون مهللين ومكبرين ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين بالتهليل والتكبير، ومن ورائهم مائة ألف صف وقد وضعوا الايمان على الشمائل ما بينهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر { ويستغفرون للذين آمنوا } أي يستغفروا لهم بطلب المغفرة لهم من الله { ربنا } أي يقولون ربنا { وسعت كل شيء رحمة وعلما } أي وسعت رحمتك كل شيء وعلمك { فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } أي دينك { وقهم عذاب الجحيم } أي النار { ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم } أي اجعل معهم الصالحين من آبائهم { وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم } { وقهم السيئات } ، قيل: اصرف عنهم جزاء السيئات، وقيل: قهم أنواع العقاب، وقيل: قهم أنواع المعاصي بالألطاف { ومن تق السيئات } بلطفك { يومئذ } يعني يوم القيامة { فقد رحمته } وأنعمت عليه { وذلك هو الفوز العظيم } { إن الذين كفروا ينادون لمقت الله } ، قيل: مقتوا أنفسهم حين عاينوا العذاب فقيل لهم: { مقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم } ، وقيل: مقت الله إياكم وأنتم في الدنيا أكبر { إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } أكبر من مقتكم، والمقت أشد البغض { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } أي موتتين وحياتين، وأرادوا بالاماتتين خلقهم أمواتا أولا وأماتهم عند انقضاء أجلهم، وبالإحياء بين الحياة الأولى وحياة البعث، قال جار الله: وناهيك تفسيرا لذلك قوله تعالى:

وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم

[البقرة: 28] عن ابن عباس، وذكر الحاكم: أن الموتة الأولى في الدنيا بعد الحياة والثانية في القبر قبل البعث، والحياة الأولى في القبر والثانية في الحشر عن الحسن السدي، وقيل: الحياة الأولى في الدنيا والثانية في القبر، والآية تدل على صحة عذاب القبر واسم الموت على النطفة مجاز فحمل الكلام على حقيقته أولى، ثم بين تعالى علة الخلود فقال سبحانه: { ذلكم بانه إذا دعي الله وحده كفرتم } وانكرتم أن يكون وحده إلها وقلتم: أجعل الآلهة إلها واحدا { وإن يشرك به تؤمنوا } أي تصدقوا { فالحكم لله } في إدامة العذاب ومنع الرجوع { العلي } القادر على ما يشاء { الكبير } العظيم الشأن.

[40.13-19]

{ هو الذي يريكم آياته } من الريح والسحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها { وينزل لكم من السماء رزقا } يعني المطر { وما يتذكر إلا من ينيب } وما يتيقظ ويتذكر بآيات الله إلا من ينيب من يتوب من الشرك ويرجع إلى الله من المعاصي بالتوبة { فادعوا الله مخلصين له الدين } أي الطاعة والعبادة { ولو كره الكافرون } { رفيع الدرجات } ، كقوله:

ذي المعارج

[المعارج: 3] وهي مصاعد الملائكة إلى أن تبلغ العرش، وعن ابن جبير سماء فوق سماء والعرش من فوقهن، وقيل: هي درجات ثوابه التي ينزلها أولياءه في الجنة { ذو العرش } أي خالقه ومالكه، وقيل: العرش الملك أي ذو الملك { يلقي الروح } أي ينزل الوحي، وقيل: يرسل جبريل، وقيل: ينزل القرآن، وقيل: هو كل كتاب أنزله الله { بأمره على من يشاء من عباده } ممن يعلم أنه يصلح أن ينذر أي يخوف { يوم التلاق } أي يوم القيامة، وسمي بذلك لأنه يلتقي فيه الأولون والآخرون، وقيل: يلتقي أهل السماء وأهل الأرض ويلقى المرء مع عمله، وقيل: يلتقي الظالم والمظلوم، وقيل: العابد والمعبود، وقيل: يلتقي كل واحد مع قرينه { يوم هم بارزون } من القبور فلا يستترون بشيء { لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم } يعني يوم القيامة { لله الواحد القهار } حكاية لمن سأل عنه في ذلك اليوم، ومعناه أنه ينادي منادي فيقول: { لمن الملك }؟ فيجيبه أهل الحشر: لله الواحد القهار، وقيل: يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط فأول ما يتكلم به ينادي منادي { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } { اليوم تجزى كل نفس } الآية وهذا يقتضي أن يكون المنادي هو المجيب، لما قرر أن الملك لله وحده في ذلك اليوم عدد نتائج ذلك اليوم، وهو أن كل نفس تجزى { بما كسبت } والظلم مأمون لأن الله ليس بظلام للعبيد { إن الله سريع الحساب } إن الحساب لا يبطئ لأن الله لا يشغله حساب عن حساب، فيحاسب الخلق كله في وقت واحد وهو أسرع الحاسبين، وعن ابن عباس: إذا أخذ في حسابهم لم يقل لأهل الجنة إلا فيها ولم يقل لأهل النار إلا فيها { وأنذرهم يوم الأزفة } ، قيل: هو يوم القيامة لأن كل آت قريب وهو الذي يعرب القلوب ويبلغ الأرواح إلى الصدور والحناجر، يعني من الخوف زالت عن صدورهم فتعلقت بحلوقهم فلا هي تعود إلى مكنتها ولا تخرج فيموتون { كاظمين } لها أي للقلوب والنفوس { ما للظالمين } يومئذ { من حميم } قريب وصديق { ولا شفيع يطاع } أي يخاف فيطاع محار { يعلم خائنة الأعين } ، قيل: فيه تقديم وتأخير أي يعلم الأعين الخائنة، وقيل: هو مسارقة النظر إلى المرأة عن ابن عباس، وقيل: نظر العين إلى ما نهى الله عنه { وما تخفي الصدور } أي يعلم سرائر الصدور.

[40.20-27]

{ والله يقضي بالحق } أي يحكم بين عباده بالحق { والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء } يعني الأصنام لأنها جماد { إن الله هو السميع البصير } { أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم } من كفار الأمم { كانوا هم أشد منهم قوة } في أنفسهم { وآثارا في الأرض } وهو ما بقي من أبنيتهم العجيبة، وقيل: أثارا في الأرض أي ذهابا بالطلب في الدنيا فلم ينفعهم ذلك حتى أخذوا { فأخذهم الله بذنوبهم } أي أهلكهم بذنوبهم { وما كان لهم من الله من واق } أي من عذابه من واق يقيهم ويدفع العذاب عنهم { ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } بالحجج والمعجزات { فكفروا فأخذهم الله } أي أهلكهم عقوبة على كفرهم { إنه قوي } أي قادر على الانتقام منهم { شديد العقاب } { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين } ، قيل: الآيات والسلطان شيء واحد وذكرها تأكيدا وذكرها حجج التوحيد والعدل، والسلطان المعجزات التي بها ظهرت نبوته وقهر فرعون وقومه { إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب } فيما يدعي ويدعو إليه { فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم } ، قيل: أمر فرعون بقتل الأبناء مرتين: مرة قبل بعثه موسى خوفا على ملكه حين أنذر، ومرة بعد البعثة لئلا يتقوى بهم وليتفرقوا عنه، وقيل: عقوبة لهم، قال قتادة: كان فرعون أمسك عن قتل الولدان فلما بعث موسى أعاد القتل وأما استحياء النساء قيل: للمهنة، وقيل: لما قتلوا الأبناء واستحيوا النساء ليصدوهم بذلك { وما كيدالكافرين } أي مكرهم { إلا في ضلال } ، قيل: في هلاك، وقيل: في ذهاب عن الصواب، ولما أحس فرعون بزوال ملكه على يديه هم بقتله فقال لملائه ما حكى الله { وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه } الذي زعم، الذي أرسله لينصره علي ويمنعه مني، وهذا جهل عظيم منه، وقيل: قاله عنادا حفاظا على مملكته { إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد } يعني يغير دينكم الذي أنتم عليه من عبادة فرعون والأصنام وظهور الفساد قيل: أراد بظهور دينه وبعمل عبادة الله، وقيل: يظهر الحرب بين الفريقين فيحارب موسى بمن آمن معه فيخرب البلاد، وقيل: أراد بالأرض أرض مصر، فلما بلغ ذلك موسى قال: { إني عذت } أي اعتصمت { بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب } لأن الإيمان بيوم الحساب يمنع القبيح.

نامعلوم صفحہ