وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول
[المائدة: 83] الآية { من قبله } من قبل القرآن، والمراد بالكتاب التوراة والانجيل { هم به يؤمنون } يعني الذين أوتوا الكتاب يصدقون { وإذا يتلى عليهم } يعني القرآن { قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين } أي قبل نزول القرآن لأنهم وجدوا في كتبهم صفته فآمنوا به قبل البعث فلما بعث وعاينوه آمنوا به { أولئك يؤتون أجرهم مرتين } أي ضعفين لايمانهم بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، وقيل: الأول قبل البعث وبعده، أو بصبرهم على أذى المشركين وأهل الكتاب، { ويدرؤون بالحسنة السيئة } قيل: بالخير من الكلام يدفعوا العذاب بمجانبة المعاصي، وقيل: الطاعات والتوبة { ومما رزقناهم ينفقون } في سبل الخير والطاعة { وإذا سمعوا اللغو } من المبطلين ما يؤديهم وهو قبيح الكلام { أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكن أعمالكم } أي كل أحد يمادي بفعله { سلام عليكم } قالوا قولا لطيفا حسنا يسلمون من شرهم، وقيل: معناه ليس بيننا كلام، لا نخوض معكم، ولا نريد صحبتكم، وليس هو بسلام تحية وإنما هو سلام متاركة، وقيل: السلام هو الله أي الله شاهد عليكم بما تقولون فيجازيكم { لا نبتغي الجاهلين } ، قيل: مجازاة الجاهلين.
[28.56-60]
{ إنك لا تهدي من أحببت } أي لا تقدر أن تدخل في الاسلام كل من أحببت { ولكن الله يهدي من يشاء } لأن الالطاف تنفع فيه، والآية نزلت في أبي طالب الذي ذكره في الكشاف أنه مات كافر واحتج بالآية، والذي روي في الحاكم أنه أسلم وفي إسلامه إجماع أهل البيت وهم أعلم بأحواله، وكان لأبي طالب عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيادي مشكورة عند الله تعالى، وقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاه فأسلم ذكره في الحاكم { وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } الآية نزلت في الحارث بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنا نعلم إنما جئت به حق ولكنا نخاف ان اتبعناك تخطفنا العرب لاجتماعهم على اختلافنا ولا طاقة لنا بهم فنزلت، وقالوا يعني الكفار: { إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } أرض مكة والحرم { أولم نمكن لهم حرما } من دخله كان آمنا، وكانت العرب يقولون أهل مكة آمنون { يجبى اليه } تجمع إليه من كل جهة { ثمرات كل شيء رزقا من لدنا } من عندنا { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن الإسلام بالهدى { وكم أهلكنا من قرية } أي أهل قرية { بطرت معيشتها } أي أشرت وبطرت وكفرت بالله مثل عاد وثمود { فتلك مساكنهم } يعني من لم يصدقك فلينظر إلى آثارهم { لم تسكن من بعدهم إلا قليلا } يعني لم يعمر منها إلا قليل وأكثرها خراب وهم المؤمنون الذين فارقوا البلد حتى عذب الكفار وسكنوها بعدهم { وكنا نحن الوارثين } يعني لم يبق منهم أحد { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا } ، قيل: أم القرى مكة، وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء { يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } فلا نهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثة الرسل كما قال:
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون
[هود: 117] { وما أوتيتم من شيء } أي ما أعطيتم من مال ونحوه في الدنيا فهو { متاع الحياة الدنيا } أي يتمتع بها ويتزين بها { وما عند الله } من الثواب { خير وأبقى } لأنه دائم لا يفنى { أفلا تعقلون } أي هلا تعلمون؟!
[28.61-67]
{ أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه } نزلت الآية في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي أبي جهل بن هشام، وقيل: نزلت في حمزة..... (عليهما السلام) وفي أبي جهل، وقيل: في عمار والوليد بن المغيرة، والوعد الحسن الجنة وما فيها من النعم { كمن متعناه متاع الحياة الدنيا } يعني زينة الدنيا من الأموال ونحوها { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } للجزاء بالعقاب { ويوم يناديهم } يعني يوم القيامة { فيقول أين شركائي } الذين عبدتموهم فأين هم اليوم لا ينصرونكم؟ وهذا توبيخ وتقريع عند الاشهاد بما يوجب الجزاء، وقيل: المراد بالشركاء الرؤساء وأئمة الضلال بمنزلة طاعتهم لهم { قال الذين حق عليهم القول } أوجب عليهم الوعيد والعقاب قيل: هم الشياطين أو أئمة الضلال { ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا } اعترفوا بذنوبهم وكان يمكنهم أن لا يتبعونا ويتبعوا الحق، وقيل: تقديره أغويناهم فغووا عنا مثل ما غوينا، يعنون أنا لم نغو إلا باختيارنا ولم يكن الإغواء لهم إلا وسوسة وتسويلا لا قسرا والجاء، فهذا معنى ما حكى الله عز وجل عن الشيطان
إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي
[إبراهيم: 22] الآية { تبرأنا إليك } منهم ومما اختاروه من الكفر بأنفسهم هوى منهم للباطل ومقتا للحق { ما كانوا إيانا يعبدون } إنما كانوا يعبدون أهواءهم ويطيعون شهواتهم وهذا قول الرؤساء، أي لا ذنب لنا فإنهم وإنما عبدوا الأصنام { وقيل } للكفار { ادعوا شركاءكم } ، قيل: الأصنام على وجه الاستعانة { فدعوهم } للضرورة مبالغة في الخزي والفضيحة { فلم يستجيبوا لهم } أي لم يجيبوا لأنها جماد { ورأوا العذاب } ، قيل: العذاب النازل بهم، وقيل: الجحيم { لو أنهم كانوا يهتدون } ، قيل: تقديره رأوا حين عاينوا العذاب لو كانوا يهتدون، وقيل: لو بمعنى التمني لو كانوا مهتدين في الدنيا، وقيل: لو كانوا بما رأوا من العذاب { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } الذين بعثتهم إليكم وهذا أعظم النداء { فعميت عليهم الأنباء يومئذ } أي خفيت عليهم الأخبار والأعذار والحجج يومئذ { فهم لا يتساءلون } ، قيل: لا يجيبون، وقيل: سكوت لا يسأل بعضهم بعضا { فأما من تاب } والتوبة الندم على ما سلف ويعزم على أن لا يعود إلى مثله من فعل قبيح أو ترك واجب { فعسى أن يكون من المفلحين } أي يكون منهم.
نامعلوم صفحہ