ورتل القرآن ترتيلا
[المزمل: 4] أي اقرأه مرتلا بترسيل وتثبت وأصله الترتيل { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق } يعني لا يأتونك بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة كأنه مثل في البطلان إلا أتيناك نحن بالجواب الحق { وأحسن تفسيرا } أي بيانا كأنهم أتوا ما ليس بحجة فعارضهم بحجة { الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا } { ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا } { فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا } يعني قوم فرعون { فدمرناهم تدميرا } أي أهلكناهم { وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية } أي عبرة وعظة { واعتدنا للظالمين } في الآخرة { عذابا أليما } { وعادا } أي وأهلكنا عادا { وثمودا وأصحاب الرس } كانوا قوما من عبدة الأصنام أصحاب أثار ومواشي فبعث الله اليهم شعيبا فدعاهم إلى الإسلام فتمادوا في طغيانهم وفي إذائه ، فبينما هم حول العرش وهو العير عير المطوية عن ابن أبي عبيد انهارت بهم وتخسف بهم وبديارهم، وقيل: الرس قرية بفلج اليمامة قتلوا نبيهم وهلكوا وهم بقية ثمود، وقيل: هم أصحاب النبي حنظلة بن صفوان كانوا مبتلين بالعنقاء وهي أعظم ما يكون من الطير سميت بذلك لطول عنقها، وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له فتح، وهي تنقض على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد، فدعا عليها حنظلة (عليه السلام) فأصابتها الصاعقة، ثم أنهم قتلوا حنظلة فأهلكوا، وقيل: هم أصحاب الأخدود، وقيل: الرس بانطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار، وقيل: قتلوا نبيهم ورسوه في بئر أي دسوه فيها { وقرونا بين ذلك كثيرا } ، قيل: بين نوح وأصحاب الرس، وقيل: بين من تقدم ذكرهم، والقرن سبعون سنة { وكلا ضربنا له الأمثال } بالوعد والوعيد وبينا لهم القصص العجيبة من قصص الأولين { وكلا تبرنا تتبيرا }.
[25.40-47]
{ ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء } قرية قوم لوط التي أمطرت مطر السوء، قيل: هي الحجارة حين رفعوا إلى السماء { أفلم يكونوا يرونها } إذا مروا بها ورأوا آثارها { بل كانوا لا يرجون نشورا } لا يخافون تعبا { وإذا رأوك } هؤلاء المشركين { ان يتخذونك إلا هزوا } ويقولون هذا رسول على طريق الاستهزاء { إن كاد ليضلنا عن آلهتنا } يعني قرب أن يصرفنا بدعوته عن آلهتنا وهي الأوثان { لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب } يوم بدر والقتل فيه فيعلمون يقينا أنهم كانوا على ضلال وأنه على حق، وقيل: هذا وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طال مدة الإمهال، ولا بد للوعد أن يلحقهم فلا يغرنهم التأخير { من أضل سبيلا } كالجواب عن قولهم إن كاد ليضلنا، قوله تعالى: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } ، قيل: يجعل إلهه ما يهواه وهو غاية الجهل وكان الرجل من المشركين يعبد الحجر والصنم فإذا رأى أحسن منه رمى به وأخر الاخر { أفأنت تكون عليه وكيلا } ، قيل: حافظا لهم من الباطل مع هذا الجهل والغفلة التي هم فيها، قيل: ليس عليك أن يؤمنوا إنما عليك البلاغ { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون } ، سماع: طالب الإفهام { أو يعقلون } ما يعاينون من الحجج والمعجزات { إن هم إلا كالأنعام } لا تسمع ولا تفهم ولا تعقل { بل هم أضل سبيلا } لأنهم مكنوا من المعرفة فلم يعرفوا والأنعام لم تمكن { ألم تر إلى ربك } إلى قدرته، ومعنى: { مد الظل } جعلناه يمتد ويبسط فينتفع به الناس، وقيل: هو الظل بعد غروب الشمس ولا مانع من ذلك، وقيل: من بعد غروبها إلى طلوعها عن أبي علي { ولو شاء لجعله ساكنا } أي دائما ثابتا وهو اذ يمنع الشمس من الطلوع، قال جار الله: ساكنا أي لاصقا بأصل كل مضل من جبل وبناء وشجر وغير منبسط فلم ينتفع به أحد { ثم جعلنا الشمس عليه دليلا } معنى كون الشمس دليلا أن الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها في مسيرها على أحوال الظل من كونه ثابتا في مكان وزائلا ومتسعا ومنقبضا، فيثنون حاجتهم إلى الظل واستغناءهم عنه على حسب ذلك، وقبضه إليه أنه ينسخه بضح الشمس { يسيرا } أي لتعطلت أكثر منافع الناس بالظل والشمس جميعا، قوله تعالى: { وهو الذي جعل لكم الليل لباسا } أي سترا، أي لتستترون به وتسكنون فيه، فشبه الليل باللباس لأنه يستر كل شيء بظلمته { والنوم سباتا } راحة لأبدانكم وقطعا لأعمالكم { وجعل النهار نشورا } ينشرون لطلب المعاش.
[25.48-57]
{ وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } لأنها تنشر السحاب، وقد قيل: إنها كلها لواقح إلا الدبور فهي عقيم لا تلقح { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ، قيل: طاهرا بنفسه مطهرا لغيره { لنحيي به بلدة ميتا } لا زرع ولا ضرع ولا نبات لنسقيه { مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا } أي لنجعله سقيا للأنعام والأناسي { ولقد صرفناه } المطر { بينهم } يدور في جهات الأرض، وقيل: قسمناه { ليذكروا } وليتعظوا، وقيل: ليذكروا نعم الله وقدرته { فأبى أكثر الناس إلا كفورا } يعني كفروا بنعمة الله وجحدوا به، وعن ابن عباس: ما عام أقل مطرا من عام، ولكن الله قسم بين عباده على ما يشاء، وتلا هذه الآية، وروي أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام { ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا } يعني رسولا ينذرهم، وحققنا عنك، وبعثنا في كل قرية نذيرا ينذر أهلها { فلا تطع الكافرين } فيما يدعونك إليه من المداهنة والإقتراحات { وجاهدهم به } أي بالقرآن { جهادا كبيرا } يعني جاهدهم بالدعاء إلى الحق { وهو الذي مرج البحرين } المرج الخلط، والفرات كل ماء عذب، والبحر كل مالح، والاجاج: أشد الملوحة، والبرزخ الحاجز بين الشيئين، قيل: أرسلهما، وقيل: حفظهما { هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج } وهو البليغ العذوبة حتى يضرب إلى الحلاوة، والاجاج نقيضه، ومرجهما خلاهما متحادين متلاصقين وهو بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما من التمازج وهذا من عظيم اقتداره { وجعل بينهما برزخا } حائلا من قدرته كقوله:
بغير عمد ترونها
[الرعد: 2] يريد بغير عمد مرئية وهو قدرته { وحجرا محجورا } أي منعا وسترا لا يفسد المالح العذب { وهو الذي خلق من الماء } أي النطفة ومنها خلق بني آدم { بشرا فجعله نسبا وصهرا } النسب ما لا يحل نكاحه، والصهر ما يحل نكاحه، عن علي (عليه السلام) وعن ابن سيرين: نزلت نسبا وصهرا في النبي وعلي بن أبي طالب هو ابن عمه وزوج ابنته منه، وقيل: النسب سبعة والصهر خمسة، وقرأ:
حرمت عليكم أمهاتكم
[النساء: 23] إلى آخرها { وكان ربك قديرا } أي قادر على ما يشاء { ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم } يعني هؤلاء المشركين لا ينفعهم إن عبدوه ولا يضرهم إن تركوه { وكان الكافر على ربه ظهيرا } يعني أن الكافر مظاهر الشيطان على ربه بالعداوة والشرك، وقيل: إنها نزلت في أبي جهل، وقيل: ربه الصنم يعمل به ما شاء من الصنوع وتغيير الشكل { وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا } يعني لا تبعة عليك من فعلهم وإنما أنت مبشر ونذير { قل ما أسألكم عليه من أجر } فتتركون الإيمان لعلة، أي طمع في أموالكم { إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا } ، قيل: الاستثناء منقطع، معناه لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بانفاق ماله في طاعته وابتغاء مرضاته، وقيل: إلا بمعنى بل أسألكم الإيمان والله أعلم.
نامعلوم صفحہ