تفسیر الأعقم

الأعقم d. 850 AH
191

تفسیر الأعقم

تفسير الأعقم

اصناف

قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } يعني صلوا واعبدوا، وقيل: كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود فأمروا بأن تكون صلاتهم ركوع وسجود، وقيل: معنى { واعبدوا ربكم } اقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله { وافعلوا الخير } قيل: الآداء والزكاة، وقيل: افعلوا الخيرات من الفرائض والنوافل، وعن ابن عباس: صلة الأرحام ومكارم الأخلاق، قوله تعالى: { لعلكم تفلحون } أي افعلوا هذا كله وأنتم راجون الفلاح طامعون فيه، وعن عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قال: قلت: يا رسول الله في سورة الحج....؟ قال:

" نعم إن لم تسجدهما فلا تقرأهما "

{ وجاهدوا } أمروا بالغزو وبمجاهدة النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه رجع من بعض غزواته فقال:

" رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر "

{ في الله } أي في دينه { حق جهاده } قال جار الله: كان القياس حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه وهي ثلاثة مع الكفار بالسيف والحجة، ومع المبتدعة بالحجة ومع النفس بالامتناع عن المعاصي { هو اجتباكم } لدينه وجهاد أعدائه { وما جعل عليكم في الدين من حرج } أي من ضيق، وقيل: لم يكلفكم ما لم تطيقونه بل جعل فيه التوبة { ملة أبيكم إبراهيم } أي دينه وإنما ذكر ذلك لأن ملته داخلة في ملة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسماه أبا الجميع لأن حرمته كحرمة الوالد على الولد { هو سماكم المسلمين } هو يرجع إلى الله تعالى، وقيل: إلى إبراهيم { من قبل } أي من قبل القرآن في سائر الكتب وفي القرآن، أي فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم الأكرم { ليكون الرسول شهيدا عليكم } أنه قد بلغكم { وتكونوا شهداء على الناس } بأن الرسل قد بلغتهم، وإذا خصكم بهذه الكرامة فاعبدوه وثقوا به ولا تطلبوا النصرة والولاية إلا منه فهو مولى وناصر ومعين.

[23 - سورة المؤمنون]

[23.1-11]

{ قد أفلح المؤمنون } أي فاز وظفر بالمطلوب المؤمنون فهي بشارة لهم، ثم ثنى صفة المؤمنين فقال: { الذين هم في صلاتهم خاشعون } وحقيقة الخشوع في الصلاة في القلب والجوارح، ولقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لما رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته:

" أما أنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه "

والخشوع أصله السكون والتذلل وهو قريب من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والخشوع في القلب والبصر والصوت، وقيل: خائفون، وقيل: متواضعون، وقيل: هو غض البصر وخفض الجناح ولا تلتفت يمينا ولا شمالا { والذين هم عن اللغو معرضون } عن المعاصي، وقيل: الحلف الكاذب، وقيل: الشتم { والذين هم للزكاة فاعلون } يودون { والذين هم لفروجهم حافظون } يعني يحفظونها بما لا يجوز { إلا على أزواجهم } فأباح وطي الزوجة وملك اليمين { فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } ، قيل: الخارجون عن حدود الله، يعني من طلب سوى ذلك فأولئك هم العادون { والذين هم لأماناتهم } يعني ما ائتمنوا عليه، وهو على وجهين: اما أمانات الله من العبادات، وإما أمانات العباد كالودائع والعواري والشركة والمضاربة والشهادات وغيرها من العقود { وعهدهم } عقودهم وهو على ثلاثة أوجه: أوامر الله، ونذور الانسان، والعقود التي بين الناس { راعون } والراعي القائم على شيء يحفظه كراعي الغنم وراعي الرعية، أي حافظون وافون { والذين هم على صلاتهم يحافظون } يداومون فلا يضيعونها ويراعون أوقاتها وهي الصلوات الخمس والوتر والسنن المرتبة مع كل صلاة وصلاة الجمعة، والعيدين والجنازة والاستسقاء والكسوف والخسوف وصلاة الضحى وصلاة التهجد وصلاة التسبيح وصلاة الحاجة وغيرها من النوافل { أولئك } يعني من كان بهذه الصفة { هم الوارثون } يوم القيامة منازل أهل البيت النار روي مرفوع، وقيل: الوارثون الجنة ونعيمها لأنها تول إليهم الفردوس على تأويل الجنة، وهو البستان الواسع الجامع، وروي أن الله تعالى بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل خلالها المسك الأذفر.

نامعلوم صفحہ