407

[النور: 40].

[21.25-28]

ثم قال سبحانه كلاما جليا مثبتا للتوحيد خاليا عن سمة التقليد: { ومآ أرسلنا } من مقام جودنا وفضلنا { من قبلك } يا أكمل الرسل من الرسل { من رسول } من الرسل الماضين { إلا نوحي إليه } أولا { أنه لا إله } يعبد بالحق ويستحق للعبادة والإطاعة { إلا أنا } المتفرد برداء العظمة والكبرياء، المنفرد بكمال الجلال، ودوام البقاء { فاعبدون } [الأنبياء: 25] أيها الأظلال الهالكة والعكوس المضمحلة الباطلة، وتذللوا نحوي خاضعين خاشعين، إذ لا مرجع لكم غيري.

وادعا الشركة { وقالوا } مستدلين عليها: نحن نجد في التوراة والإنجيل أنه { اتخذ الرحمن } الملائكة وعزيرا وعيسى { ولدا } والولد شريك لأبيه، إذ هو سره { سبحانه } وتعالى عن أمثال هذه الهذيانات الباطلة { بل } هم { عباد } لله { مكرمون } [الأنبياء: 26] محبوبون لديه.

لذلك { لا يسبقونه بالقول } أي: لا يبادرون إلى القول قبل قوله سبحانه، ولا يبدلون، ولا يغيرون قوله وحكمه، كما هو دأب العبيد مع المولى { و } كيف يسبقونه بالقول { هم بأمره يعملون } [الأنبياء: 27] جميع ما عملوا من خير وشر والمأمور لا يكون شريكا للآمر.

وكيف لا يعملون بأمره إذ هو { يعلم } بعلمه الحضوري منهم ومن أحوالهم { ما بين أيديهم } أي: ما هو حاضر عندهم، معلوم دونهم من أحوالهم وأفعالهم { وما خلفهم } أي: ما هو غائب عنهم ومجهول لديهم { و } إن خرجوا عن مقتضى أمره سبحانه { لا يشفعون } أي: لا تقبل شفاعتهم لغيرهم، أو لا يشفع لهم عند الله بعدما خرجوا عن مقتضى حكمه { إلا لمن ارتضى } سبحانه، ورضي بشفاعة من يشفع لهم وأذن { و } كيف يشفع عنده سبحانه بغير إذنه ورضاه؟ إذ { هم } أي: الشفعاء { من } كمال { خشيته } سبحانه ومن غاية سطوته وهيبته وقهره { مشفقون } [الأنبياء: 28] خائفون مرعوبون وجلون.

[21.29-35]

{ و } متى كان حال الشفعاء وخشيتهم على هذا المنوال { من يقل منهم إني إله } مستحق للعبادة، مستقل في الألوهية { من دونه } سبحانه { فذلك } أي: بمجرد قولهم هذا، وإن كان غير مطابق لاعتقادهم { نجزيه } ونصليه { جهنم } البعد والحرمان ونيران الخيبة والخسران { كذلك نجزي الظالمين } [الأنبياء: 29] الخارجين عن مقتضى توحيدنا، المسيئين الأدب معنا.

{ أ } ينكرون وحدتنا، ويثبتون لنا شريكا من مصنوعاتنا، وينسبون بنا ولدا ظلما وزورا { ولم ير الذين كفروا } بنا بأمثال هذه الخرافات الباطنة، ولم يعلموا كمال قدرتنا { أن السموت } أي: عالم الأسماء والصفات { والأرض } أي: عالم الطبيعة والعكوس والأظلال قد { كانتا رتقا } أي: كان كل منهما مرتقا متضمنا بلا تعدد وتكثر.

أما الأسماء والصفات فمندمجة مندرجة في الذات بلا هبوط وتنزل وظهور أثر.

نامعلوم صفحہ