{ قل } لمن تبعك لعلهم ينتبهون: { إني } بعدما تحققت بمقام الكشف والشهود { أخاف إن عصيت ربي } أي: إن خرجت عن مقتضى توحيده { عذاب يوم عظيم } [الأنعام: 15] هو يوم العرض الأكبر الذي تجزى فيه كل منفس بما تسعى.
{ من يصرف } العذاب { عنه يومئذ فقد رحمه } الحق، وحققه بمقام شهوده وكشفه { وذلك } التحقق والانكشاف هو { الفوز المبين } [الأنعام: 16] لأهل العناية والوصول.
{ و } بعدما تحققت يا أكمل الرسل، وتقررت في مقر التوحيد { إن يمسسك الله بضر } بلية وعناء { فلا كاشف له إلا هو } إذ لا شيء غيره { وإن يمسسك بخير } عطية وغنى { فهو } أيضا منه؛ لأنه { على كل شيء } من الخير والشر والنفع والضر { قدير } [الأنعام: 17] تحيط قدرته بجميع المقدروات.
{ و } كيف لايكون قديرا علكى كل ما أراد؛ إذ { هو القاهر } العزيز الغالب { فوق عباده } يتصرف فيهم كيف يشاء { وهو الحكيم } المتقن في تدبيراتهم المخبرية { الخبير } [الأنعام: 18] بحواجبهم يعطيهم ما ينبغي لهم ويمنعهم عما يضرهم بالأرادة والاختيار.
[6.19-21]
وإن جادولك واستشهدوا منك شيهدا على نبوتك ورسالتك { قل } لهم إلزاما وتبكيتا: { أي شيء أكبر } وأتم { شهدة قل الله } لأن المتعين المتعزز بالعظمة والكبرياء هو { شهيد بيني وبينكم و } شهادته على أنه { أوحي إلي هذا القرآن } الجامع للكتب السالفة من عنده { لأنذركم } وأبشركم { به } أيها الموجودون في حين نزوله { و } كذا { من بلغ } له خبر وحيه وحكمه من الأسود والأحمر إذ أرسلت إ لى كافة البرية بشيرا ونذيرا على مقتضى التوحيد الذاتي { أئنكم } أيها المنهمكون في بحر الضلال { لتشهدون } بعد وضوح البرهان { أن مع الله } المتوحد بذاته، المستقل بالألوهية { ءالهة أخرى } مشاركة له في ملكه ووجوده { قل لا أشهد } ما تشهدون ظلما وزورا بل { قل إنما هو إله واحد } متفرد بالألوهية، متوحد بالربوبية، ليس لغيره وجود حتى يشارك معه، بل لا وجود إلا هو، ولا إله سواه { وإنني بريء مما تشركون } [الأنعام: 19] إليه من الأظلال الباطلة والتماثيل العاطلة.
ثم قال سبحانه: { الذين آتيناهم الكتاب } من اليهود والنصارى { يعرفونه } أي: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بحيلته وأوصافه المذكورة في كتبهم { كما يعرفون أبنآءهم } بلا شائبة شك ووهم { الذين خسروا أنفسهم } من أهل الشرك والتحريف { فهم لا يؤمنون } [الأنعام: 20] به وبنوبته ورسالته عنادا ومكابرة.
{ ومن أظلم } عند الله وأوجب للبطش والانتقام { ممن افترى على الله كذبا } وحرف كتابه عنادا { أو كذب بآيته } المنزلة على رسوله المبينة لطريق توحيده مكابرة بلا سند ودليل، ومع ذلك يطلبون ويتوقعون الفوز والفلاح من عنده سبحانه { إنه لا يفلح الظلمون } [الأنعام: 21] الخارجون عن مقتضى العقل والنقل، التاركون متابعة من أيده الحق وأرسله إلى الخلق لإشاعة توحيده وتبليغ أحكامه اللائقة بوحدة ذاته وإزاحة الشرك وإزالته بالمرة.
[6.22-27]
{ و } اذكر لهم يا أكمل الرسل { يوم نحشرهم } وتجمعهم { جميعا ثم نقول للذين أشركوا } استهزاء وتفيضحا لهم على رءوس الملأ: { أين شركآؤكم الذين كنتم تزعمون } [الأنعام: 22] أنهم آهلة مستحقة للعبودية والإيمان، وتعتقدون أنهم يشفعون لكم وينقذونكم من العذاب؟ ادعوهم لينقذوكم.
نامعلوم صفحہ