152

تفسير الراغب الأصفهاني

تفسير الراغب الأصفهاني

ایڈیٹر

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

ناشر

كلية الدعوة وأصول الدين

پبلشر کا مقام

جامعة أم القرى

علاقے
ایران
سلطنتیں
سلجوقی
قوله ﷿:
﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ الآية: (٣٥) - سورة البقرة.
قيل: ما الفرق بين أن يقال: افعل أنت وقومك كذا وبين أن يقال: افعلوا كذا، قيل: الأول تنبيه أن المقصود هو المخاطب، وغيره تبع له، وأنه لولاه لما كانوا مأمورين بذلك، وعلى نحوه: ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى﴾ وليس كذلك إذا قال: افعلوا، وقال بعضهم: إنما قال: اسكن فاستعمل السكن تنبيهًا أنه يعرض النقل، عنها وأنه لا يجب أن يركن إليها.
إن قيل: ما الفرق بين الإرادة والمشيئة؟ قيل: الإرادة قد تكون بحسب القوة التسخيرية، والفكرية والحسية ولذلك تستعمل في الجماد، نحو: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ وفي الحيوان وفي العقلاء والمشيئة لا تكون إلا مع اختيار ولذلك لا يقال إلا للعالم والمتفكر، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ فالقصد بالنهي عن قرب الشيء تأكيد للحظر والمبالغة في النهي، وذاك أن القرب من الشيء مقتض الألفة، والألفة داعية للمحبة، ومحبة الشيء كما قيل: " حبك الشيء يعمي ويصم، والعمى عن القبيح والصم عن النهي عنهما الموقعان فيه، والسبب الداعي إلى الشر منهي عنه، كما أن السبب الداعي إلى الخير مأمور به، وعلى ذلك قال ﵇: (العينان تزنيان) لما كان النظر داعيًا إلى الألفة، والألفة إلى المحبة، وذلك

1 / 152