161

تفسیر قرآن عظیم

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

اصناف

تفسیر

[174]

قوله عز وجل : { إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتاب } ، نزل في علماء اليهود والنصارى ، قال الكلبي : عن أبي صالح عن ابن عباس : (كان علماء اليهود يأخذون من سفلتهم الهداية ، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم ، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من غيرهم ، خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رئاستهم ، فعمدوا إلى صفة محمد صلى الله عليه وسلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا : هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان ، لا يشبه نعت هذا النبي الذي بمكة ، فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير وجدوه مخالفا لصفة محمد صلى الله عليه وسلم فلا يتبعونه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية { إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتاب } يعني صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته) { ويشترون به } ؛ أي بالمكتوب ، { ثمنا قليلا } ؛ أي عوضا يسيرا ؛ يعني المآكل التي كانوا يصيبونها من سفلتهم ، { أولائك ما يأكلون في بطونهم إلا النار } ؛ ذكر البطون ها هنا للتأكيد ؛ ما يأكلون إلا ما يوردهم النار ؛ وهي الرشوة والحرام ، ومن الدين والإسلام ، فلما كان عاقبته النار سماه في الحال نارا ، كقوله تعالى : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا }[النساء : 10] يعني أن عاقبته النار ، وقال عليه السلام في الذي يشرب في الإناء الذهب والفضة : " إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " أخبر عن المال بالحال.

قوله عز وجل : { ولا يكلمهم الله يوم القيامة } ؛ أي لا يكلمهم كلاما ينفعهم ويسرهم كما يكلم أولياءه من البشارة والرضا ، وأما التهديد فلا بد منه لقوله تعالى : { فوربك لنسألنهم أجمعين }[الحجر : 92]. وقيل : معناه : لا يسمعهم كلام نفسه ، بل يرسل إليهم ملائكة العذاب ، فيكلمونهم بأمر الله ، وإنما أضاف السؤال إلى نفسه ؛ لأن سؤال الملائكة بأمره.

قوله تعالى : { ولا يزكيهم } ؛ أي لا يطهرهم من دنس ذنوبهم ؛ ولا يثني عليهم خيرا ؛ ولا يصلح أعمالهم الخبيثة ؛ { ولهم عذاب أليم } ؛ أي مؤلم.

صفحہ 161