واستأذنه عدي بن حاتم في دفن ابنه طرفة وكان قد خرج معهم فاذن له ثم ارتحل الى النخيلة فنزل بها ولم يقتل من أصحابه سوى سبعة ثم قال للناس استعدوا للمسير الى الشام لقتال المحلين، فاقاموا أياما بالنخيلة ثم تسللوا فدخلوا ولم يبق معه من وجوه الناس الا القليل فلما رأى ذلك (ع) دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير الى صفين، فخطب وقال: أيها الناس ما بالكم اذا أمرتكم ان تنفروا الى قتال أهل الضلالة اثاقلتم الى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وبالذل والهوان من العز وكلما ناديتكم الى الجهاد دارت اعينكم كأنكم من الموت في سكرة وكأن قلوبكم مألوسة فانتم لا تعقلون وكأن أبصاركم في كمه فانتم لا تبصرون والله ما انتم إلا اسود شرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون الى البأس ما انتم لي بثقة سجيس الليالي ما انتم بركب يصال به ولا زوافر يعتاص اليها.
قوله (ع): مألوسة أي ما ذاقت الحرب واللوس الذوق وسجيس الليالي معناه ابدا وكذا معنى قولهم لا آتيك سجيس عجيس، والزوافر الأنصار والعشائر ويعتاص أي يرجع.
وذكر جرير: ان الواقعة كانت بين علي (ع) وبين الخوارج سنة ثمان وثلاثين والأصح انها في هذه السنة وهي سنة سبع وثلاثين وكذا التحكيم.
ودخلت سنة ثمان وثلاثين، وفيها قتل محمد بن أبي بكر الصديق (رض) بمصر وكان واليا عليها من قبل علي (ع) وكان قد ولى علي (ع) قبله الاشتر النخعي فخرج حتى وصل الى القلزم فبعث معاوية الى صاحب القلزم بان يغتال الأشتر فلما نزل به قدم اليه شربة من عسل فشربها فمات فبلغ معاوية فقال لاصحابه ان لله جنودا من عسل، ثم ولى (ع) محمد بن أبي بكر مصر فسار اليها فجهز اليه معاوية عمرو بن العاص في جيش كثير ومعهم معاوية بن خديج.
وذكر الواقدي: ان عليا (ع) انما ولى الأشتر بعد قتل محمد ولما التقوا ترجل محمد وقاتل فتفرق عنه أصحابه فأوى الى خربة فاخذ وجيء به الى معاوية بن خديج وهو صائم عطشان فمنعه الماء فقال يا ابن اليهودية النساجة قبحك الله فقتله والقاه في جيفة حمار ثم حرقه بالنار فلما بلغ ذلك عائشة بكت بكاء شديدا وكانت تدعو في صلاتها على معاوية وعمرو ولما بلغ أم حبيبة أخت معاوية بن أبي سفيان قتل محمد
صفحہ 101