ترجمة المؤلف:
بقلم: السيد محمد صادق بحر العلوم
بسم الله الرحمن الرحيم
شمس الدين أبو المظفر يوسف بن فرغلي (1) بن عبد الله البغدادي- سبط الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي- الحنفي (2).
ولد سنة 581 ه ببغداد، وقد أورد له محمد عبد الحي اللكنوي الهندي في كتابه (الفوائد البهية) في تراجم الحنفية (ص 230) ترجمة مفصلة، قال: (تفقه وبرع وسمع من جده لأمه ابن الجوزي، وكان بتربيته في صغره حنبليا ثم رحل الى الموصل ودمشق وتفقه على جمال الدين محمود الحصيري فصار حنفيا وكان عالما فقيها واعظا، حسن المجالسة، مليح المحاورة، فارسا في البحث مفرطا في الذكاء، له تصانيف، منها شرح الجامع الكبير، وكتاب إيثار الإنصاف وتفسير القرآن، ومنتهى السئول في سيرة الرسول، واللوامع في أحاديث المختصر والجامع، ومرآة الزمان (3) مات ليلة الحادي
صفحہ 3
والعشرين من ذي الحجة سنة 654 ه، وتفقه عليه ابنه عبد العزيز ودرس بعده، مات في شوال سنة 666 ه (ثم قال اللكنوي): «ذكر ابن خلكان في ترجمة الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة المتوفى سنة 570 ه: أن فرغلي كان مملوك عون الدين بن هبيرة وتزوج بنت الشيخ جمال الدين ابن الجوزي فولد له شمس الدين ابو المظفر يوسف بن فرغلي بن عبد الله سبط ابن الجوزي صاحب التاريخ الذي سماه مرآة الزمان رأيته بدمشق في أربعين مجلدا، وجمعه بخطه، ثم قال: «وفي مرآة الجنان.
العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين يوسف التركي ثم البغدادي، سبط الشيخ جمال الدين ابن الجوزي، أسمعه جده منه ومن جماعة؛ ووطن دمشق من سنة بضع وستمائة، وحصل له القبول التام، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدا وشرح الجامع الكبير، ومجلد في مناقب أبي حنيفة» ثم قال: «وفي طبقات مجد الدين الشيرازي (1): كان والده مملوكا للوزير عون الدين بن هبيرة بمنزلة الولد فاعتقه، وخطب له ابنة الشيخ جمال الدين فلم يمكنه إلا إجابته فولدت له يوسف المذكور فاشغله جده وفقهه وطلع أوحد زمانه في الوعظ، ترق له القلوب وتذرف لسماع كلامه العيون، وفاق فيه من عاصره وكثيرا ممن تقدم، وكانت مجالسته نزهة للقلوب والأبصار، يحضرها الصلحاء والملوك والأمراء والوزراء ولا يخلو مجلس من مجالسه من جماعة يتوبون، وفي كثير من مجالسه يسلم أهل الذمة، وكان الناس يبيتون في مسجد دمشق من ليلة يعظ من غدها يتسابقون إلى مواضع الجلوس، وكان حنبلي المذهب فلما تكرر اجتماعه بالملك المعظم عيسى اجتذبه اليه ونقله الى مذهب أبي حنيفة، وكان الملك المعظم شديد التغالي في المذهب».
وذكر (المترجم له) أيضا محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي الوفاء القرشي الحنفي المصري في كتابه (الجواهر المضية في طبقات الحنفية) ص 230- ج- 2- فقال: «روى عن جده ببغداد وسمع من أبي الفرج بن كليب وأبي حفص بن طبرزد،
صفحہ 4
سمع بالموصل ودمشق وحدث بها وبمصر، وأعطي القبول من الملوك والامراء والعلماء والعامة في الوعظ وغيره، ذكر في (مرآة الزمان) له: «أن الشيخ موفق الدين ابن قدامة الحنبلي حضر مجلس وعظه»، وله تصانيف شرح الجامع الكبير، وله إيثار الإنصاف، مات ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة 654 ه بجبل قاسيون، وصلى عليه بباب جامع جبل قاسيون الشمالي، السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد ابن الملك الطاهر غازي بن يوسف بن أيوب».
(وذكره أيضا) الذهبي في ميزان الاعتدال (ج 3- ص 333) فقال: «روى عن جده وطائفة، والف كتاب مرآة الزمان فتراه يأتي فيه بمناكير الحكايات وما أظنه بثقة فيما ينقله بل يبخس ويجازف ثم أنه يترفض، وله مؤلف في ذلك (1) نسأل الله العافية (ثم قال): «قال الشيخ محيي الدين السوسي: لما بلغ جدي موت سبط ابن الجوزي قال: لا (رحمه الله) كان رافضيا».
وأورد ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان)- ج 6- ص 328- طبع حيدرآباد كلام الذهبي وزاد قوله: «وقد عظم شأن مرآة الزمان القطب موسى فقال في الذيل الذي كتبه بعده- بعد أن ذكر التواريخ- قال: «فرأيت أجمعها مقصدا، وأعذبها موردا، وأحسنها بيانا، وأصحها رواية، تكاد جنة ثمرها تكون عيانا، مرآة الزمان».
وذيل مرآة الزمان- هذا- هو لقطب الدين أبي الفتح موسى بن محمد بن أحمد بن قطب الدين اليونيني البعلبكي الحنبلي المتوفى سنة 726 ه، يقع في أربع مجلدات، طبع المجلد الأول منه- الذي هو من وقائع سنة 654 ه إلى أثناء سنة 662 ه بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن الهند سنة 1374 ه في (557) صفحة، عن نسختين قديمتين محفوظتين في مكتبة أياصوفيا باستانبول، رقم (3146) و(3199)، وطبع المجلد الثاني منه من وقائع سنة 658 ه الى سنة 670 ه بالمطبعة المذكورة سنة 1375 ه في (490) صفحة وقد صحح عن النسختين القديمتين المحفوظتين في اكسفورد واستانبول، تحت إعانة وزارة معارف الحكومة العالية
صفحہ 5
الهندية، وطبع المجلد الثالث منه من وقائع سنة 671 ه الى سنة 677 ه؛ في «443» صفحة، وطبع المجلد الرابع منه من وقائع سنة 678 ه الى 686 ه، في «333» صفحة وكلاهما في المطبعة المذكورة سنة 1380 ه وقد جاء في أول المجلد الأول «الحمد لله مصرف الدهور» الخ، قال ما ملخصه: «رأيت أن أجمع التواريخ مقصدا، وأعذبها موردا (مرآة الزمان) فشرعت في اختصاره فوجدته قد انقطع الى سنة 654 ه، وهي التي توفي المصنف في أثنائها، فآثرت أن أذيله بما يتصل به سببه الى حيث يقدره الله تعالى من الزمان، ولعل بعض من يقف عليه ينتقد الإطالة في بعض الأماكن والاختصار في بعضها، وانما جمعت هذا لنفسي، وذكرت ما اتصل بعلمي وسمعته من أفواه الرجال، ونقلته من خطوط الفضلاء والعهدة في ذلك عليهم لا علي».
وذكر الجلبي صاحب كشف الظنون لمرآة الزمان- هذا- ذيولا واختصارات أخرى عديدة فراجعها في (ج 2) حرف الميم.
(وترجم له أيضا) ابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب)- ج 5- ص 266 في حوادث سنة 654 ه فقال: «وفيها توفي سبط ابن الجوزي العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن فرغلي (1) التركي ثم البغدادي الهبيري الحنفي سبط الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي، أسمعه جده منه ومن ابن كليب وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها وحصل له القبول العظيم للطف شمائله، وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلدا وشرح الجامع الكبير، وكتاب مرآة الزمان، وهو كتاب كاسمه؛ وجمع مجلدا في مناقب أبي حنيفة، ودرس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليا؛ وكان وافر الحرمة عند الملوك؛ نقله الملك المعظم الى مذهب أبي حنيفة فانتقد عليه ذلك كثير من الناس حتى قال له بعض أرباب الأحوال- وهو على المنبر-: إذا كان الرجل كبيرا ما يرجع عنه إلا بعيب ظهر له فيه فأي شيء ظهر لك في الإمام أحمد حتى رجعت عنه؟ فقال له: اسكت؛ فقال الفقير: أما أنا فسكت وأما
صفحہ 6
أنت فتكلم فرام الكلام فلم يستطع فنزل عن المنبر؛ ولو لم يكن له إلا كتابه مرآة الزمان لكفاه شرفا، فانه سلك في جمعه مسلكا غريبا، ابتدأه من أول الزمان الى أوائل سنة أربع وخمسين وستمائة التي توفي فيها؛ مات (رحمه الله) ليلة الثلاثاء العشرين من ذي الحجة بمنزله بجبل الصالحية ودفن هناك، وحضر دفنه الملك الناصر سلطان الشام (رحمه الله تعالى) رحمة واسعة».
(وترجم له أيضا) اسماعيل باشا البغدادي في (هدية العارفين لأسماء المؤلفين وآثار المصنفين)- ج 2- ص 554؛ وعد من تصانيفه الانتصار لإمام أئمة الأمصار- يعني أبا حنيفة- وإيثار الإنصاف، والإيضاح لقوانين الاصطلاح، وتذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة (وهو كتابنا هذا) وتفسير القرآن في سبعة وعشرين مجلدا، وتلخيص الجامع الكبير للشيباني في الفروع، وجوهرة الزمان. وشرح صحيح مسلم؛ وكنز الملوك في كيفية السلوك، ومرآة الزمان في تاريخ الأعيان في أربعين مجلدا، ومعادن الابريز في التاريخ في تسعة عشر مجلدا والمقتصر اللامع في أحاديث المختصر والجامع، ومنتهى السئول في سيرة الرسول (ص) ونهاية الصنائع في شرح المختصر والجامع؛ شرح آخر.
كما أن البغدادي المذكور أورد كتابه (تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة) في كتابه ايضاح المكنون ذيل كشف الظنون (ج 1- ص 274).
(وترجم له أيضا) يوسف إليان سركيس في (معجم المطبوعات)- ج 1- ص 68؛ ص 69، وأورد من مؤلفاته المطبوعة (تذكرة خواص الأمة بذكر خصائص الأئمة) ومرآة الزمان في تاريخ الأعيان، وقال طبع من هذا التاريخ بالفوترغراف الجزء الثامن فقط، يبتدئ من حوادث سنة 495 الى سنة 654 ه في شيكاغو سنة 1907 م باعتناء جامس ريشار جويت مدرس اللغات الشرقية في كلية شيكاغو. وفي هذه النسخة ينسب الكتاب الى أبي الفرج ابن الجوزي فصححه الناشر بالمقدمة الانجليزية التي وضعها للكتاب المذكور، وطبع منه منتخبات مع ترجمة فرنساوية للاستاذ باربيه دي مينار في الجزء الثالث من مجموعة تواريخ الحروب الصليبية (باريس 1872).
(وترجم له أيضا) جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة العربية (ج 3- ص 82) واحد من أهم مؤلفاته (مرآة الزمان في تاريخ الاعيان) وقال: «هو تاريخ عام من الخليفة الى سنة 654 ه في أربعين مجلدا ... وهو مرتب على السنين يذكر دخول
صفحہ 7
السنة وخلاصة ما جرى فيها يوما يوما ثم يترجم من توفي فيها، ويرتبهم على أحرف الهجاء نحو ما فعل جده ابن الجوزي المحدث في كتاب المنتظم، ثم عد من مؤلفاته أيضا (تذكرة خواص الأمة بذكر خصائص الأئمة) وهو تاريخ الإمام علي والأئمة الاثني عشر. طبع في فارس سنة 1288 ه، وعد من مؤلفاته أيضا (الجليس الصالح والأنيس الناصح) كتبه لموسى بن أبي بكر بن أيوب صاحب دمشق المتوفى سنة 635، بعضه في مدحه والبعض الآخر في أخباره ومناقبه، وقال يوجد في غوطا.
وبعد أن ذكر له من مؤلفاته (كنز الملوك في كيفية السلوك) عرف الكتاب بانه مجموع حكايات وعظات مرتبة في خمسة أبواب، التفويض والتأسي والصبر، والرضا، والزهد، وقال يوجد في باريس.
(وقد ذكر المترجم له) في كثير من المعاجم، واليك أسماء بعضها ومؤلفيها: ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة؛ والذهبي في ميزان الاعتدال وأبو الفداء في المختصر في أخبار البشر؛ والمقريزي في السلوك، وابن حجر في لسان الميزان، وابن كثير في البداية والنهاية؛ واليافعي في مرآة الجنان، والنعيمي في الدارس؛ وابن العماد في شذرات الذهب؛ والقرشي في الجواهر المضية؛ وابن قطلوبغا في تاج التراجم؛ وطاش كبرى في مفتاح السعادة، وحاج خليفة في كشف الظنون، واللكنوي الهندي في الفوائد البهية، والبغدادي في هدية العارفين والبغدادي أيضا في إيضاح المكنون، والجلبي في فهرس مخطوطات الموصل، وكوركيس عواد في المخطوطات التاريخية؛ وعباس العزاوي في التعريف بالمؤرخين، وكوبريلي زادة محمد باشا في كتبخانه سنده، ولطفي عبد البديع في فهرس المخطوطات المصورة، والكتاني في فهرس الفهارس، وسيد في فهرس المخطوطات المصورة والمكتبة البلدية في فهرس الطب، وأصحاب فهرس الخديوية، وجعفر الحسني في مجلة المجمع العلمي العربي، وصلاح الدين المنجد في مجلة معهد المخطوطات وصاحب التبر المسبوك، وصاحب تاريخ علماء بغداد، وابن خلكان في وفيات الاعيان، وصاحب الفهرس التمهيدي، وجرجي زيدان في آداب اللغة العربية وفي دائرة المعارف الإسلامية؛ والزركلي في الاعلام، وكحالة في معجم المؤلفين ويعقوب إليان سركيس في معجم المطبوعات، والخوانساري في روضات الجنات وشيخنا الامام الطهراني في الذريعة، والمحدث الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب.
صفحہ 8
يروي المترجم له في (كتابنا هذا) عن جملة من الاعلام اجازة وقراءة وسماعا؛ نوردهم هنا حسب ترتيب ذكرهم في الكتاب:
1- عبد الله بن أبي المجد الحربي، سماعا ببغداد سنة 596 ه (ص 4) 2- جده أبو الفرج ابن الجوزي (ص 8) جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 11) 3- العلامة زيد بن الحسن بن زيد الكندي (ص 11) 4- أبو محمد عبد العزيز بن محمود البزاز (ص 23) 5- شيخه عمرو بن صافي الموصلي (ص 33) 6- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا سماعا ببغداد سنة 596 (ص 49) 7- أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الطوسي (ص 49) 8- عبد الوهاب (بن عبد الله) المقري (ص 92) 9- أبو محمد البزاز أيضا (ص 104) 10- أبو طاهر الخزيمي (ص 110) 11- عبد الملك بن مظفر بن غالب الجزي (ص 112) 12- احمد بن جعفر (ص 113) 13- عبد الوهاب بن علي الصوفي (ص 116) 14- عبد الرحمن بن أبي حامد الحربي (ص 117) 15- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 118) 16- السيد الشريف أبو الحسن علي بن محمد الحسيني (ص 120) 17- أبو حفص عمر بن معمر الدار قطني قراءة عليه (ص 120) 18- علي بن الحسين (ص 122) 19- شيخه أبو القاسم النفيس الأنباري (ص 124) 20- عبد الله بن أبي المجد الحربي أيضا (ص 127) 21- أبو طاهر الخزيمي أيضا (ص 128) 22- عبد الوهاب بن عبد الله المقري أيضا (ص 140) 23- عبد الوهاب بن علي الصوفي أيضا (ص 141) 24- أبو الحسن بن النجار المقري (ص 150)
صفحہ 9
25- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 173) 26- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 213) 27- أبو محمد الجوهري (ص 233) 28- القاضي الاسعد أبو البركات عبد القوي بن أبي المعالي بن الجبار السعدي سماعا في جمادى الاولى سنة 609 ه بالديار المصرية (ص 263) 29- زيد بن الحسن اللغوي (ص 268) 30- أبو عبد الله محمد بن البنديجي البغدادي (ص 272) 31- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 308) 32- أبو المجد محمد بن أبي المكارم القزويني بدمشق سنة 622 (ص 313) 33- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا سماعا ببغداد سنة 596 ه (ص 317) 34- عمر بن معمر الكاتب أيضا (ص 326) 35- عبد الوهاب بن علي الصوفي أيضا (ص 344) 36- أبو محمد البزاز أيضا (ص 348) 37- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 362) 38- عبد الملك بن مظفر بن غالب الجزي أيضا (ص 367) 39- أبو محمد عبد الوهاب المقري أيضا (ص 368) 40- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 369) 41- عبد الله بن أحمد المقدسي؛ قراءة عليه سنة 604 ه (ص 370) 42- عبد الله بن أحمد المقدسي أيضا، قراءة عليه سنة 604 (ص 371) 43- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 371) 44- جده أبو الفرج ابن الجوزي أيضا (ص 373) ويروي المترجم له عن مشايخه الآخرين في بقية مؤلفاته، فراجعها.
وقد أورد المحدث أبو محمد عبد القادر بن أبي الوفاء القرشي الحنفي المصري في (الجواهر المضية)- ج 2- ص 231) أبيات شعرية للمترجم له، قال: أنبأني الإمام شرف الدين أبو يوسف يعقوب بن أحمد الحلبي؛ قال قرأت على شيخنا الإمام الحافظ كمال الدين أبي حامد محمد بن علي بن محمود المحمودى الصابونى أنشدكم الامام بقية السلف أبو المظفر يوسف بن قزاغلي بن عبد الله البغدادي لنفسه في يوم الخميس
صفحہ 10
العشرين من شعبان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة بزاويته بمرج الرجراج ظاهر دمشق المحروسة:
عليك اعتمادي يا مفرج كربتي
ويا مؤنسي في وحدتي عند شدتي
ويا من نقضت العهد بيني وبينه
مرارا فلم يظهر علي فضيحتي
أغثني فاني قد عصيتك جاهلا
أغثني فقد طالت بذنبي بليتي
فلو أن لي عينا تسح بأدمع
لنحت على نفسي وطالت نياحتي
ولكن ذنوبي أرهقتني جراحها
فقلت دموعي من شقائي وقسوتي
فأصبحت مأسورا بذنبي مقيدا
فوا سوء حالي من بلائي وغفلتي
وولد المترجم له عبد العزيز بن يوسف بن فرغلي درس مكان أبيه من بعده بالمدرسة العربية التي تعرف بالميدان الكبير، ومات في سلخ شوال سنة 666 ه ودفن عند أبيه، ترجم له محيي الدين القرشي في الجواهر المضية «ج 1- ص 322».
محمد صادق بحر العلوم
صفحہ 11
[مقدمة الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وسلم؛ قال الشيخ الإمام العالم العلامة الفاضل الفهامة وحيد عصره وفريد دهره جمال الدنيا والدين بقية العلماء العاملين بركة الملوك والسلاطين يوسف سبط الشيخ الامام العالم الزاهد الكامل لسان العرب وترجمان أهل الادب سيد المتكلمين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (قدس الله روحه ونور ضريحه). الحمد لله الواهب من النعم كل كثير وجزيل. الدافع من النقم كل حقير وجليل. الذي خلق الانسان وعد له فاحسن منه التعديل. وفضله على سائر الحيوان بالتكريم والتفضيل ومنحه بفصاحة اللسان وحسن التنزيل وخصه بعرفان ظواهر الكلم وخفيات مشكلات الحكم ولطائف التأويل وصلى الله على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد الهادي الى اعدل طريق والداعي الى خير فريق واوضح سبيل المرشد الى كلمة الحق الناصح لكافة الخلق باعظم برهان وأنور دليل المنعوت قديما في التوراة الموصوف في الانجيل المرسل كريما الى كافة الناس بالتوقير والتعظيم والتبجيل وعلى آله واصحابه وعترته والمصطفين من أهل ملته المخصوصين بالغرة والتحجيل القائمين بنصرة دينه في كل زمن وعصر وحين ما أقبلت غداة واصيل.
وبعد: فهذا كتاب في فضل الإمام العليم والحبر الحليم والسيد الكريم أخي الرسول وبعل البتول وسيف الله المسلول سيد الحنفاء ورابع الخلفاء وابن عم المصطفى وامام الدين وعالمه وقاضي الشرع وحاكمه، ومنصف كل مظلوم من ظالمه والمتصدق في الصلاة بخاتمه مفرق الكتائب ومظهر العجائب ليث بني غالب أبي الحسنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن زوجته وصلى على ابيها وحشرنا في زمرته ورضي الله عن بقية الصحابة وأهل البيت رضي الله عنهم اجمعين.
صفحہ 13
[الباب الاول فى] ذكر نسب علي بن أبي طالب (ع)
فهو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعمود النسب الى عدنان متفق على صحته، وما بعده الى آدم (ع) مختلف فيه فلهذا اقتصرنا عليه واسم أبي طالب عبد مناف وهو أخو عبد الله والد رسول الله (ص) لأبيه وأمه وامهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ وعبد المطلب لقبه شيبة الحمد لشيبة كانت في رأسه وكنيته أبو البطحاء لانهم استسقوا به سقيا فكنوه بذلك وانما سمي عبد المطلب لأن عمه المطلب كان بمكة اليه السقاية والرفادة وكان المطلب أخا هاشم وكان هاشم قد تزوج بالمدينة الى بيت النجار امرأة يقال لها سلمى بنت عمرو فولدت شيبة بالمدينة وتوفي هاشم بمكة ونشأ شيبة بالمدينة فمر به رجل من أهل مكة وهو يناضل الصبيان ويقول أنا ابن سيد قريش أنا ابن أبي البطحاء فسئل عنه فقيل هذا ابن هاشم فلما قدم مكة اخبر المطلب فركب من وقته الى المدينة فوجده يلعب مع الصبيان فأردفه على راحلته وقدم به مكة فقال الناس هذا عبد المطلب فقال المطلب ويحكم انما هو ابن أخي هاشم فغلب عليه هذا الاسم ولما مات المطلب قام مكانه عبد مناف. واما هاشم فاسمه عمرو وهاشم لقبه لأن مكة اجدبت واصاب أهلها ضر عظيم وكان يهشم الثريد ويطعمهم اياه وفيه يقول:
عمرو العلى هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
وعبد مناف اسمه المغيرة؛ وقصي اسمه زيد، وانما سمي قصيا لتقصي أمه به الى الشام ويسمى مجمعا وله اسامي كثيرة وفيه يقول الشاعر:
همام له اسماء صدق ثلاثة
قصي وزيد والندى ومجمع
صفحہ 14
وأم قصي فاطمة بنت سعد تزوجها كلاب بن مرة ثم مات وقصي صغير فتزوجها ربيعة بن حزام بن ضبة وسار بها الى الشام وقصي بها فلما كبر قصي عاد الى مكة واستولى عليها وجمع قبايل قريش اليها واما كلاب فامه هند بنت سويد بن ثعلبة وأما مرة فامه مخشية بنت شيبان واما كعب فامه ماوية بنت كعب وأما لوي فاسم أمه عاتكة بنت خالد بن النضر بن كنانة وأما غالب فامه ليلى بنت الحرث وأما فهر فامه جندلة بنت عامر الجرهمية وفهر هو جماع قريش بعد قصي وقيل النضر بن كنانة هو قريش فمن لم يكن من ولد النضر لم يكن قرشيا وعلى القول الأول من لم يكن من ولد قصي لم يكن قرشيا والقرش اصله الجمع والاكتساب وكانت هذه وتجمع فسميت به وقيل ان قريش دابة تسكن البحر تأكل دواب البحر فسميت قريش بها وفيه أقوال أخر وأما مالك فامه عرابة بنت سعد بن قيس غيلان وأما خزيمة فأمه سلمى بنت اسلم قضاعية وأما مدركة فاسمه عمرو وانما سمي مدركة لأن لأبيه ابلا شردت فأدركها فردها وأمه خندف وقيل ليلى بنت حلوان قضاعية وأما الياس فامه الرباب بنت جيدة بن معد واما مضر فاسم امه سودة بنت عسك وأما نزار فامه معانة بنت حوشم وأما معد فامه هوزة سلمية.
فصل
واختلف العلماء في تسميته بعلي (ع) فقال مجاهد هو اسم سمته به أمه عند ولادته وقال عطاء إنما سمته أمه حيدرة بدليل قوله يوم خيبر (انا الذي سمتني أمي حيدرة) فلما علا على كتفي الرسول (ص) وكسر الاصنام سمي عليا من العلو والرفعة والشرف وقال ابن عباس كانت أمه اذا دخلت على هبل لتسجد له وهي حامل به علا بطنها فيتقوس فيمنعها من السجود فسمي عليا لهذا وقول مجاهد اظهر لأنه ثبت المستفيض به ولا يمنعها من تسميتها عليا ان تسميه حيدرة لأن حيدرة اسم من اسامي الأسد لغلظ عنقه وذراعيه وكذلك كان أمير المؤمنين (ع) فيكون على اسمه الأصلي وحيدرة وصفا له وقد سماه رسول الله (ص) ذا القرنين اخبرنا عبد الله بن أبي المجد الحربي قراءة عليه ونحن نسمع ببغداد سنة ست وتسعين وخمسمائة قال أنبأنا هبة الله ابن محمد بن عبد الواحد الشيباني وكنيته أبو القاسم ويعرف بابن الحصين قال أبو علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي قال أنبأنا أبو بكر بن أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي حدثنا عبد الله بن الامام أبي عبد الله احمد بن محمد بن حنبل الشيباني
صفحہ 15
قال حدثني أبي حدثنا ابن نمير حدثنا عبد الملك الكندي حدثنا أبو حازم المدني وقال أحمد بن حنبل بن مسلم حدثنا عثمان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن ابراهيم التميمي عن سلمة بن الطفيل عن علي (ع) قال قال لي رسول الله (ص) ان لك في الجنة قصرا وانك ذو قرنيها وهذا الحديث اخرجه احمد بن حنبل في المسند واخرجه احمد أيضا في كتاب جمع فيه فضائل أمير المؤمنين رواه النسائي مسندا ويسمى البطين لأنه كان بطينا من العلم وكان يقول لو ثنيت لي الوسادة لذكرت في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم حمل بعير ويسمى الانزع لأنه كان انزع من الشرك وقيل لأنه كان اجلخ ويسمى أسد الله وأسد رسوله ويسمى يعسوب المؤمنين لأن اليعسوب أمير النحل وهو أحزمهم يقف على باب الكوارة كلما مرت به نحلة شم فاها فان وجد منها رائحة منكرة علم انها رعت حشيشة خبيثة فيقطعها نصفين ويلقيها على باب الكوارة ليتأدب بها غيرها وكذا علي (ع) يقف على باب الجنة فيشم افواه الناس فمن وجد منه رائحة بغضه القاه في النار.
قال في الصحاح اليعسوب ملك النحل ومنه قيل للسيد يعسوب والمؤمنون يتشبهون بالنحل لأن النحل تأكل طيبا وتضع طيبا وعلي (ع) أمير المؤمنين ويسمى الولي والوصي والتقي وقاتل الناكثين والقاسطين وشبيه هارون وصاحب اللوى وخاصف النعل وكاشف الكرب وأبو الريحانتين وبيضة البلد في القاب كثيرة.
فصل
فاما كنيته فابو الحسن والحسين وأبو القاسم وأبو تراب وأبو محمد والنبي (ص) كناه أبا تراب والحديث في المسند والصحيحين قال احمد وقد تقدم اسناد المسند حدثنا ابن نمير عن عبد الملك الكندي عن ابي حازم قال جاء رجل الى سهل بن سعد فقال هذا فلان يذكر عليا بن أبي طالب عند المنبر فقال ما يقول قال يقول أبو تراب ويلعن أبا تراب فغضب سهل وقال والله ما كناه به إلا رسول الله (ص) وما كان اسم احب اليه منه.
دخل علي (ع) على فاطمة رضي الله عنها فاغضبته في شيء (1) فخرج الى المسجد فاضطجع على التراب وفي لفظ فسقط رداؤه على التراب وخلص التراب على ظهره
صفحہ 16
فجاء رسول الله (ص) فمسح التراب عن ظهره وقال اجلس أبا تراب متفق عليه.
وقال الزهري والذي سب عليا في تلك الحالة مروان بن الحكم لأنه كان أميرا في المدينة من قبل معاوية.
وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري كان بنو أمية تنقص عليا (ع) بهذا الاسم الذي سماه به رسول الله (ص) ويلعنوه على المنبر بعد الخطبة مدة ولايتهم وكانوا يستهزءون به وانما استهزؤا بالذي سماه به وقد قال الله تعالى قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم الآية والذي ذكره الحاكم صحيح فانهم ما كانوا يتحاشون من ذلك بدليل ما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص انه دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال له ما منعك أن تسب أبا تراب الحديث وسنذكره فيما بعد ان شاء الله تعالى.
واستمر الحال الى زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فجعل مكان ذلك السب إن الله يأمر بالعدل والإحسان فلما ولى بعده يزيد بن عبد الملك لم يتعرض لسبه فقيل له في ذلك فقال ما لنا ولهذا واستمر الحال وقيل ان الوليد بن يزيد اعاد السب وقيل ان بعض بني أمية كان يقول اللهم صل على معاوية وحده لقد لقينا من علي جهده.
وروي عنه (ع) انه كان يقول أنا أبو الحسن القرم والقرم السيد المكرم واصله البعير الذي لا يحمل عليه ولا يذلل.
فصل في صفته (ع)
ذكر الحافظ من مسنده انه كان آدم شديد الأدمة عظيم العينين غليظ الساعدين اقرب الى القصر من الطول عريض اللحية (1) لم يصفه احد بالخضاب سوى سواد بن حنظلة والصحيح انه لم يخضب وروي انه كان يصفر لحيته بالحناء ثم ترك.
فصل في ذكر والده (ع)
قد ذكرنا نسبه وانه ابن عبد المطلب ولما احتضر عبد المطلب اوصى الى أبي طالب وعهد اليه في أمر رسول الله (ص) وقد اشار محمد بن سعد في كتاب الطبقات عن جماعة من العلماء منهم ابن عباس ومجاهد وعطاء والزهري وغيرهم فذكر طرفا من
صفحہ 17
ذلك فقالوا توفي عبد المطلب في السنة الثانية ولرسول الله (ص) ثمان سنين وكانت قد أتت على عبد المطلب مائة وعشرون سنة ودفن بالحجون.
قالت ام ايمن انا رأيت رسول الله (ص) يمشي تحت سريره وهو يبكي وقيل كان لعبد المطلب يوم مات ثمانون سنة والأول اظهر.
وروى مجاهد عن ابن عباس قال قوم من القافة من بني مذحج لعبد المطلب لما شاهدوا قدمي رسول الله (ص) يا أبا البطحاء احتفظ بهذا فانا لم نرقد ما اشبه بالقدم الذي في المقام من قدميه فقال عبد المطلب لابي طالب اسمع ما يقول هؤلاء فان لابني هذا ملكا ثم ان أبا طالب قام بنصرة رسول الله (ص) وكفالته احسن القيام فكان معه لا يفارقه وكان يحبه حبا شديدا ويقدمه على أولاده ولا ينام الا وهو الى جانبه وكان يقول له انك لمبارك النقيبة ميمون الطلعة.
وذكر ابن سعد في الطبقات قال خرج أبو طالب الى ذي المجاز ومعه رسول الله (ص) فعطش فقال يا ابن اخي عطشت ولا ماء فنزل رسول الله (ص) فضرب بعقبه الارض فنبع الماء فشرب وذكر أهل السير أن أبا طالب لما قام بنصرة رسول الله (ص) وذب عنه احسن الذب اجتمعت اليه قريش وقالوا ان ابن أخيك قد سب إلهنا وسفه احلامنا وضلل آباءنا فاما ان تسلمه الينا أو يقع الحرب بيننا فقال بفيكم الحجر والله لا اسلمه اليكم ابدا فقالوا هذا عمارة بن الوليد بن المغيرة اجمل فتى في قريش واحسنه فخذه واتخذه ولدا عوضه وسلمه الينا نقتله ورجل برجل فقال ابو طالب قبح الله هذه الوجوه ويحكم والله بئس ما قلتم تعطوني ابنكم اغذوه لكم واعطيكم ابني تقتلونه بئس والله الرجل انا ثم قال افرقوا بين النوق وفصلانها فان حنت ناقة الى غير فصيلها دفعته اليكم ثم قال:
والله لن يصلوا اليك بجمعهم
حتى أوسد في التراب رهينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
وابشر وقر بذاك عيونا
وعرضت دينا لا محالة انه
من خير اديان البرية دينا
لو لا الملامة او حذار مسبة
لوجدتني سمحا بذاك ضنينا
ثم قام أبو طالب يذب عن رسول الله (ص) من سنة ثمان من مولده الى السنة العاشرة من النبوة وذلك اثنان وأربعون سنة.
وقال الواقدي اصاب أبا طالب سهم عام الفجار فكان يتوجع منه.
صفحہ 18
واخبرنا جدي أبو الفرج (رحمه الله) قال أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري أنبأنا أبو عمرو محمد بن العباس بن حياته أنبأنا أبو الحسن احمد بن معروف أنبأنا الحسن بن الفهم أنبأنا محمد ابن سعد انبأنا محمد بن عمرو بن واقد الواقدي قال حدثني معمر بن راشد عن محمد ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال لما مرض أبو طالب مرض الموت دخل عليه رسول الله (ص) فقال له يا عم قل كلمة اشهد لك بها غدا عند الله فقال له يا ابن أخي لو لا رهبة ان تقول قريش دهورني الجزع فتكون سبة عليك وعلى بني أبيك لاقررت بها عينك لما أرى من نصحك لي وبه قال ابن سعد حدثنا الواقدي قال دعا أبو طالب قريشا عند موته فقال لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد ابن أخي وما اتبعتم أمره فاتبعوه واعينوه فارشدكم فقال له رسول الله (ص) أتأمرهم بها وتدعها بنفسك يا عم فقال يا ابن أخي اما انك لو سألتني الكلمة وانا صحيح لتابعتك على ما تقول ولكني أكره ان يقال جزع عند الموت ثم مات.
وقال ابن سعد بالاسناد المتقدم حدثني الواقدي قال قال علي (ع) لما توفي أبو طالب أخبرت رسول الله (ص) فبكا بكاء شديدا ثم قال اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه فقال له العباس يا رسول الله انك لترجو له فقال اي والله اني لارجو له وجعل رسول الله (ص) يستغفر له أياما لا يخرج من بيته وقال الواقدي قال ابن عباس عارض رسول الله (ص) جنازة أبي طالب وقال وصلت رحمك وجزاك الله يا عم خيرا. وذكر ابن سعد أيضا عن هشام بن عروة قال ما زالوا كافين عن رسول الله (ص) حتى مات ابو طالب يعني قريشا. وقال السدي مات أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة ودفن بالحجون عند عبد المطلب وقال علي (ع) يرثيه:
أبا طالب عصمة المستجير
وغيث المحول ونور الظلم
لقد هد فقدك أهل الحفاظ
فصلى عليك ولي النعم
ولقاك ربك رضوانه
فقد كنت للطهر من خير عم
وقال أيضا:
أرقت لطير آخر الليل غردا
يذكرني شجوا عظيما مجددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى
جوادا إذا ما أصدر الأمر أوردا
فأمست قريش يفرحون بموته
ولست أرى حيا يكون مخلدا
صفحہ 19
أرادوا أمورا زينتها حلومهم
سنوردهم يوما من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله
وان يفترى قدما عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم
صدور العوالي والحسام المهندا
فاما تبيدونا واما نبيدكم
واما تروا سلم العشيرة ارشدا
وإلا فان الحي دون محمد
بني هاشم خير البرية محمدا
فصل في ذكر والدته
وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف اسلمت وهاجرت الى المدينة وتوفيت بها سنة أربع من الهجرة وشهد رسول الله (ص) جنازتها وصلى عليها ودعى لها ودفع لها قميصه فألبسها اياه عند تكفينها.
قال الزهري وكان رسول الله (ص) يزورها ويقيل عندها في بيتها وكانت صالحة.
قال ابن عباس: وفيها نزلت (يا أيها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك) الآية قال: وهي أول امرأة هاجرت من مكة الى المدينة ماشية حافية وهي أول امرأة بايعت محمدا رسول الله (ص) بمكة بعد خديجة؛ قال الزهري سمعت رسول الله (ص) يقول: يحشر الناس يوم القيامة عراة فقالت وا سوأتاه فقال لها رسول الله (ص) فاني اسأل الله ان يبعثك كاسية قال وسمعته يقول أو يذكر عذاب القبر فقالت وا ضعفاه فقال اني اسأل الله ان يكفيك ذلك.
وذكر احمد بن الحسين البيهقي باسناده الى أنس ان رسول الله (ص) نزل في حفرتها؛ وقال أهل السير هي أول هاشمية ولدت خليفة هاشميا ولا يعرف خليفة أبواه هاشميان سوى أمير المؤمنين علي (ع) ومحمد بن زبيدة ولد هارون الرشيد الملقب بالأمين، وكذا لم يل الخلافة من اسمه علي سوى أمير المؤمنين وعلي بن المعتضد ويلقب بالمكتفي.
وروي ان فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعلي (ع) فضربها الطلق ففتح لها باب الكعبة فدخلت فوضعته فيها وكذا حكيم بن حزام ولدته أمه في الكعبة.
قلت وقد أخرج لنا أبو نعيم الحافظ حديثا طويلا في فضلها إلا انهم قالوا في اسناده روح بن صلاح ضعفه ابن علي فلذلك لم نذكره.
صفحہ 20
فصل في ذكر أولادها
وجميعهم من أبي طالب وهم ستة: أربع ذكور وبنتان فالذكور طالب وعقيل وجعفر وعلي وبين كل واحد وبين الآخر عشر سنين فطالب أكبر ولد ابي طالب وبه كان يكنى وبين طالب وعقيل عشر سنين وبين عقيل وجعفر عشر سنين وبين جعفر وعلي عشر سنين فعلي (ع) أصغر ولده وطالب أكبرهم وكنيته أبو يزيد وكان عالما بانساب قريش اخرجه المشركون يوم بدر لقتال رسول الله (ص) كرها فقال:
اللهم أما يغزون طالب
في مقنب من هذه المقانب
وليكن المغلوب غير غالب
وليكن المسلوب غير السالب
فلما انهزم المشركون يوم بدر لم يوجد لا في القتلى ولا في الاسرى ولا رجع الى مكة ولا يدرى ما حاله وليس له عقب.
وأما عقيل فقال ابن سعد انه اخرج يوم بدر مع من اخرج مكرها واسر يومئذ ولم يكن له مال ففداه عمه العباس.
وقال ابن سعد أنبأنا علي بن عيسى النوفلي أنبأنا أبان بن عثمان عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول قال رسول الله (ص) يوم بدر أنظروا من هاهنا من أهل بيتي من بني هاشم فجاء علي (ع) فنظر الى العباس ونوفل وعقيل ثم رجع فناداه عقيل يا ابن أم والله لقد رأيتنا فجاء علي الى الرسول (ص) فاخبره فجاء رسول الله (ص) فوقف على رأس عقيل فقال أبا زيد قتل أبو جهل فقال اذا لا تنازعوا في تهامة فان كنت أثخنت القوم وإلا فاركب اكتافهم وفي رواية الآن صفا لك الوادي ثم رجع عقيل الى مكة فاقام بها الى سنة ثمان من الهجرة ثم خرج مهاجرا الى المدينة فشهد غزاة موتة واطعمه رسول الله (ص) من خيبر مائة وأربعين وسقا كل سنة.
قال الواقدي اصاب عقيل يوم موتة خاتما عليه تماثيل فنفله إياه رسول الله (ص) فكان في يده.
وقال الواقدي وعاش الى سنة خمسين من الهجرة وتوفي فيها بعد ما ذهب بصره وأخبرنا جدي أبو الفرج محمد بن علي الجوزي وشيخنا العلامة زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال جدي اخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد الانصاري سماعا وقال زيد بن الحسن الكندي اخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد الانصاري اجازة قال
صفحہ 21
اخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري اخبرنا أبو عمر ومحمد بن العباس بن حيويه اخبرنا أبو الحسن احمد بن معروف اخبرنا الحسن بن فهم حدثنا محمد بن سعد كاتب الواقدي أنبأنا الفضل بن دكين أنبأنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي عن أبي إسحاق ان رسول الله (ص) قال لعقيل يا أبا يزيد اني أحبك حبين حبا لقرابتك وحبا لما كنت أعلم من حب عمي اياك وكان له عقب بالمدينة وله بها دار ومن أولاده يزيد وبه كان يكنى وسعيد وامهما أم سعيد بنت عمرو من بني صعصعة وجعفر الاكبر وأبو سعيد وهو اسمه وكان أحول وامهما أم البنين كلابية ومسلم وهو الذي بعثه الحسين (ع) الى الكوفة فقتله ابن زياد وعبد الله، وعبد الرحمن، وعلي، وجعفر، وحمزة، ومحمد، ورملة، وأم هاني، وفاطمة، وأم القاسم، وزينب، وأم النعمان، وجعفر الاصغر. أولاد لامهات شتى وكان عقيل قد باع رباع بني هاشم بمكة وهو الذي قال فيه رسول الله (ص) وهل ترك لنا عقيل من منزل وكان طالب وعقيل قد ورثا أبا طالب ولم يرثه جعفر وعلي لانهما كانا مسلمين وأما البنتان فأم هاني قال ابن سعد اسمها جعدة وقيل فاختة وقيل هند وهي التي صلى رسول الله (ص) صلاة الضحى في بيتها يوم الفتح ثمان ركعات وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عنها قالت ذهبت الى النبي (ص) عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب فسلمت عليه فقال من هذه قلت أنا أم هاني بنت أبي طالب فقال مرحبا فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد فلما انصرف قلت يا رسول الله زعم ابن امي علي انه قاتل رجلا قد اجرته فلان أي هبيرة زوجها فقال رسول الله (ص) قد اجرنا من اجرت قالت وذلك منحى وفي بعض الروايات الصحيحة ان ذلك كان في بيتها قال الزهري الذي اجرته زوجها أبو وهب هبيرة بن عمرو بن عائد المخزومي وتوفي بنجران مشركا وقيل غيره واما ام هاني فهاجرت الى المدينة ولما افضت الخلافة الى علي (ع) استعمل فيها جعدة بن هبيرة والابنة الأخرى اسمها جمانة تزوجها أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وهاجرت الى المدينة وتوفيت في حياة رسول الله (ص).
وأما سيرة جعفر بن أبي طالب فسنذكرها فيما بعد ان شاء الله تعالى؛ وذكر ابن سعد لأبي طالب ابنة أخرى وقال اسمها ريطة وقيل اسماء وأم الجميع فاطمة بنت أسد وذكر أيضا لأبي طالب ابنا آخر وقال اسمه طليق واسم أمه وعلة والله أعلم بالصواب.
صفحہ 22
الباب الثاني في ذكر فضائله (ع)
وهي أشهر من الشمس والقمر واكثر من الحصى والمدر وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر وهي قسمان: قسم مستنبط من الكتاب؛ والثاني: من السنة الظاهرة التي لا شك فيها ولا ارتياب. وقد روى مجاهد قال سأل رجل عن ابن عباس فقال ما أكثر فضائل علي بن أبي طالب وإني لاظنها ثلاثة آلاف فقال له ابن عباس هي الى الثلاثين الفا أقرب من ثلاثة آلاف ثم قال ابن عباس لو ان الشجر اقلام والبحور مداد والانس والجن كتاب وحساب ما احصوا فضائل أمير المؤمنين علي (ع) وروى عكرمة عن ابن عباس قال ما انزل الله في القرآن آية الا وعلي رأسها وأميرها فاما نصوص الكتاب فآيات منها قوله تعالى في البقرة وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين روى مجاهد عن ابن عباس انه قال أول من ركع مع النبي (ص) علي بن أبي طالب (ع) فنزلت فيه هذه الآية ومنها قوله تعالى في البقرة أيضا الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية روى عكرمة عن ابن عباس قال كان مع علي (ع) أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فنزلت فيه هذه الآية ومنها قوله تعالى في آل عمران فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم الآية. قال جابر بن عبد الله فيما رواه عنه أهل السير قدم وفد نجران على رسول الله (ص) وفيهم السيد والعاقب وجماعة من الاساقفة فقالوا من أبو موسى فقال عمران قالوا فانت قال أبي عبد الله بن عبد المطلب قالوا فعيسى من أبوه فسكت ينتظر الوحي فنزل قوله تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب قالوا لا نجدها فيما أوحي الى انبيائنا فقال كذبتم فنزل قوله تعالى فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم الآية قالوا انصفت فمتى نباهلك قال غدا ان شاء الله فانصرفوا وقال بعضهم لبعض ان خرج في عدة من أصحابه فباهلوه لانه غير نبي وان خرج في أهل بيته فلا تباهلوه فانه نبي صادق ولئن باهلتموه لتهلكن ثم بعث رسول الله (ص) الى
صفحہ 23