أصبحتُ من زفراتٍ لا أقومُ لها ... أشكو الرقاد إذا غيري شكا السهدا
قال أبو نواس الحسن بن هاني:
سقى الله ظبيًا مبدي الغنجِ في الحظر ... يميسُ كغصن البانِ من دقة الخصرِ
بعينيه سحرٌ ظاهرٌ في جفونه ... وفي نشره طيبٌ كفائحة العطرِ
هو البدرِ إلا أن فيه ملاحة ... بتفتير لحظ ليس للشمس والبدر
ويضحك عن ثغر مليحٍ كأنه ... حبابُ عقار أو نقي من الدر
فعذبٌ ثناياه وكالخمر ريقه ... ووجنتهُ والخمر في رقة الخمر
جفاني بلا جرم إليه اجترمتهُ ... وخلفني نضوًا خليًا من الصبرِ
سقى الله أيامًا ولا هجر بيننا ... وعودُ الصبا يهتز في ورق خضرِ
وسقيًا لأيام مضت وهي غضة ... ألا ليتها عادت ودامت إلى الحشر
غدوت على اللذات منهتك الستر ... وأفضت بنات ... مني إلى الجهر
رأيتُ الليلي مرصدات ... ... مبادرة الدهر
رضيتُ من الدنيا بكأس وشادنٍ ... ............ فطن الفكر
صحيح مريض الجفن مدنٍ مباعدٌ ... يميت ويحيى بالوصالِ وبالهجرِ
كأنَّ ضياء الشمس..... ... ..... بين الترائب والخصرِ
إذا ما بدت.... ... تطلع منها صورةُ القمر البدرِ
وله أيضًا:
أقول لها بخلت.... ... فجودي في المنام لمستهامِ
فقالتْ ليس وصرت تنام أيضًا ... وتطمع أنْ أزورك في المنامِ
وله أيضًا:
يا قمر الليل إذا أظلما ... هل ينقص التسليم من سلما
قد كنت ذا وصل فمن ذا الذي ... علمك الهجران لا علما
إنْ كنت لي بين الورى ظالمًا ... رضيت أن تبقى وأن تظلما
وله أيضًا:
وجارية لها شكل الغواني ... فتاةُ السنَّ في زي الغلامِ
أقول لها وقد هجع الندامى ... ألا ردي فؤادي المستهامِ
فقالت منْ: فقلت ... ... فقالت متى أدخلتَ نفسك في....
فقلتُ لها غلبتِ على فؤادي ... لما أظهرتِ من دالٍ ولامِ
فقالت لي هجعتَ رأيت خيرًا ... أراك رأيت هذا في المنام
وله أيضًا:
جنانُ تسبني ذكرتْ ... وتزعمُ أنني ملقٌ خبيثُ
وإنَّ مودتي كذبٌ ومينٌ ... وإني للذي أهوى نتوثْ
وليس كذا ولا ردا عليها ... ولكن الملول هو النكوث
ولي قلبٌ ينازعني إليها ... وشوقٌ بين أضلاعي حثيثُ
رأتْ كلفي بها ودوامَ وجدي ... فملتني كذا كانَ الحديثُ
وله أيضًا:
طفلةٌ خودٌ رداحُ ... هامَ قلبي بهواها
قدها أحسن قدِّ ... سلوا من قد رآها
ما براها الله إلاَّ ... فتنةً حين براها
تنثر الدر إذا غنتْ ... علينا شفتاها
وترى للعودِ زهوًا ... حين تحويه يداها
هي همي ومنائي ... ليتني كنتُ مناها
وله أيضًا:
أتاني عنك سبك لي فسبي ... أليس جرى بفيك اسمي، فحسي
فقولي ما بدا لكِ أن تقولي ... فماذا كله إلا لحبسي
وله أيضًا:
يعزُّ عليَّ أنْ تجدي كوجدي ... لأن الحبّ أهونه شديد
رأيتُ الحبَّ نيرانًا تلظى ... قلوبُ العاشقين لها وقودُ
فليت لها أن احترقت تفانت ... ولكن كلما احترقت تعودُ
كأهل النار إنْ نضجتْ جلودٌ ... أعيدتْ للشقاء لهم جلودُ
وله أيضًا:
مالي وللناسِ كم يلحونني سفهًا ... ديني لنفسي ودينُ الناس للناسِ
الله يعلمُ ما تركي زيارتكم ... إلا مخافةَ أعدائي وحراسي
ولو قدرتُ على الإتيان جئتكم ... سحبًا على الوجه لا مشيًا على الرأس
وله أيضًا:
فديتكِ ليس لي عنكِ انصرافُ ... ولا لي في الهوى منك انتصافُ
وصالكَ عندي الشهد المصفى ... وهجركِ عندي السمُّ الزعافُ
أطوف بقصركم في كلِّ يوم ... كأنّ لقصركم خلقَ الطوافُ
فلولا حبكم للزمتُ بيتي ... ففي بيتي لي الراحُ السلافُ
وله أيضًا:
أيا منْ لا يرامُ له كلامُ ... فكيف سوى الكلام إذن يرامُ
ولا التسليمُ إلا من بعيدٍ ... فيشملني مع القوم السلامُ
أحبُّ اللوم فيها ليس إلا ... لذكرهم اسمها فيما ألامُ
1 / 59