أشجان رومانية
الهجرة
الشمال والغرب والجنوب أقطارها تتصدع، وعروشها تنثل، وممالكها تنهار، فاهجرها! وامض إلى الشرق الطهور تستروح الطيب من الآباء الطيبين، ويرد عليك صباك بالحب والنشوة والغناء حكيم المشرق القائم على عين الحياة.
هنالك بالطهر والإنصاف أنشد الرجعى إلى أصول بني آدم، إلى الأزمان التي كان فيها الملأ يتلقون من الله كلمة الحق السماوية منزلة في اللغات الأرضية، لا يقدحون فكرا، لا يكدون ذهنا، إلى تلك الأزمان التي كان فيها الملأ يبجلون السلف وينهون عن كل دين غريب.
أريد التملي بهذه الطبائع الفطرية في عصور الفطرة: إيمان واسع وفكر ضيق لهما من الشأن ما للكلمة، فإنها كلمة منزلة.
أريد معاشرة الرعاة، والترويح عن النفس في ظلال الواحة، أرتحل مع القوافل وأتجر في «الشمل» والبن والمسك والطيب.
أريد أن أطرق كل سبيل من البادية إلى الحضر.
وسيان أصعدت في الوعوث أم هبطت في الوهود، فإن أغانيك يا «حافظ» تؤنسني أغانيك التي يترنم بها المرشد على ظهر برذونه مأخوذا طربا، وكأنما يوقظ بها النجوم الوسنى، ويرهب قطاع الطريق.
في حمامات الشرق وبين جدران الخان أريد أن أذكرك يا «حافظ» الملهم، وقد أماطت حبيبتي لثامها وتضوع من غدائر شعرها عبير الند والعنبر. أجل، ما أحرى بث الشاعر أن يبعث العشق حتى في قلب حورية من حور الجنان!
وإذا كنتم تنقمون عليه ذلك أدنى نقمة، فاعلموا أن كلمات الشاعر لا تفتأ تحوم حول جنة الخلد طارقة أبوابها تطلب الخلود.
نامعلوم صفحہ