تذکر فی افضل اذکار
التذكار في أفضل الأذكار من القرآن الكريم
اصناف
قال المؤلف رحمه الله: قوله يجهر به هو تفسير أم سلمة وأبي هريرة رضي الله عنهما ويدل على صحة هذا ما رواه ابن ماجه في سننه قال: حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني حنظلة بن أبي سفيان أنه سمع عبد الرحمن بن سابط الجمحي يحدث عن عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء ثم جئت فقال: ((أين كنت))؟ قالت: كنت أسمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد, قالت: فقام وقمت معه حتى استمع له ثم قال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة, الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) ووجه الدليل منه قولها لم أسمع مثل قراءته وصوته ولم تقل مثل ترجيعه وتطريبه وتغنيه والله أعلم. وقد احتج أبو الحسن بن بطال لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى فقال: وقد رفع الأشكال في هذه المسألة ما رواه ابن أبي شيبة قال: ثنا زيد بن الحباب قال: ثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تعلموا القرآن وغنوا به واكتبوه فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من المخاض من العقل)).
قال المؤلف رحمه الله: وهذا الحديث وإن صح سنده فقد عارضه غير ما حديث حسبما تقدم وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من بيان قراءته على أنه يحتمل أن يكون معنى وغنوا به أي الهجوا بتلاوته وذكره كما تقدم.
والدليل على هذا ما يعلم على القطع والبيان من أن قراءة القرآن بلغتنا متواترة جيلا فجيلا إلى العصر الكريم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيها تلحين ولا تطريب مع كثرة المتعمقين في مخارج الحروف وفي المد والإظهار والإدغام وغير ذلك من كيفية القراءات. ثم إن في الترجيع والتطريب همز ما ليس بمهموز ومد ما ليس بممدود فترجيع الألف الواحدة ألفات والشبهة الواحدة شبهات فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن وذلك ممنوع وإن وافق ذلك موضع نبر صيروها نبرات وهمزات والنبرة حيث ما وقعت من الحروف إنما هي همزة واحدة لا غير إما ممدودة وإما مقصورة. فإن قيل: فقد روى عبد الله بن المغفل قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له عام الفتح على راحلته فرجع في قراءته؟ وذكر البخاري قال في صفة الترجيع أثلاث مرات؟ قلنا ذلك محمول على إشباع المد في موضعه ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هذا المركوب وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه.
صفحہ 129