الوجود. فإنه إن رفعت طبيعة الإمكان كانت طبيعية الامتناع أو طبيعية وجوب الوجود ، ووجوب الوجود لا يصح إلا لذات واحدة ، فلا يكون إذن موجود غيره.
النفس تحرك هذه المادة كما تحرك نفوس الأفلاك أجسامها. فكما أن تلك النفوس لا تحرك لتحصيل ما تحتها ، فكذلك هذه النفوس الأرضية لا تحرك لتحصيل المزاج أو غير المزاج من أحوال البدن ، بل لتكون على أفضل ما يمكن أن تكون عليه فيكون هذا من توابع ذلك الطلب ، فلذلك قيل : إن النفس هى الغاية. فالنفس تحرك لذاتها لأنها هو لا لشىء آخر ، وغايتها الشخصية هى أن تكون على أفضل ما يمكن أن تكون عليه. النفس إذا أدركت شيئا فإنها تطلب الاستكمال لا لتدرك ذات الشىء المدرك بل يكون ذلك من توابع ذاك.
النفس النباتية من الإنسان هى فى البدن فلا يصح أن يحصل فيها شىء لا يكون فى البدن. والمزاج وترتيب الأعضاء والأشكال والهيئات إنما تحصل فى النباتية مع حصولها فى البدن ، وهذه تحصل فى البدن بعد الحركة. فلهذا لا يصح أن تكون هذه الأشياء غايات بل هى من توابع الغايات ، والغاية التي يصح أن تكون فى النفس طلب الكمال الذي هذه من توابعه.
(20 ب) كل حالة من الأحوال الجسمانية فهى تابعة لكمال وذلك الكمال هو النفس.
النفس تحرك إلى غاية لها فى ذاتها ، وغايتها أن تكون على أفضل ما يمكن أن تكون عليه ، وغايتها التي لها فى ذاتها هى مطلوبها. والغاية إما أن تكون فى الأعيان أو فى نفس المحرك. ويجب أن يكون لكل حركة غاية متعينة إليها يتحرك الشىء تكون إما حاصلة فى الأعيان أو فى نفس المتحرك.
** برهان فى إثبات النفس مأخوذ من جهة غاية حركة العناصر إلى
الاجتماع المؤدى إلى وجودالنفس :
لما كانت الحركة تحصل بعد وجود الغايات فى الأعيان كالجهات أو فى نفس المحرك ، كما يكون فى نفس البناء ، وكان واجبا أن تكون الغاية الجزئية موجودة حتى يصح وجود حركة جزئية ، وجب أن تكون حركة العناصر إلى الاجتماع لغاية أخرى غير الاجتماع ، فإن الاجتماع يحصل بعد الحركة ، وتلك الغاية هيئة يصح وجودها وتكمل بالبدن ويكون الاجتماع والمزاج والتركيب والأشكال وغير ذلك من الأحوال التي تحصل للبدن بعد الحركة من توابع تلك الغاية ، وتلك الغاية هى بعينها المحركة ، فتكون فاعلة للحركة وغاية لها. والفاعل والغاية هما واحد فى الإنسان وهو النفس.
صفحہ 63