طربا واستحسانا، بناء على أن ما ألقي إليهم هو بنات أفكار المتقدمين، حتى إذا علموا أن ذلك لبعض أبناء عصرهم استحالوا على الفور ونكصوا على الأعقاب وانقلب استحسانهم استقباحا وادعوا (مع إصرارهم على الاستحسان) أن صدور مثل ذلك عن عصري (أمر) مستبعد، فباؤوا من هذه الفعلة بسوء الأحدوثة، وتلطخوا من قبح الصنيع بعار لا يغسل دنسه إلا البحر، وما الحامل لهم على ذلك إلا حسد ذميم وبغي مرتعه وخيم؛ ولهذا عقب المصنف هذا الكلام بالاستعاذة من الحسد الذي وصفه بما وصف في قوله: "أعاذنا الله من حسد" والحسد: هو ظلم ذي النعمة بتمني زوالها عنه وصيرورتها إلى الحاسد مشعرة به، إذ الإنصاف هو الجري على سنن الاعتدال والاستقامة على طريق الحق. وهذا الوصف لا يتأتى وجوده مع الحسد ضرورة أنه لازم للانحراف عن سنن الحق فلا اعتدال معه، فهو ساد لباب الإنصاف بلا شك. والغرض من الإتيان بهذا الوصف التأكيدي النداء على كمال بشاعة الحسد
1 / 55