193

تعلیق علی موطأ

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

تحقیق کنندہ

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

ناشر

مكتبة العبيكان

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

الرياض - المملكة العربية السعودية

اصناف

بِضدِّ ذلِكَ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ إِخْبَارٌ لَا دُعَاءٌ، وَهَذَا خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لأنَّه إِنَّمَا يُقَالُ في الغَنِيِّ: أَتْرَبَ، وأَمَّا تَرِبَ فَلَا تُقَالُ إلَّا في الفَقْرِ.
وإِنَّمَا ذَهَبَ الفُقَهَاءُ إلى هَذَا فِرَارًا مَنْ أَنْ يَقُوْلُوا: دُعَاءٌ عَلَيهِ، وَكَأَنَّهُم اعتَقَدُوا أَنه إِذَا دَعَا عَلَى أَحَدٍ بِمَكْرُوْهٍ أَصَابَ ذلِكَ المَكْرُوْهُ، وهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَينِ؛ أَحَدُهُمَا في اللُّغَةِ، والآخَرُ في التَّأْويلِ.
أَمَّا اللُّغَةُ فَلأنَّ العَرَبَ قَدْ تَسْتَعْمِلُ الدُّعَاءَ عَلَى الإِنْسَانِ وَلَا يُرِيدُوْنَ وُقُوْعَهُ بِهِ فَيَقُوْلُوْنَ: "أَخْزَاهُ اللهُ مَا أَشْعَرَهُ" و"قَاتَلَهُ اللهُ مَا أَفْصَحَهُ" وَيَقُوْلُوْنَ: "لَا أَبَ لَكَ" وَ"لَا أُمَّ لَكَ" و"لَا أَرْضَ لَكَ" و[لَا] يُرِيدُوْنَ نَفْيَ ذلِكَ عَنْهُ. قَال ابْنُ جِنِّي: نَظَرَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى ثَوْبٍ فَقَال: مَا لَهُ مَحَقَهُ اللهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ؟ فَقَال: إِنَّا إِذَا اسْتَحْسَنَّا شَيئًا دَعَوْنَا عَلَيهِ.
وأَمَّا التَّأويلُ: فَلأنهُ لَيسَ جَمِيع دُعَائِهِ ﷺ وقَعَ بالمَدْعُوِّ عَلَيهِ، بِدَلِيلِ قَوْلهِ ﵇: "اللَهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَمَنْ دَعَوْتُ عَلَيهِ بِدَعْوَةٍ فَاجْعَلْ دَعْوَتِي عَلَيهِ رَحْمَةً لَهُ" وأَمَّا قَوْلُهُ [ﷺ]: "فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" (١). فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ مِنْ هَذَا البَابِ، وَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ دُعَاءً بالمَكْرُوْهِ، وَكَأَنَّهُ خَاطَبَ بِذلِكَ مَنْ آثَرَ ذَوَاتِ المَالِ والحَسَبِ والجَمَالِ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ. وَمِنَ العُلَمَاءِ مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ في الكَلَامِ حَذْفًا، كَأَنَّهُ قَال: تَرِبَتْ يَدَاكَ إِنْ فَاتَكَ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ، ويَجْعَلُهُ خَبَرًا لَا دُعَاءً.
- ويُقَالُ: "شِبْهٌ" و"شَبَهٌ".
-[قَوْلُهُ: "يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ امْرَأَتِهِ" [٨٦]. المَشْهُوْرُ في البَقِيَّةِ مِنَ المَاءِ وغَيرِهِ أَنْ يُقَال: فَضْلَةٌ، وأَمَّا قَوْلُهُم: فيه فَضْلٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ اسْمًا لِلشْيءِ

(١) في الأصل: "يدك".

1 / 97