تعبیریت میں شاعری، کہانی اور ڈرامہ
التعبيرية في الشعر والقصة والمسرح
اصناف
وتتصايح وتصرخ منهومة كالمجانين،
وتملأ البيت ومخازن الغلال،
الرياح الثلجية تعول في الظلام.
ولكن تراكل يبعدنا بعض الشيء عن التعبيريين، لا لأنه يتجاوز حدود المدارس والتيارات والحركات الأدبية كما يفعل أي شاعر عبقري، بل لأن لغته الموحية الهامسة تخلو من صرخاتهم العالية وكلماتهم الثائرة، وإشاراتهم وصيغهم القريبة المباشرة.
ولذلك فإن قصائده المنسجمة الهادئة أشبه بالجزر العجيبة الساكنة وسط الطوفان. •••
لنرجع الآن إلى التعبيريين الخلص، وأول من يخطر على بالنا هو جوتفريد بن (1896-1956) وشعره (على الأقل في مرحلته المبكرة) يضعنا في قالب الحركة التعبيرية . لقد كان طبيبا مختصا بمعالجة الأمراض الجلدية والتناسلية؛ ولذا فلن يدهشنا أن نجد في قصائده الأولى كثيرا من ظواهر المرض والتشوه والقبح، ونصادف فيها الأورام البشعة والقروح المنفرة، والجثث البائسة في المستشفيات والعنابر والمشارح، وكأنما استحالت هذه العنابر والمشارح إلى مسرح فظيع يعرض عليه الشاعر تعاسة البشر ويأسهم في أسلوب بارد وناصع كالثلج.
و«بن» من أبرز الشعراء الذين ينطبق عليهم المبدأ الذي سيطر على الشعر الحديث بعد بودلير وجعله يتخلص بالتدريج من آثار الرومانتيكية، وأعني به تجرد الشاعر (والرسام والموسيقي!) من العواطف البشرية الساذجة، وتعمده أن يكون متزنا دقيقا غير عاطفي، وتخليه عن كل ما يصفه الفيلسوف الإسباني «أورتيجا» جاسيت بالنزعة البشرية - أي تعبيره عن عواطفه وأفكاره - عن طريق ما يقابلها من أشياء واقعية في العالم الخارجي، وهو ما يسميه أيضا الشاعر الناقد الإنجليزي «إليوت» بالمعادل الموضوعي.
و«جوتفريد بن» يكتب شعرا أبعد ما يكون عن العاطفة، بل إنه يبلغ في هذا أقصى ما يمكن أن يتصوره عقل؛ إنه يرد روح الإنسان العاقل وفكره وعلمه إلى أصلها الجسدي، والجسد بدوره يرد إلى العفن والورم والتشوه والسرطان؛ أي إلى كل قبيح فيه، ويصبح العقل الذي طالما مجده الحكماء باطل الأباطيل، والروح التي تغنى بها الشعراء على مر الزمان نوعا من الانحراف في سنن الطبيعة وصورة من صور التحول الفاسد التي لا تلبث أن تختفي من جديد!
وليس من الغريب أن تكثر في شعره رؤى السقوط والانهيار والمرض والتحلل، وتغلب عليه لغة العلم الموضوعية الباردة، لا بل لغة الطبيب الجراح الذي يشق الجلد بلا رحمة ليكشف عما وراءه من أهوال المرض. كل هذا في أسلوب الاصطلاحات العلمية المتخصصة والكلمات الدارجة المشتقة من لغة الشارع، يصفها بجوار كلمات أخرى شاعرية عذبة الرنين، مأخوذة من التراث الرومانتيكي والكلاسيكي. إن الشاعر - مثله في هذا مثل أغلب الشعراء المحدثين - يتعمد أن يصدم القارئ بموضوعه وأسلوبه معا؛ فموضوعاته تثير الخوف والاشمئزاز على الدوام، ولغته قوية حافلة بالصور، شديدة التركيز على الأسماء دون الأفعال، تعتمد على المفاجأة والمونتاج وصف الأشياء إلى جانب بعضها البعض لإبراز رؤياه للقيم المتحطمة والحياة الممزقة والواقع المشوه (ولعله في هذه النزعة العدمية أن يكون وريث نيتشه، وإن خلا مع ذلك من جلاله وغضبه المقدس وإيمانه بالحياة واحتقاره للثقافة والمثقفين!) ولعل أوضح ما يدل على عالم «بن» الشعري هو عناوين قصصه ودواوينه ... ويكفي أن نذكر منها هذه الأسماء: أمخاخ (قصص) مشرحة، لحم، أنقاض، تخدير، صدع ... إلخ. ويكفي أيضا أن نقدم له القصيدتين التاليتين ليجد فيهما القارئ نماذج توضح الكلام السابق، هذه أولا قصيدة عنوانها: رجل وامرأة يمران في عنبر السرطان:
الرجل :
نامعلوم صفحہ