Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
ناشر
دار الأدب الاسلامي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اصناف
وَأَشْرَعُوا (١) لَهُ أَبْوَابَ بُيُوتِهِمْ لِيَنْزِلَ فِيهَا أَعَزَّ مَنْزِلٍ.
لَكِنَّ الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَضَى فِي ((قُبَاءَ)) (٢) مِنْ ضَوَاحِي المَدِينَةِ أَيَاماً أَرْبَعَةً، بَنَى خِلَالَهَا مَسْجِدَهُ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى.
ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا رَاكِباً نَاقَتَهُ، فَوَقَفَ سَادَاتُ(( يَثْرِبَ)) (٣) فِي طَرِيقِهَا، كُلٌّ
يُرِيدُ أَنْ يَظْفَرَ بِشَرَفِ نُزُولِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ...
وَكَانُوا يَعْتَرِضُونَ النَّاقَةَ سَيِّدًا إِثْرَ سَيِّدٍ، وَيَقُولُونَ:
أَقِمْ عِنْدَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي العَدَدِ وَالعُدَدِ وَالمَنَعَةِ (٤).
فَيَقُولُ لَهُمْ: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ).
وَتَظَلُّ النَّاقَةُ تَمْضِي إِلَى غَايَتِهَا تَتْبَعُهَا العُيُونُ، وَتَحُفُّ بِهَا الْقُلُوبُ...
فَإِذَا جَازَتْ مَنْزِلاً حَزِنَ أَهْلُهُ وَأَصَابَهُمُ الْيَأْسُ، بَيْنَمَا يُشْرِقُ الأَمَلُ فِي نُفُوسِ مَنْ يَلِيهِمْ.
وَمَا زَالَتِ النَّاقَةُ عَلَى حَالِهَا هَذِهِ، وَالنَّاسُ يَعْضُونَ فِي إِثْرِهَا، وَهُمْ يَتَلَهَّفُونَ شَوْقاً لِمَعْرِفَةِ السَّعِيدِ المَحْظُوظِ؛ حَتَّى بَلَغَتْ سَاحَةً خَلَاءً أَمَامَ بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَارِيِّ، وَبَرَكَتْ فِيهَا...
لَكِنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَنْزِلْ عَنْهَا...
فَمَا لَبِثَتْ أَنْ وَثَبَتْ وَانْطَلَقَتْ تَمْشِي، وَالرَّسُولُ صلى الله عَلَيْهِ وسلم مُرْخٍ لَهَا زِمَامَهَا (٥)،
ثُمَّ مَا لَبِثَتْ أَنْ عَادَتْ أَدْرَاجَهَا وَبَرَكَتْ فِي مَبْرَكِهَا الأَوَّلِ.
(١) أشرعوا: فتحوا.
(٢) قُباء: قرية تبعد عن المدينة نحو ميلين.
(٣) يثرب: المدينة المنورة.
(٤) المنعة: القوّة التي تُمْنَع من يريدُه بسوء.
(٥) زمامها: أي رسن الناقة، الحبل الذي تقاد به.
67