Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
ناشر
دار الأدب الاسلامي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اصناف
هَزَمَ مُسَيْلِمَةُ أَوَّلَ جَيْشٍ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ بِقِيَادَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ(١) وَرَدَّهُ عَلَى أَعْقَابِهِ.
فَأَرْسَلَ لَهُ الصِّدِّيقُ جَيْشاً ثَانِياً بِقِيَادَةِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، حَشَدَ فِيهِ وُجُوهَ الصَّحَابَةِ مِنَ الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ فِي طَلِيعَةِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ البَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَنَفَرٌ مِنْ كُمَاةِ الْمُسْلِمِينَ.
***
الْتَقَى الجَيْشَانِ عَلَى أَرْضِ ((الْيَمَامَةِ)) فِي ((نَجْدٍ))، فَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ، حَتَّى رَجَحَتْ كَفَّةُ مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَزُلْزِلَتِ الأَرْضُ تَحْتَ أَقْدَامِ جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ، وَطَفِقُوا يَتَرَاجَعُونَ عَنْ مَوَاقِعِهِمْ، حَتَّى اقْتَحَمَ أَصْحَابُ مُسَيْلِمَةَ فُسْطَاطَ(٢) خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، وَاقْتَلَعُوهُ مِنْ أَصُولِهِ، وَكَادُوا يَقْتُلُونَ زَوْجَتَهُ لَوْلَا أَنْ أَجَارَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ.
عِنْدَ ذَلِكَ شَعَرَ الْمُسْلِمُونَ بِالخَطَرِ الدَّاهِمِ(٣)، وَأَدْرَكُوا أَنَّهُمْ إِنْ يُهْزَمُوا أَمَامَ مُسَيْلِمَةَ فَلَنْ تَقُومَ لِلإِسْلَامِ قَائِمَةٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَلَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ في جَزِيرَةِ العَرَبِ.
وَهَبَّ خَالِدٌ إِلَى جَيْشِهِ، فَأَعَادَ تَنْظِيمَهُ، حَيْثُ مَيَّزَ المُهَاجِرِينَ عَنِ الأَنْصَارِ، وَمَيَّزَ أَبنَاءَ البَوَادِي عَنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.
وَجَمَعَ أَبْنَاءَ كُلِّ أَبٍ تَحْتَ رَايَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ، لِيُعْرَفَ بَلَاءُ كُلِّ فَرِيقٍ فِي المَعْرَكَةِ، وَلِيُعْلَمَ مِنْ أَيْنَ يُؤْتَى(٤) الْمُسْلِمُونَ.
***
(١) عكرمة بن أبي جهل: انظره ص ١١٧.
(٢) الفسطاط: الخيمة الكبيرة.
(٣) الخطر الداهم: الخطر الشديد المفاجئ.
(٤) يُؤْتى المسلمون: من أينَ يصابون.
53