41

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

ناشر

دار الأدب الاسلامي

ایڈیشن نمبر

الأولى

وَيَتَفَجّعَانِ(١) عَلَى عُظَمَاءٍ قُرَيْشٍ مِمَّنْ قَتَلَتْهُمْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ وَغَيَّبَهُمُ ((القَلِيبُ))(٢) فِي أَعْمَاقِهِ ... فَتَنَهَّدَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَقَالَ:

لَيْسَ - وَاللَّهِ - فِي العَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ.

فَقَالَ عُمَيْرٌ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ ... ثُمَّ سَكَتَ قَلِيلاً، وَقَالَ:

وَرَبِّ الكَعْبَةِ لَوْلَا دُيُونٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَقْضِيهَا بِهِ، وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيَاعَ مِنْ بَعْدِي، لَمَضَيْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَقَتَلْتُهُ، وَحَسَمْتُ أَمْرَهُ، وَكَفَفْتُ شَرَّهُ ...

ثُمَّ أَتْبَعَ يَقُولُ بِصَوْتٍ خَافِتٍ:

وَإِنَّ فِي وُجُودِ ابني وَهْبٍ لَدَيْهِمْ مَا يَجْعَلُ ذَهَابِي إِلَى ((يَثْرِبَ)) أَمْرَأَ لَا يُثِيرُ الشُّبُهَاتِ.

***

اغْتَنَمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ كَلَامَ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ؛ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُفَوِّتَ هَذِهِ الفُرْصَةَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ وَقَالَ: يَا عُمَيْرُ، اجْعَلْ دَيْنَكَ كُلَّهُ عَلَيَّ، فَأَنَا أَقْضِيهِ عَنْكَ مَهْمَا بَلَغَ ...

وَأَمَّا عِيَالُكَ فَسَأَضُمُّهُمْ إِلَى عِيَالِي مَا امْتَدَّتْ بِي وَبِهِمُ الحَيَاةُ ...

وَإِنَّ فِي مَالِي مِنَ الكَثْرَةِ مَا يَسَعُهُمْ جَمِيعاً، وَيَكْفُلُ لَهُمُ العَيْشَ الرَّغِيدَ.

فَقَالَ عُمَيْرٌ: إِذَنْ، اكْتُمْ حَدِيثَنَا هَذَا وَلَا تُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً.

فَقَالَ صَفْوَانُ: لَكَ ذَلِكَ.

***

(١) يتفجّعان: يظهران الوجع مما أصابهما.

(٢) القليب: بئر دُفن فيه قتلى المشركين يوم بَدْر.

45