Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
ناشر
دار الأدب الاسلامي
ایڈیشن
الأولى
اصناف
وَلَوْ أَنَّكَ مَضَيْتَ فِي قِرَاءَتِكَ لَرَآهَا النَّاسُ وَلَمْ تَسْتَرْ مِنْهُمْ(١).
***
وَكَمَا أُولِعَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أُولِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكَانَ - كَمَا حَدَّثَ عَنْ نَفْسِهِ - أَصْفَى مَا يَكُونُ صَفَاءً، وَأَشَدَّ مَا يَكُونُ شَفَافِيَةً وَإِيمَانًا حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ أَوْ يَسْمَعُهُ...
وَحِينَ يَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ يَخْطُبُ أَوْ يُحَدِّثُ.
وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَمَنَّى أَنْ يَمَسَّ جَسَدُهُ جَسَدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَنْ يُكِبَّ عَلَيْهِ لَائِمًا مُقَبِّلًا.
وَقَدْ أُتِيحَ(٢) لَهُ ذَلِكَ ذَاتَ مَرَّةٍ.
فَفِي ذَاتِ يَوْمٍ كَانَ أُسَيْدٌ يُطْرِفُ القَوْمَ بِمُلَحِهِ(٣)، فَغَمَزَهُ(٤) رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي خَاصِرَتِهِ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَسْتَحْسِنُ مَا يَقُولُ.
فَقَالَ أُسَيْدٌ: أَوْجَعْتَنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (اقْتَصَّ مِنِّي يَا أُسَيْدُ).
فَقَالَ أُسَيْدٌ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ قَمِيصٌ حِينَ غَمَزْتَنِي.
فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَمِيصَهُ عَنْ جَسَدِهِ، فَاخْتَضَنَهُ أُسَيْدٌ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ مَا بَيْنَ إِبْطِهِ وَخَاصِرَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا لَغَايَةٌ كُنْتُ أَتَمَنَّاهَا مُنْذُ عَرَفْتُكَ، وَقَدْ بَلَغْتُهَا الآنَ.
(١) ورد أصل هذا الخبر في البخاري ومسلم.
(٢) أُتيح له: يُسِّرَ له ومُكِّنَ منه.
(٣) بملحه: بطرائفه ونكته.
(٤) غمزه بيده: طعنه بها.
173