Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
ناشر
دار الأدب الاسلامي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اصناف
ثُمَّ لَفَظَ أَنْفَاسَهُ الأَخِيرَةَ، وَبِهِ مَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ إِحْصَاءَهُ مِنْ ضَرَبَاتِ السُّيُوفِ وَطَعَنَاتِ الرِّمَاحِ.
***
عَادَتْ قُرَيْشٌ إِلَى مَكّةَ، وَنَسِيَتْ فِي زَحْمَةِ الأَحْدَاثِ الجِسَامِ خُبَيْباً وَمَصْرَعَهُ.
لَكِنَّ الفَتَى اليَافِعَ(١) سَعِيدَ بْنَ عَامِرِ الجُمَحِيَّ لَمْ يَغِبْ خُبَيْبٌ عَنْ خَاطِرِهِ لَحْظَةً.
كَانَ يَرَاهُ فِي حُلُمِهِ إِذَا نَامَ، وَيَرَاهُ بِخَيَالِهِ وَهُوَ مُسْتَيْقِظٌ، وَيَمْثُلُ أَمَامَهُ وَهُوَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ الهَادِئَتَيْنِ المُطْمَئِنَّتَيْنِ أَمَامَ خَشَبَةِ الصَّلْبِ، وَيَسْمَعُ رَنِينَ صَوْتِهِ فِي أُذُنَيْهِ وَهُوَ يَدْعُو عَلَى قُرَيْشٍ، فَيَخْشَى أَنْ تَصْعَقَهُ صَاعِقَةٌ؛ أَوْ تَخِرَّ عَلَيْهِ صَخْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ.
ثُمَّ إِنَّ خُبَيْباً عَلَّمَ سَعِيداً مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ قَبْلُ...
عَلَّمَهُ أَنَّ الحَيَاةَ الحَقَّةَ عَقِيدَةٌ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ العَقِيدَةِ حَتَّى المَوْتِ.
وَعَلَّمَهُ أَيْضاً أَنَّ الإِيمَانَ الرَّاسِخَ يَفْعَلُ الأَعَاجِيبَ، وَيَصْنَعُ المُعْجِزَاتِ.
وَعَلَّمَهُ أَمْراً آخَرَ، هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُحِبُّهُ أَصْحَابُهُ كُلَّ هَذَا الحُبِّ إِنَّمَا هُوَ نَبِيٌّ مُؤَيَّدٌ مِنَ السَّمَاءِ.
عند ذلك شرح الله صدر سعيد ابن عامر الي الاسلام ، فقام في ملاء(2) من الناس ،واعلن براءته من اثام قريش واوزارها ،وخلعه لاصنامها واوثانها ودخوله في دين الله .
عِنْدَ ذَلِكَ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ إِلَى الإِسْلَامِ، فَقَامَ فِي مَلَإٍ(٢) مِنَ النَّاسِ، وَأَعْلَنَ بَرَاءَتَهُ مِنْ آثَامِ قُرَيْشٍ وَأَوْزَارِهَا، وَخَلْعَهُ لِأَصْنَامِهَا وَأَوْثَانِهَا وَدُخُولَهُ فِي دِينِ اللَّهِ.
***
(١) اليافع: الَّذِي قارب البلوغُ.
(٢) ملإِ من النّاسِ: جموعٍ مِنَ النَّاسِ.
19