============================================================
وكان بقال : الموثوق مرموق ، والأمين بالمودة قمين(1).
لوكان يقال : الإحسان والأمانة مملقان ، بكل لسان نافقان ، عند كل إنسان .
قيل : وكان الراعى يأوى عند المقيل (4) إلى صومعة(2) راهب فيقيل فى ظلها، ويكثر التاوه والأنين لما يناله من النصب فيما يعانيه ، وكثر ذلى منه على الراهب إلى أن خامرته له رقة ، فاطلع عليه يوما فقال له : أيها الراعى مالى أسمعك تكثر الأنين والتأوه؟
فقال الراعى : ذلك لما أتجشمه(4) من حفظ هذه البقرة ، والذب عنها وتتبع المراعى الخصيبة بها، فأنا أقوم من ذلك بما يعجز عنه غيرى، وأحمل على فى المشقات فى حصوله.
فقال له الراهب : وما الذى دعاك إلى الإضرار بنفسك وإصلاح سواها ونفسك أقرب اليك وأحق بسعيك؟
فقال الراعى : انى لو لم أفعل ذلك ما بلغت هذه البقرة من السمن والوفور ماترى، ولقد كانت يوم وليت أمرها قليلة العدد كثيرة العجف(5) بكية(2) الضروع، لا تزين فناء ولا تملا إناء.
فقال له الراهب : لقد حدت عن مسالتى حيدة من لم يولها اقبالا ولم يلق لها بالا، إنى إنما سالتك عن سبب حملك على نفسك لغيرها وايثارك من سواها بخيرها، فأخبرتى بشديد عناتك وسديد اعتائى، فأخبرنى الآن عما أفادك د عيى وسديد رعياق فقال الراعى : افادنى الغنى بهذه البقر؛ لأنى آكل من لحوم ما سقط منها ما شنت، وأطعم ما شئت، وأتصرف فى آلبانها وغير ذلك من منافعها تصرف المالكين، وأنتجع بها من الأرض حيث شنت، فهى على الحقيقة لى وبيدى .
(1) اى خليق وجدير.
(2) وقت القيلولة (الظهيرة).
(2) المكان فى الجبل يسكنه الراهب بقصد الخلوة للعبادة .
(4) اى أعانيه وأتكلفه .
5) العجف : الضعف والهزال .
(6) أى قليلة اللبن .
صفحہ 148