حتى لا يدرى كيف يأخذ الأفروطاسيسة. وإن كانتا اثنتين لم ندر أيهما نختار، وعن أيتهما نسأل. ومثال ذلك: ينبغى أن يطاع الآباء فى كل شىء، أو يعصوا فى كل شىء، ويطاعون مرارا فى الكثير أو يعصون قليلا فى القليل؟ وأى ذلك أوفق: القليل أم الكثير، لا سيما إن كان أكثر ذلك محمولا على الاضطرار، لأنا إذا جمعنا بين الأضداد عند ذلك ما يظهر الكثر والأقل، والأعظم والأصغر، والأجود والأشر.
وأكثر ما يصير من التضليل ضيم السائل من السوفسطائيين وقرفهم من كلموا، لأنهم لا يؤلفون مقياسا، ولا يجعلون آخر كلامهم على مسئلة، ولكنهم يجعلونه بالنتيجة كمن قد ألف المقياس فيقولون: لا محالة إنه ليس كذا وكذا. ومن فعلهم أن يكون سبب الكلام غير محدود، فيجيبوا على ما يظهر منه ويضربوا عن الأصل الذى هو غير محمود؛ فإن أعطى الجواب أعطى جوابا مضللا، وإن لم يعط لم ير أن يعطى، فذلك غير محمود. وإن هو لم يجب ورأى أن الجواب واجب، فذاك منه شبيه بالتضليل.
صفحہ 890