وكيف يصح أن تكون لمصر اليد العليا على مياه السودان وهم يقولون إن ذلك الموظف الكبير الذي قام مقام وزير الأشغال إبان غيابه كتب إلى «السلطة التي تعتبر وسيطة بين الحكومتين المصرية والسودانية» فهل من طريقة لفصل السودان عن مصر أكبر من هذه الطريقة، وهل من سلطة تعطى تلك السلطة الكبرى فوق هذه السلطة؟ فالوكالة البريطانية إذن هي الحكم في ماء النيل، ومتى كانت كذلك فهي المسلطة على مصر والسودان معا.
إنا نتساءل عن ذلك لأن حياة هذه الأمة ليست قصيرة المدى، بل هي حياة خالدة تتجدد.
ونحن لا ننظر إلى اليوم الذي نعيش فيه بل إلى المستقبل الذي يضطر فيه أبناؤنا إلى طلب الرزق.
بل ماذا يعنون بقولهم: «وكذلك كان في مشروع ري الجزيرة الذي يقصد منه إرواء 300 ألف فدان، فإن الحكومة لم تقدم عليه إلا بعد مصادقة الحكومة المصرية التي لها مهندسون يرقبون المشروع المذكور الخاص بحكومة السودان، وهم مسئولون أمام الحكومية المصرية عن نتيجة أعمالهم، ويتناولون رواتبهم من خزانة مصر، أما نفقات المشروع فمن القرض الذي عقد في إنكلترا.»
فهل باستطاعة أحد ممن في الأرض أو السماء أن يقول لنا من هي الحكومة المصرية التي سمحت بإرواء 300 ألف فدان في الجزيرة؟ ومتى كان هذا السماح وما هي صيغته. أم أن هذا يعد شطرا من التقارير السرية؟ وإذا كانت الحكومة أمضت هذا التصريح فبأية سلطة أمضته؟
بل من هم المهندسون المصريون الذين يراقبون المشروع وهم مسئولون أمام الحكومة المصرية ؟
إن هذه الكلمة لا يقصد منها في الحقيقة إلا تحليل الماهية الضخمة التي تدفعها خزانة الحكومة المصرية لأولئك المهندسين الذين يخاطبون وكيل الأشغال الإنكليزي، ولا تعرف الوزارة المصرية الوطنية شيئا عنهم.
يقولون: إن تلك الأعمال التي يؤخذ بها الماء لثلاثمائة ألف فدان ينفق عليها من القرض الذي عقدض في إنكلترا، ونسوا وأغفلوا عمدا أن يقولوا إن مصر تنفق جزءا من المال على هذا المشروع كأنما مال مصر حل هضمه وأكله، وأما مال سواها فهو يسجل دينا على السودان دون علم مصر.
إن مصر أقرضت السودان المال من يوم استعادته بمالها ودماء أبنائها إلى اليوم. فلماذا لم يكن الإنفاق على هذه الأعمال من قروض مصر؟ ولماذا لا تحسب قروض مصر إلى جانب هذا القرض؟
بل ما قيمة سبعة ملايين جنيه هي القرض الإنكليزي في جانب ما أنفقت مصر في الماضي، وما تنفق الآن، وما ستنفق في المستقبل؟ •••
نامعلوم صفحہ