اعلما رحمكما الله وأمنكما قضاه ووفقكما لسلوك مناهج رشده ورضاه، أنه لما أراد الله بطلان أهل الضلال، وخذلان أولي الزيغ وهوان الجهال، إذ واظبوا على معاطاة الخمور، وتواثبوا إلى المحرمات من الأمور، وتعاهدوا على سلوك سبل الغواية والفجور، وجاهدوا على الأخذ في الملاهي وآلات الزمور، وسلك أكثرهم مسالك الفساد، وسفك معشرهم الدماء على العناد، وانتشر الفسوق، سائر البلاد، وسلك كل سلطان منهم على المظالم، وسقط ما بينهم كل مرتقى عالم، وخاض جمهورهم في بحور الغواية، وسلك مسالك الضلالة والعماية، وصاروا لم يقفوا من كتاب الله لوعظ آية إذا سمعوا آيات كتاب الله تزخرفوا وتفرقوا، وإن شاهدوا نغمات الرباب فرحوا وصفقوا، اختلف حينئذ وما ائتلف للقضاء رأي الرستاق، ومالكهم مالم بن أبي العرب فلم يكن ما بينهم اتفاق، ووقع بينهم القتل، وقلع بعضهم قلاعه المنيعة. فاستشاروا من علماء المسلمين أهل الاستقامة الشريفة، من أهل الجبال ومن حباها أن ينصبوا لهم إماما ليأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ويكون لهم مقداما، فأمعنوا النظر وجالوا الفكر لمن يكون أهلا لذلك، فاجتمعت آراؤهم على عقد إمامة السيد ناصر بن مرشد بن مالك، فأتوا إليه جميعهم فطلبوه فأجابهم إلى ذلك، فنصبوه وعقدوا عليه الإمامة في عام أربع وثلاثين وألف سنة(1) باطلاعهم على حسن سجاياه وخصاله الحسنة، ومسكنه قصرى من تلك الرستاق فطهرها من الدرن والدنس والنفاق، وعضدوه رجال اليحمد بأنفسهم وأموالهم، وأمدوه بذخائرهم وأخيارهم من رجالهم، واجتمعت آراؤهم أن يهجموا بالجيش ليلا على حصن القلعة، فليس كل منهم لأبة حربه وعزم على الطلعة، وكانوا فيها بنو عمه بعد مالك جده، فاستفتحها ولاح في وجهه نور سعده، وذلك من الله الحلول قدره السابق وحصول أمره الموافق وسيجعل الله بعد عسر يسرا. وقال المصنف شعرا:
صفحہ 4