سيرة الملوك التباعنة
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
اصناف
إلى أن نطق أحدهم هامسا في أذن الملك، مما ضاعف من سعادته: لعلها الأميرة، الجليلة؟!
فكان كلما اقترب موعد وصول موكب العروس وتوابعها من بيروت إلى دمشق، كلما تضاعفت أعباء الوزير - حنظلة - نتيجة أثقال الملك التبع المتوتر عليه بالمطالب واستكمال الاستعدادات. - ألن ننتهي اليوم؟ أما من مهرب؟
حتى إذا ما تدافعت وفود الرسل المذعورة الغارقة في سيول دمائها قبل عرقها، بل ومنهم من قطع لسانه من جذوره، عائدين معلنين الأنباء السوداء عن تعرض موكب «العروس» لعصابات قطاع الطرق، ونهب كنوزها، بل وأسرها على طريق بيروت دمشق ووصل توجس الوزير إلى أقصى مداه. - كيف حدث هذا، الجليلة؟
وهاج الملك التبع حسان وماج على طول جنبات قصره وقلاعه حين وصله الخبر، إلى حد التطاول بل والتعدي بالقتل لبعض مساعديه وحاشيته، فلم يسلم من غضبه الجارف أحد، حتى الوزير حنظلة ذاته. - لزوجتي، حليلتي، يحدث كل هذا!
بل إن حنظلة وجدها فرصة ذهبية لمواجهة التبع الغازي، وتبصيره بما ينتظره من ألاعيب أهل هذه البلاد من آل مرة والبكريين والتغلبيين، فمن الواجب عليه - أي التبع - التنبه والحرص ولو على الدم الذي أريق وسفح على مشارف تلك التلال والوديان والبقاع وصحاري الأدوميين، حتى استتب له الأمن بعد فتحها وحكمها.
إلا أن الملك لم يتح لوزيره كلمة عاقلة واحدة مواصلا هياجه كمثل جمل منتقم مفلوت العيار، وهو يسعى إلى حتفه سعيا، بكل ما أوتي من جبروت. - كيف يحدث ما حدث لزوجتي؟!
صادرا من فوره أوامره ونواهيه لكبار قواده وفيالقه وحرسه الخاص ، وكل من طالته يداه، لإنقاذ العروس وإحضارها أينما كانت.
والأدهى من ذلك أن تغيب كل قوة وحامية بسرعة الريح، ثم تمضي الساعات ولا تعود بخبر. - ما الخبر؟
هنا يشتعل غضب التبع وانتظاره أكثر فأكثر مرسلا بمجموعة أخرى في أعقابها. - ثلاثة قواد يرحلون، ولا يعود منهم أحد بالخبر اليقين؟
حتى إذا ما حط المساء جاثما، وضجت مدينة دمشق عن بكرة أبيها متندرة بعرس التبع الغازي الذي استحال إلى كارثة. - فضيحة!
نامعلوم صفحہ