قال: وسمعت الأستاذ الزاهد أبا القاسم يقول: ورد على المؤيد بالله من جيلان رجلان موصوفان بالشجاعة، أحدهما فاسق، والآخر زاهد، فبعث إلى الفاسق نزلا حسنا وبعث إلى الزاهد شيئا تافها يسيرا، فرد الزاهد مابعث إليه، وقال: بعثت إلى فلان بكذا وإلي بهذا القدر. فقال: إنما بعثت إلى الفاسق أكثر لأنه جاء للدنيا ولها يعينني، وأنت جئت تطلب الآخرة. فرضي الزاهد بعطائه، وقنع به.
وقال ابن تال، وسمعته: لما أسر الأمير شوزيل المؤيد بالله اجتمع المسلمون عنده وسألوه أن يفرج عنه، فأخرج جوشنا، وقال لهم: أحصوا المواضع التي أصابها المزراق من هذا الجوشن، فأحصوا، فبلغ نيفا وثلاثين موضعا، فقال: من يثبت في المعركة هذا الثبات كيف يفرج عنه ويخلى سبيله.
وقال: وسمعت ابن تال يقول: سمعت شيرأسفار لوراذنج يقول: لولا وقوف المؤيد بالله يوم حرب آمل مع خمسين رجلا من الثابتين لم يخلص(1) منا إلا اليسير، ثم انصرف وقال: لولا أني أخاف أن لايقتلني ويعذبني بأنواع العذاب لما انصرفت من هذا المقام.
قال: ولما دخل كلار واستولى عليها أمر وزيره أن يحرز دخل الناحية، ففعل، فكان عشرين ألف درهم ومائة ألف دينار، فقال: كل هذا ظلم إلا مائة وخمسة وتسعين دينارا جزية لأهل الذمة، ورد الجزية إلى مائة وثمانين دينارا، وترك الجميع.
قال: وسمعت ثقة يحكي أنه لما انهزمت عساكر المؤيد بالله من شوزيل، وأصابته جراحات نزل من دابته في المعركة وجلس على الأرض فقصده رجل ليقتله، فقال له رجل آخر: هذا السيد أبو الحسين. فقال : اللعين، اقتله ولو كان نبيئا، فغضب المؤيد بالله عند ذلك، ووثب في وجهه وسبه، وقال: قد كفرت ياسيء الأدب، تب إلى الله سبحانه، فخلاه الرجل وهرب.
صفحہ 15